رأي

الحروب السيبرانية وتحديات الأمن العالمي

السبت, 5 يونيو - 2021
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
الطريق

بفضل الثورة المعلوماتية، ظهرت لدينا بيئة جديدة هي الفضاء الإلكتروني، وهو يختلف عن البيئات الأخرى (الإقليم البري..البحر.الجو...الفضاء الخارجي) .

وظهور الفضاء الإلكتروني جعل الدول تدخله ضمن حساباتها الاستراتيجية وأمنها القومي، حيث ظهر بعدٌ جديد في الصراعات الدولية، هو" صراع الفضاء الإلكتروني" يستطيع من خلاله أحدُ اطراف الصراع إيقاع خسائر فادحة بالطرف الآخر، بحيث يتسبب بخسائر عسكرية واقتصادية كبيرة من خلال: قطع أنظمة الاتصال بين الوحدات العسكرية، أو تضليل معلوماتها، أو سرقة معلومات سرية عنها، أو من خلال التلاعب بالبيانات الاقتصادية والمالية ومسحها، أو تزييفها من أجهزة الحواسيب.

 ومن المتوقع نشوب حرب إلكترونية بين الصين والولايات المتحدة؛ لأنَّ الصين أصبح بمقدورها تشويش الأنظمة والأجهزة الأمريكية وإلحاق الضرر بها بإدخال الفيروسات والبرامج الخبيثة.

وحرب الفضاء الإلكترونية لاتوجد بها إراقة للدماء، لكنَّها أخطر من الحروب العسكرية؛ لأنها تستطيع تدمير الأنظمة والأجهزة بشكل كامل وتمنعها من القيام بعملها.

 وتعتمد قواعد الاشتباك بالحرب السيبرانية على أنظمة الحاسوب والتي يسهل اختراقها. وأنظمة الحاسوب هذه أصبحت في العصر الحديث أدوات لاتستقيم الحياة بدونها.
ويمكن أن يكون الهدف من تلك الحرب الاستيلاء على الأموال أو السرقة والإضرار بالمصالح العامة للأفراد والدول، أو التأثير على وحدتها الوطنية.

 أنواع الهجمات السيبرانية:

1-سرقة كلمات مرور المستخدمين بهدف التسلل للنظام: حيث يتم النفاذ إلى ملف تخزين كلمات المرور السرية، والتجسس على المستخدمين.

2-هجمات رفض أداء الخدمة (إنكار الخدمة) وهي تمنع المستخدمين الشرعيين من الوصول إلى المنتجات والخدمات، وهذه يمكن أن يرتكبها فرد أو جماعة.

 3-الهجمات الطمسية؛ وهي التي تتم لاستبدال الصفحات المطلوبة بصفحات غيرها مشابهة لها، بهدف إيقاع المستهدف بالشك والحيرة وإضاعة وقته، وممكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج خطيرة.

4--هجمات البنية التحتية والتي تستهدف (شبكات الكهرباء، والماء، والاتصالات، والصرف الصحي الخ..) والصرافات المالية والمهام الحكومية.

الأسلحة الإلكترونية واستراتيجيات الدول لحماية أمنها في عصر الفضاء السيبراني

يُعدُّ ظهور فيروس ستاكس نت، عام 2010 ، نقطةَ تحولٍ مهمة في مجال الأسلحة الإلكترونية؛ لأنَّه تحول من مجرد إتلاف أو سرقة معلومات أو تعطيل أنظمة حاسوبية إلى مراحل متطورة، تتمثل بإصابة المكون المادي نفسه كما حدث بالمنشآت النووية والمحطات الكهربائية الإيرانية وغيرها من المنشآت المهمة، إذ تمَّ تدميرها بافتعال حرائق وانفجارات عبر اختراق شبكات التكييف والتبريد ورفع الحرارة لدرجات عالية، الأمر الذي أدى لتلك الحرائق..

في المستقبل، سيكون الصراع على المعرفة التي تلعب الدور الحاسم في الصراع على قيادة العالم والهيمنة عليه.

وغالباً سيتم الاعتماد على الحروب السيبرانية واستبعاد الحروب النووية، وعدم حصر خيارات المهاجم بإقليم جغرافي معين.

ويمتاز نظام الأنترنت حالياً بعدم وجود "نظام رادار" كما في الحروب العسكرية التقليدية لاكتشاف مصدر الهجوم، كما أنَّ البيانات على شبكة الأنترنت ليست محمية بدرجة عالية من الكفاءة؛ لذلك يسهل اختراقها والتلاعب بالبيانات والمعلومات الموجودة عليها..

إنَّ العصر الذي نعيش فيه بات عصراً رقمياً بامتياز، تتحكم به علوم المعرفة وتقنيات الاتصال والمعلومات، ومن يملك المعرفة والعلم يتحكم في كلِّ شيء، وقد أصبح الفضاء السيبراني واقعياً والحرب السيبرانية حقيقة لامفر منها، وهي تعتبر الجيل الخامس من الحروب، ويرى كثير من الخبراء أنها ستكون نهاية الحروب في المستقبل .

لقد أصبحت "الرقمنة" هي الصيغة السائدة في العصر الحالي؛ من نقود"البيتكوين" وحكومات وسيادة سيبرانية ودبلوماسية سيبرانية.. وأصبح كلُّ شيء يتم التعامل به عبر الفضاء الإلكتروني.