رأي

هل سينجح بايدن بتحييد القيصر عن صراعه مع الصين؟

الثلاثاء, 15 يونيو - 2021
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

الطريق - د باسل معراوي 

هل تشكل جولة الرئيس بايدن الأوربية انتصاراً في الحرب العالمية الثالثة التي خاضتها البشرية ضدَّ فيروس كورونا؟

هل أسقط قادة العالم الكمامة..والاجتماع عبر الدارات التلفزيونية المغلقة؟

أربع قمم سيخوضها الرئيس بايدن: قمة السبع، وقمة أوربية، وقمة أطلسية ..وختامها بقمة مع الفيروس الروسي القاتل كما وصف العجوز الروسي سابقاً..

هل تشكل زيارة الرئيس بايدن تاكيداً أمريكياً على الاستمرار بقيادة العالم، وترميماً للعلاقة بين جناحي الأطلسي وإبقاء الحماية الأمريكية على القارة العجوز، التي أنقذتها في القرن الماضي من افتراس هتلر لها، وحمتها من أنياب ستالين ذلك الدب الروسي المفترس والمنتصر الذي تم إيقافه في شرق أوربا أولاً...ثمَّ تحطيم امبراطوريته ودفن حزبه على يد أبنائه.

بوتين ذلك الجنرال المراوغ والغامض القادم من أقبية المخابرات السوفييتية، هل يعي ذلك؟

هل يجيد العجوز الروسي فن لعب الشطرنج مع العجوز الأمريكي...وهل يتصور العجوز الروسي أن يقف نظيره الأمريكي موقف المتفرج من الصعود الصاروخي للتنين الصيني الاقتصادي، والذي يحاول خطف الريادة الأمريكية والغربية عموماً، التي قدمت للعالم رفاهاً اقتصادياً متضمناً الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان.

 لايخفى على أحد أنَّ اقتصاد روسيا بالكاد يوازي اقتصاد إيطاليا، وأنَّها دولة ريعية تعتمد على تصدير المواد الخام في جانب كبير من اقتصادها..ولايخفى على أحد أنَّ أمريكا أكبر قوة عسكرية واقتصادية وتكنولوجية ظهرت على سطح الكوكب.

لكن يدرك الجميع أنَّ القيصر الروسي أقوى من كلِّ سادة البيت الأبيض الذين التقاهم..

يدرك الجميع ما يحمله الرئيس بايدن في جعبته من رسائل صارمة (أدَّت به لوصف القيصر بالقاتل)..التدخل بالانتخابات الأمريكية والهجمات السيبرانية الأخيرة على مواقع هامة جدا تتعلق بمنشآت نووية، ومطاردة المعارضين الروس وقمعهم أو قتلهم أو اعتقالهم وأهمهم "نافالني" ..وسيكون التمدد الروسي المزعزع لاستقرار الجوار حاضراً أيضاً، خاصة بالملف الأوكراني ..ويمكن للرئيس الأمريكي الطلب من القيصر الروسي المساعدة في تليين مواقف صديقه الإيراني نووياً وبالستياً وإقليمياً.

وهنا، سينتظر الرئيس الأمريكي مطالب القيصر فيما يتعلق بموضوع تمدد الناتو نحو روسيا وطي صفحة العقوبات الاقتصادية الغربية المؤذية جدَّاً للاقتصاد الروسي..خاصة أنَّ مكوث القيصر بالكرملين بدأ من أول القرن ومستمر نظرياً للعام 2036..دون أن يحقق قفزة أو طفرة اقتصادية شبيهة بما أحرزته التجربة الصينية، أو التركية على أقل تقدير...

في أتون الحرب الباردة في القرن الماضي، وعندما طرق نيكسون وكيسنجر أبواب "بكين" أول السبعينيات، وأقاما علاقات دبلوماسية وتعاون مع الصين الشيوعية، كان الغاية تحييد الصين في الصراع الجاري مع الاتحاد السوفييتي تمهيداً لإسقاطه ومنع أي تقارب بين الجارين الشيوعيين اللدودين..وحصل ذلك.

يكرِّر التاريخ نفسه الآن، إذ يحاول الرئيس بايدن إعطاء بعض الهدايا للقيصر؛ لتحييد روسيا عن الصراع الأمريكي الصيني لإعادة التجربة السابقة وإسقاط الصين هذه المرة.

وكان القيصر الروسي قد أرسل بعض الرسائل الإيجابية بتحييد نفسه، بحيث لن يكون العصا أو البندقية الصينية في الصراع الدائر، إذ لايليق بروسيا أن تكون من الدول التي تدور بالفلك الصيني ...مع إدراك الروس أنَّ الخطر الصيني على روسيا لايقل خطورة- إن لم يكن يزيد - عن خطر الناتو عموماً.

 يدرك الرئيس الأمريكي أهمية روسيا، ويدرك خطأ مقولة سلفه الرئيس السابق باراك أوباما، عندما وصف روسيا بأنَّها دولة إقليمية كبرى.

إنَّ روسيا رغم ضآلة إمكاناتها الاقتصادية وطموحها للعب أدوار على الصعيد العالمي، لابدَّ من تحييدها للتفرغ لمواجه الفيروس الصيني الاقتصادي القاتل الذي لا حدَّ لطموحاته.