درويش خليفة
الرمال المتحركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقلب الاتجاهات والتوجهات، تلمح إلى أنَّ المعطيات ليست مستقرة وأنَّ تغيير الاتجاهات يعتمد على حركة الرياح السياسية والأمنية، وغياب استراتيجية أمريكية للمنطقة.
في ظل تلك المتغيرات، الجميع يبحث عن شيء من الاستقرار بعد وصول بادين إلى البيت الأبيض، وعدم وضوح سياسته الخارجية لاسيَّما في الشرق الأوسط الذي تتطاير فيه المشاريع الإقليمية والترويكا الصينية- الروسية وإيران.
فجأة، قبل أشهر قليلة عادت العلاقات الخليجية إلى مستويات جيدة من خلال مشاركة أمير قطر «تميم بن حمد آل ثاني» في قمة العلا بالمملكة السعودية، وزيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة بعد سنوات من القطيعة، وكذلك فتح خط عودة العلاقات التركية- السعودية على أسس متينة تقوم على طي صفحة الماضي القريب.
كما كان للقاءات الفرق الفنية الإيرانية- السعودية في بغداد صدىً مقبول عند الدول المعنية بالوساطة بين إيران والمجتمع الدولي حول ملفها النووي؛ هذا ما يشير إلى أنَّ المنطقة تشهد حراكاً بارداً تارة، وساخناً في الكثير من الأحايين.
وفي ضوء تلك التحركات صُعق السوريون المناهضون لنظام الأسد من الخبر الذي أوردته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، عن لقاء جمع رئيس الاستخبارات السعودي الفريق «خالد الحميدان» باللواء السوري علي مملوك في دمشق. وكذلك قام رئيس تحرير صحيفة "الرأي اليوم" الإلكترونية عبد الباري عطوان بتأكيد الخبر، ليؤكد نظريته بأن محور المقاومة لا تهزه رياح الربيع العربي.
المتابع للشأن السعودي الداخلي يدرك مدى الرفض الشعبي عند عامة السعوديين من تقرُّب قيادتهم تجاه نظام الأسد، منذ أن أشار بشار في خطابه بمؤتمر الصحفيين في دمشق منتصف آب 2006 إلى أنَّ من طالب بالعودة للعقلانية إبَّان حرب تموز في لبنان "أنصاف الرجال".
آنذاك تلقت الرياض كلمة الأسد على أنها موجهة إلى قادتها، بعد البيان السعودي الذي حمَّل "حزب الله" مسؤولية مغامرته غير محسوبة النتائج في حرب تموز، وعدم رجوعه إلى حكومة بلده الشرعية، قبل اتخاذ قرار المواجهة مع إسرائيل.
في الحقيقة لا شيء يدعو السعودية إلى تغيير سياساتها تجاه النظام السوري، وهو المتورط مؤخراً بالشراكة مع حزب الله بتصدير شحنات حبوب الكبتاغون المخدرة إلى المملكة، ودعمه لجماعة الحوثي الموالية لإيران في قصفها المواقع الحيوية السعودية.
النظام في دمشق، ومنذ انطلاق الثورة السورية ضدَّه، لم يعد منفصلاً عن سياسات إيران العدائية في الإقليم، لذلك لا يمكن العودة للتطبيع معه إلا بعودة الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الموالية إلى دخل حدود بلدانها، والقيام بتطبيق القرار الدولي الخاص بالشأن السوري 2254/2015.
وهذا ما أكده المندوب السعودي في الأمم المتحدة «عبدالله المعلمي» عبر لقائه مع قناة روسيا اليوم، قائلاً: من المبكر الحديث عن تطبيع العلاقات مع سوريا، و مازال النظام يمارس هجماته على القرى والمدن السورية، ويقوم بقتل المدنيين، ويمارس التطهير العنصري والتغيير الإثني في بلاده، ولا يزال يضطهد المسجونين والمحتجزين في سجونه، ويعاقب النازحين واللاجئين السوريين. لذلك ينبغي على النظام أن يقوم بعدة خطوات قبل الحديث عن تطبيع العلاقات معه. كما أنّ الدبلوماسي السعودي المخضرم، لم يخفِ صعوبة عودة النظام إلى الجامعة العربية؛ لأنَّ إعادة الكرسي للنظام تحتاج إجماعاً عربياً، وهذا غير متوفر حالياً.
مؤكداً على أنّ السياسة السعودية لا تتخذ سياستها جزافاً ولا تقوم بخطواتٍ اعتباطية.
ممَّا لا شك فيه، أنَّ النظام السوري يحاول شرعنة وجوده وتصدير نفسه على أن يحارب الإرهاب، ليخرج من عزلته العربية والدولية، ولكن التوجهات السياسية لدولٍ كثيرة لا تراه في مستقبل سوريا.
الخلاصة، كل دول الإقليم مستفيدة من الخطوات الالتفافية والمتغيرات الحاصلة في المنطقة، باستثناء النظام وحلفائه الإيرانيين والروس الذين أرهقتهم العقوبات الاقتصادية، لذلك يصعُب عليهم إعادة تدوير الأسد عربياً ودولياً.
تنويه: " الطريق ميديا " من خلال مصادرها الخاصة، كانت السبَّاقة في نفي خبر الغارديان والرأي اليوم، حول زيارة المسؤول السعودي إلى دمشق.