د.باسل معراوي
عندما تندلع الثورات في لحظات تاريخية ما وتكون بالتاكيد غير مخطط لها..وتندفع الناس للتغيير وكسر جدار الخوف واغلال العبودية ومواجهة قوى الاستبداد المدججة بكل انواع الاسلحة والتي تملك جيوشا عسكرية والكترونية وتاريخا حافلا بالمجازر و مستعدة للقتل بغير حدود ودون قيود…لايوجد لدى الثوار المنتفضون اي حسابات سياسية او حسابات لموازين القوى على الارض…او من هم الحلفاء الداعمون
عندما يوزع غياث مطر الازهار على من يفترض انهم حماة الديار المدججون بكل ادوات القتل والحقد…لم تكن هناك حسابات سياسية او معادلات القوة على الارض..
وعندما يكون حي الخالدية في عرس ثوري يهتف للحرية على انغام الاناشيد الوطنية وتكون المدافع تحيط بهم من كل الجهات لم تكن هناك حسابات سياسية او معادلات اقليمية ودولية
وعندما يتم ضرب الغوطة بالسلاح الكيماوي (والكفيل بهزيمة جيوش نظامية ) تستمر المقاومة ولا تعاد السيوف الى اغمادها او تشل الاصبع التي تدوس على الزناد..او تنكسر ارادة المقاومين …لم يابهوا لسقوط الخطوط الحمر للقوة الاعظم في العالم ولم تثن ارادتهم اتفاقيات الخصوم على مسرحيات هزلية لتسليم او تفكيك السلاح القاتل لم يستسلموا او يطلبوا الصفح او يتبنوا الواقعية السياسية والاعتراف باختلال القوى السياسي والعسكري..وبقوا مستمرون في ماخرجوا من اجله…كانوا رقما صعبا يجسد انتصار الدم على السيف..
لم يفت من عزيمتهم تساقط الاصدقاء المائة الواحد بعد الاخر بحجج واهية وصور مخادعة ارادوا تصديقها ..كان الاصدقاء يتناقصون ..والابطال ماضون في طريقهم…
رغم موكهم ومومهم ومحاولة كتابة السيناريوهات تم هزيمة الجيش الاسدي وداعمه الآتي من اعماق الحقد التاريخي يريد حماية قبور او الانتقام لمعارك حدثت من الف عام ..
حدثت الهزيمة او كادت لم يكن من بد الا الاستعانة باحد اقوى واقسى مجرمي العصر المجربين…لابد من استساخ تجارب غروزني ..لم تنفع كل السبل الاخرى ..كما انتصرت الحناجر على البندقية في البداية ..انتصرت البندقية على الدبابة والطائرة…
استعمل هولاكو اقوى مافي ترسانته وجرب احدث ما انتجته صناعته…
بدأت حركة آنية عاصية للتاريخ كنهر العاصي المعاند للجغرافية والطبيعة..كانت الهجرة الخضراء للشمال حلا مرا ..بخيار وحيد إما التغريبة السورية للشمال او الموت تحت انقاض المنازل …
كانت كارثة سقوط الشهباء بعد صمودها الاسطوري ..بداية لتحول سعى اليه الجميع ..وكانت اليات ومسارات ومؤامرات استانة تزيد في عمق الجراح ومرارة الالم ..واحتضن بقعة صغيرة من الشمال الاخضر آلام الهلوكوست السوري ..ولكنه بذات الوقت كان يحتضن الآمال بالنصر والعود الاحمد ..
لم تستطيع كل محاولات التيئيس المقصودة أوغير المخطط لها من ان تفت من عضد الثورة …
ولن تجد نفعا محاولات تغيير العدو الاساسي الى ذيوله..كما فشل سابقا رعاة البقر من تحويل العدو الى عدو مصطنع خرافة باقي ويتمدد ..وعندما يشاؤون يتقلص ..لم تفيدهم المغربات والدولارات والهمرات باستبدال العدو الاساسي
ولن تكون الثورة السورية ورقة تفاوضية بيد احد ..يستعملها لتحسين موقعه الاقليمي ولن تكون شانا انتخابيا بين احزاب حاكمة واحزاب تسعى للحكم ..ولن تكون سياجا حاميا الا لاهلها ..
ولايملك احد (سوري او غير سوري) حق التفريط بالثوابت الاساسية مهما قدم سابقا ..
ان القضايا الوطنية الكبرى والتي تم دفع مئات الاف الشهداء وملايين المعذبين لاتخضع لا للمساومات ولا للحسابات السياسية ..ولا لتبديل المحاور او الاستدارات…
ومن مصلحة القضايا الوطنية الكبرى المحافظة او بناء افضل العلاقات مع الجوار التاربخي المتشارك معها بالتاربخ والجغرافيا والديمغرافيا ولكن بعلاقة ندية تراعي مصالح كل طرف.
المصدر: سوريا الأمل