رأي

دلالات المجزرة الروسية في إدلب

السبت, 23 يوليو - 2022

د. باسل المعراوي


ارتكب الطيران الحربي الروسي مجزرة جديدة صباح الجمعة في إدلب، في أطراف بلدتي الجانودية والجديدة ذهب ضحيتها سبعة شهداء وأربعة عشر مصاباً. 

إن زمان ومكان المجزرة تم اختياره بعناية، حيث ساد الاعتقاد أن الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا سيقلل من اهتمامه بالحرب في سورية، وهو فعلاً كذلك مهما حاول الروس إظهار عكسه، إذ لا يمكن لهم إنكار مدى الاستنزاف الهائل لقدراتهم العسكرية والاقتصادية وتراجع حضورهم الدولي بعد كل أشكال العقوبات التي فرضت عليهم، وبدا واضحاً أن فراغاً سيحدث حتماً، سيقوم بملئه الحضور التركي، حيث جددت القيادة التركية مطالبتها للروس بتنفيذ تعهداتهم التي قطعوها على أنفسهم بعام 2019، بإبعاد قوات ما يسمى سورية الديمقراطية “قسد” عن مناطق بشرق الفرات، وأيضاً استكمال الطوق الآمن حول منطقتي غصن الزيتون ودرع الفرات بإبعاد قوات “قسد” عنها، وإلا فإن الجيش التركي وحلفاءه من الجيش الوطني السوري سيقومون بذلك. 

وبدأ الأتراك بإجراءات على الأرض لتنفيذ عملياتهم، وكانوا قد حظروا مجالهم الجوي أمام حركة الطيران الروسي العسكري والمدني الذي يحمل جنوداً روس من سورية إلى روسيا وبالعكس، وقد أزعج هذا الإجراء الروس كثيراً. 

كان الفيتو المشترك الروسي – الإيراني على أي عملية عسكرية تركية في غرب الفرات لا يحتاج لكثير من العناء لملاحظته. 

ويرى بعضهم أن الميليشيات المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني قد نفذت الاعتداء على المدنيين في مصيف زاخو لاتهام الجيش التركي بذلك، كأولى الرسائل الإيرانية على الأرض للحد من أي توسع تركي شمال العراق، وتكفل الروس بالشق السوري، فنفذوا مجزتهم في إدلب. 

وأظن أن المقصود منها:

-عودة قوية للروس إلى الملف السوري بعد انكفاء تجاوز الأربعة أشهر ويمكننا اعتبارها المجزرة الأولى بعد الحرب في أوكرانيا.

-اعتراض روسي شديد على أي عملية تركية، وإن كان لابد منها، فيتوجب على الأتراك دفع مقابل، لأن كل المطالبات التركية بتنفيذ الروس لالتزاماتهم كانت تتجنب منطقة إدلب، التي يحظى اتفاق آذار 2020 حولها بين الرئيسين الروسي والتركي بتفسيرات متباينة.

-إن استهداف قرية مسيحية في إدلب يعتبر نادراً، ولكن هذه المنطقة زارها زعيم تنظيم القاعدة (الجولاني) مؤخراً وتحدث عن الحوكمة والاستقرار، واسترجاع مناطق أخرى من قبضة النظام في أرياف إدلب وحماة.

-لا منطقة آمنة كما يسعى الأتراك إلى إنشائها لتمكين لاجئين سوريين في تركيا تعمل أنقرة على عودتهم إليها.

-إن حدوث المجزرة بنفس اليوم الذي رعت فيه تركيا والأمم المتحدة اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا لإخراج 25 مليون طن قمح من الموانئ الأوكرانية، رسالة روسية بضرورة الفصل بين الملفات.

-لا يستطيع الروس منع أنقرة من عملية عسكرية في سورية، لكنهم يزيدون من صعوبتها عبر مقايضة ما في ملف إدلب مع ملفات منبج وتل رفعت.

المصدر: نينار برس