رأي

الإيرانيون يُعرّون نظامهم.. وإعلامهم يكذب في وضح النهار

السبت, 19 يونيو - 2021
الإقبال الضعيف أكّد أن لا مشروعية لهذا النظام
الإقبال الضعيف أكّد أن لا مشروعية لهذا النظام

الطريق - غداف راجح

جاهدة تُحاول وسائل الإعلام الإيرانية التأكيدَ على أنّ نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس الجمعة كانت مرتفعة للغاية، مُحاولةً تصوير بعض مراكز الاقتراع المكتظّة ونشرها على أنّها تُمثل الإقبال (منقطع النظير) على تلك الانتخابات المحسومة النتائج مُسبقاً.

وعلى الرّغم من محاولات وسائل الإعلام تلك، غير أنّه وكما يُقال "كلُّ متوقعٍ آت" ومثلما توقع الجميع، لم تتجاوز نسبة المشاركة الـ20%، كما قالت بعض التقارير الصادرة عن المعارضة الإيرانية، فيما قالت وزارة الداخلية الإيرانية على لسان نائب وزير الداخلية إنّ نسبة الإقبال تُقدّر ما بين 37 و47 في المئة، وهي بالطبع نسبة مُبالغ بها بشكلٍ كبير.

ما أعلنته الداخلية الإيرانية يُشكّل النسبة الأدنى في الإقبال على الانتخابات الرئاسية في تاريخ إيران، بحسب الإحصائيات الرّسميّة، فلماذا أحجم الإيرانيون عن المشاركة بتلك الانتخابات؟ 

إذا ما استبعدنا حالة الحنق العام ضدَّ نظام ولاية الفقيه الذي يحكم بالحديد والنار، من أربعين عاماً؛ فإنّ عوامل عدّة جرت تحديداً خلال السنوات الأربع الماضية أثبتت للإيرانيين أنّ هذا النظام عصيٌّ على الإصلاح، ومن أبرز تلك العوامل تشديد مجلس صيانة الدستور إزاء ترشيح الإيرانيين سواءً المحسوبين على النظام أو أولئك الذين يُعلنون عدم تماهيهم معه، حيث نجد أنّه وفي هذه الدورة الانتخابية كانت أحكام ذلك المجلس أكثر تشدداً من أي وقت مضى، ولم يقتصر الأمر على المرشحين الإصلاحيين وحسب، بل إنّ بعض الشخصيات المحافظة فشلت أيضاً في الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور، الأمر الذي جعل هذه الدورة الانتخابية من أكثر الدورات التي لم تشهد منافسةً بين التيارين الأصولي والإصلاحي.

ومن الأسباب الرئيسية التي دفعت الإيرانيين إلى الانفضاض عن المشاركة في عملية الاقتراع، الإحباط وفقدان الأمل بجدوى أي عملية إصلاحية أو نتيجة ذات فائدة من صناديق الاقتراع، حيث يعيش الإيرانيون حالةً من الفقر المُدقع على الرّغم من أنّ بلدهم تُعدُّ إحدى أغنى دول العالم في النفط والغاز، ناهيك عن التضخم الهائل في العملة الإيرانية، حتى بات الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز الخمسين دولاراً، في حين أنَّ راتب الأستاذ الجامعي بالكاد يصل إلى مئتين وخمسين دولاراً.

ومن الأسباب التي دفعت الإيرانيين للإحجام عن صناديق الاقتراع، جريمة إطلاق الحرس الثوري الإيراني الصواريخ على طائرات الركاب الأوكرانية، وما خلّفه من حالة انعدام للثقة إن كان في الحكومة أو الانتخابات.

كما أنّ الإيرانيين لم ينسوا حتى اليوم ما جرى من أحداث في حزيران 2009، والنيران المباشرة التي أُطلقت على المتظاهرين؛ فتأكد الإيرانيون من أنّ صوتهم لا يُشكل أهميّة في حال تعارض مع رغبة المُرشد.

إذاً؛ فإنّ مشاركة الإيرانيين بالانتخابات بهذه النسبة ــ على الرّغم من أنّ الانتخابات الإيرانية في جوهرها تكون لانتخاب رئيس لن يكون له من أمره شيء بوجود المرشد ــ مثّلت استفتاءً واضحاً على عدم مشروعيّة النظام الحاكم في طهران ومدى قبوله من الشارع الإيراني، وهو الذي سعى جاهداً لإخراج الإيرانيين عن بكرة أبيهم ليقول للعالم "إنّه موجود في الحكم بناءً على الرّغبة الشعبيّة"، غير أنّ الإقبال الضعيف أكّد أن لا مشروعية لهذا النظام.