فراس علاوي
كثر الحديث عن عملية عسكرية مرتقبة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة شرق الفرات , يؤيد هذا الحديث عدد القوافل العسكرية للتحالف الدولي التي دخلت المنطقة قادمة من العراق عبر الحدود العراقية السورية، والتي تحتوي على ذخائر وأسلحة نوعية .
كذلك الزيارات المتعددة التي قامت بها قيادات عسكرية أمريكية من القيادة المركزية والوسطى وقيادات عمليات العزم الصلب , وشخصيات سياسية أمريكية للمنطقة ولقائها مع عدد من القيادات الشعبية والوجهاء وشيوخ العشائر وبعض الشخصيات التي تحظى بنفوذ داخل الحاضنة الاجتماعية ..
كما ترددت أنباء عن لقاءات قامت بها قيادات من التحالف الدولي داخل حقل العمر وهو القاعدة الرئيسة للتحالف في المنطقة مع شخصيات وقيادات عسكرية سابقة من أجل تشكيل جسم عسكري جديد , بالتزامن مع أنباء عن تعاون مع الفصائل الموجودة في منطقة ال 55 وقاعدة التنف.
كما استقدمت الولايات المتحدة قواعد لصواريخ هيماريس عالية الدقة , بالتزامن مع ازدياد عمليات تحليق طيران التحالف في المنطقة على طول الخط الفاصل بين مناطق سيطرة التحالف /شمال نهر الفرات , جزيرة / والتي تسمى إعلامياً شرق الفرات ومناطق سيطرة المليشيات الايرانية والقوات التابعة للنظام السوري جنوب النهر.
جغرافياً يقسم نهر الفرات أماكن السيطرة وتوزعها على جانبي النهر حيث تتواجد المليشيات الايرانية جنوباً مع تواجد لخلايا تنظيم الدولة في البادية السورية , والتي شهدت نشاطاً ملحوظاً مؤخراً في البادية , كما تتواجد قاعدة التنف على الحدود الاردنية , مقابل مناطق سيطرة التحالف في الجهة المقابلة من النهر.
ماهي احتمالية العملية العسكرية الامريكية؟
بعد كل ما سبق فإن احتمال عملية عسكرية أمريكية أمر شبه حتمي , عززه بعض التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أمريكان حول دعم القوات الامريكية بطائرات اف 16 بسبب استفزازات الطيارين الروس للطائرات الامريكية, كذلك صرح معاون وزير الخارجية الروسي لافرنتييف بأن بلاده تراقب تزايد نقل الولايات المتحدة لأسلحة نوعية للمنطقة.
ولعل السبب الأهم لتزايد احتمالية العملية العسكرية هو تزايد استهداف القواعد الأمريكية من قبل طيران مسير يعتقد أنه تابع للمليشيات الايرانية , ونشاط واضح لخلايا تابعة لإيران في المنطقة المحاذية للقواعد الامريكية, إذ تسيطر المليشيات الإيرانية على سبع قرى شمال النهر تمتد من حدود مدينة ديرالزور حتى قرية مظلوم حيث تتواجد قاعدة كونيكو الأمريكية, الأمر الذي بات يشكل خطراً على القواعد هناك.
لذلك فإن تزايد احتمالية قيام القوات الامريكية بعملية عسكرية / قد تكون محدودة / بات واضحاً , لكن ما هو غير واضح مكان وزمان العملية.
وبالتالي فإن هناك أكثر من سيناريو للعملية الأمريكية في حال حدوثها من أجل قطع الطريق على المليشيات الايرانية وعدم اعطائها القدرة على الاستقرار وإقامة قواعد عسكرية ومنصات لإطلاق الصواريخ , حيث استغلت إيران ما سمي باستراتيجية الدعم خلال الزلزال ونقلت معدات عسكرية قد تستخدم لتجميع طائرات درون وراجمات صواريخ شرق سوريا.
ماهي السيناريوهات المتوقعة للعملية العسكرية ؟
السيناريو الأول : السيطرة على الحدود العراقية السورية في منطقة غرب العراق , ومناطق الأنبار حيث تقوم القوات الامريكية بمراقبة وقطع الطريق البري الذي تسلكه المليشيات الايرانية لنقل الاسلحة والذخائر من العراق إلى سوريا عبر المنافذ الحدودية بين البلدين , وبالتالي قطع طرق الامداد عنها.
السيناريو الثاني: هو عملية عسكرية داخل الاراضي السورية للسيطرة على الحدود وبالتالي إخراج المليشيات الايرانية من أبرز مناطق سيطرتها شرق سوريا / مدينة البوكمال / والتي تعتبر المدخل الاستراتيجي للمليشيات الايرانية إلى سوريا وبالتالي فإن السيطرة عليها عبر عملية مشتركة عبر نهر الفرات وبمشاركة الفصائل المتواجدة في التنف تعني قطع الطريق الاستراتيجي الذي تسلكه المليشيات في البادية السورية ومحاصرتها في الداخل السوري وترك مسألة استهدافها للطيران الاسرائيلي.
السيناريو الثالث وهو الأكثر ترجيحاً والأقل كلفة وهو إخراج المليشيات الايرانية من القرى السبعة التي تسيطر عليها شرق الفرات وبالتالي ابعاد احتمالية الخطر الذي تتسبب به للقواعد الامريكية , ونشر صواريخ هيماريس على ضفة نهرالفرات من أجل ابعاد خطر القواعد الايرانية المتواجدة في البادية السورية وشل قدرتها باستهداف القواعد العسكرية الامريكية.
بالمحصلة فإن جميع السيناريوهات محتملة الوقوع مع اختلاف صعوبات ومخاطر كل منها والتي تجعل من القيام بها أمراً صعباً.
سياسياً تحتاج الإدارة الأمريكية الحالية لعمل ما تنقذ به عملية التفاوض طويلة الأمد مع إيران حول الملف النووي الايراني أحد الأوراق الانتخابية التي أتت بها , وتغطية الفشل الذي لحق بها نتيجة التعنت الايراني في المفاوضات واقتراب ايران من تصنيع قنبلتها النووية , فهل يسمح الوقت لهذه الإدارة بالقيام بعملية عسكرية تستخدم كورقة انتخابية قبيل بداية السباق الانتخابي مطلع العام القادم؟
جميع الاحتمالات مفتوحة بما فيها اتفاق مفاجئ ينسف كل نظريات الصراع الامريكي الايراني في المنطقة, وبالتالي سماح أمريكي بالتمدد الايراني في المنطقة وهذا ما استشعرته دول الخليج التي بدأت بالتقارب مع إيران , وكذلك استشعار اسرائيل الخطر من احتمالية هذا الاتفاق وهو ما دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للتصريح بأن العلاقات مع الولايات المتحدة ليست بالمثالية بالوقت الحاضر وأن إسرائيل لن تسمح باستقرار ايران على / حدودها / الشمالية وفق تعبيره .
المصدر: الشرق نيوز