رأي

الشائعات ومواقع التواصل الاجتماعي..النار في الهشيم

الأربعاء, 9 يونيو - 2021

د.باسل معراوي

 الإشاعة هي خبر، أو مجموعة أخبار تنتشر في المجتمع بشكل سريع، ويتم تداولها بين العامة ظناً منهم أنّها صحيحة.

ودائماً ماتكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين ..وتفتقر هذه الشائعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يؤكِّد صحتها.

 ومقولة " إنَّ كلَّ شائعة تحتوي على جزء أو على شيء من الحقيقة" غير دقيقة تماماً؛ فكثير من الشائعات ليس لها أي أساس من الحقيقة، مثل الشائعات التي اطلقها كفار قريش على النبي {صلَّى الله عليه وسلم} وروجوا كذباً أنه ساحر يسحر الناس بحلاوة منطقه، وأنه كاهن ومجنون.

الطابور الخامس، يطلق على الخونة والمخربين من داخل المجتمع، الذين يعملون لصالح عدو خارجي. ويعود تعبير الطابور الخامس إلى الجنرال "فرانكو" ديكتاتور أسبانيا الذي أعلن، إبَّان الحرب الأهلية الإسبانية بين عام 1935 لغاية 1939 ، أنَّه يهاجم مدريد بأربعة طوابير من الخارج ويساعده أنصاره بطابور خامس من داخل مدريد.

علاقةمواقع التواصل الاجتماعي بالشائعات:

أجمعت معظم الدراسات على أنَّ اكثر وسائل الإعلام نقلاً للشائعات وخلقاً لها وترديداً لمحتواها، كانت مواقع التواصل الاجتماعي بالمركز الأول وبفارق شاسع عن المنتديات ومواقع الإنترنت الأخرى، وجاءت الصحافة بالمركز الثالث، ثمَّ التلفزيون، وأخيراً الراديو..

ولعلَّ تصدُّر مواقع التواصل الاجتماعي المركز الأول بنقل الشائعات، يفسرها الآتي:

1-أنَّ مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي يحررها المواطنون الإعلاميون أو الصحفيون الهواة وليس المحترفين الذين تمرسوا على التأكد من مصداقية الخبر من كذبه، ولديهم ملكة التمييز بين الخبر والشائعة.

2-سيف القانون والمساءلة المسلط على الصحفي أو الاعلامي في المؤسسات الرسمية المحترفة..بعكس ما عليه الحال في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يصعب على أي دولة أو حكومة مراقبة كلّ ما يُنشَر عبر تلك الشبكات.

 3-أنَّ الإعلاميين في المؤسسات الرسمية معروفون بالاسم، ومسجلون غالباً في نقابات الصحفيين التي تشرف على المهنة..بعكس مدوِّني مواقع التواصل الاجتماعي الذين قد يدون بعضهم بأسماء وهمية أو بأسماء مستعارة؛ وهو ما يصعب معه تتبعهم أو وضعهم تحت المساءلة القانونية.

 4-أنَّ بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي - ربَّما تحت تحقيق الانفراد بالخبر أو السبق الإعلامي أو حصد مشاهدات أو لايكات- يعيدون نشر بعض الأخبار الكاذبة، والتي قد تكون بحسن نية أحياناً..بعكس المؤسسات الإعلامية الرسمية التي لاتستطيع نشر الخبر السبق إلا بعد التأكد من مصادره، والتثبت من وقوعه.

 5-أنَّ كثيراً من مدوني وسائل التواصل الاجتماعي ليسوا على دراية بأخلاقيات العمل الإعلامي، كما هو الحال مع معظم الإعلاميين الرسميين الذين درسوا وتعرفوا على تلك الأخلاقيات كجزء من تكوين شخصياتهم المهنية.

 آلية كشف الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي:

 1-غرابة الأخبار وعدم معقوليتها.

2- كون الحساب غير رسمي أو باسم مستعار، كآلية ثانية من آليات تمييز الأخبار الصحيحة عن الشائعات.

وغالباً مايكون للشخصيات العامة عشرات الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل اسمه وصورته ..واحد منها فقط رسمي، وغيرها مختلق، بل ربما تكون كلها مختلقة.

3--الانفراد بالخبر في حساب بعينه دون بقية الحسابات الإخبارية الأخرى.

فخبر عن وفاة شخصية مشهورة عندما ينفرد به حساب، دون أن تنقله بقية الحسابات الأخرى وخاصة الإخبارية منها، يجعل الريبة والشك تتسللان لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصداقية الخبر .

4-أنَّ من آلية كشف الشائعات أن يكون الخبر واضحَ الهوى، كأن يحمل عبارات متحيزة أو يتضمن بعض عبارات السب والشتم أو السخرية.

 التصدي للشائعات الإلكترونية:

يصعب جداً الحديث عن طريقة واحدة تحد من انتشار وتأثير الشائعة، لكن ما يمكن الإشارة إليه هو أن يتابع المتلقي حسابات حقيقية بأسماء معروفة، لها مصداقيتها.

وليس من وسيلة للوقوف بوجه أي خبر أو شائعة، إلا بوعي المتلقي وقدرته على التمييز بين الغث والسمين.

ولا يتأتَّى هذا إلا بالرجوع لمصدر الخبر من جهة، ومتابعة الموثوق فيهم من المغردين وأصحاب الحسابات الرسمية من جهة أخرى.

إنَّ الإشاعة كانت وستبقى جزءاً من المسلك البشري، وكانت ومازالت وستبقى مؤثرة في مجموعة من الناس، لكنَّ التاريخ البشري يظهر دائماً أنَّ البقاء للصدق وأنَّ أيَّ مجتمع قادر - ولو بعد حين - على الوقوف على صدق الأمور، وبالتالي نبذ الإشاعة ومعايشة الواقع.