رأي

الغارات في البوكمال..رسالة إسرائيلية لإيران

الخميس, 10 نوفمبر - 2022

الطريق-فراس علاوي


منتصف ليل الأربعاء الفائت، تعرضت قافلة مؤلفة من حافلات عسكرية وصهاريج محملة بمواد مجهولة، للقصف من قبل طيران مسير  وذلك على الحدود العراقية السورية، ما أسفر عن تدمير الرتل بشكل شبه كامل وقتل عدد من سائقي ومرافقي الرتل من عناصر حزب الله اللبناني، بحسب ما ذكرت بعض المصادر. 

الاستهداف الإسرائيلي لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، لكنه يشكل بتوقيته ومكانه نقطة تحول جديدة في استهداف المليشيات الإيرانية في سوريا والتي بدأت مع الاستهداف الإسرائيلي لها في سوريا بداية العام ٢٠١٣.

أكدت وول ستريت جورنال الأميركية نقلاً عن مصادر مطلعة: أن إسرائيل نفذت غارات جوية شرق سوريا استهدفت قافلة سيارات يشتبه أنها كانت تحمل أسلحة إيرانية بعد عبورها الحدود من العراق. 

من ناحية الزمان، فإن توقيت الغارة الذي جاء بعد أيام من فوز بنيامين نتنياهو برئاسة الوزراء في إسرائيل، وهو معروف بعدائه للمشروع النووي الإيراني، وقد صرّح قبيل خسارته للانتخابات ٢٠٢١

  أنه لن يتهاون بوجه التهديدات الإيرانية ولو كلفه ذلك الصداقة مع واشنطن. وقال خلال مراسم تبديل رئيس الموساد حينها: "إن أكبر تهديد لإسرائيل هو التهديد الوجودي المتمثل بالمحاولات الإيرانية التزود بأسلحة نووية". 

كذلك يتزامن هذا الاستهداف مع انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الشيوخ والنواب والتي من المتوقع- وهذا ماحدث- فوز الجمهوريين فيها. وبالتالي فإن الرسالة الإسرائيلية التي تم التأكيد على أنها هي من كانت وراء الاستهداف بعد نفي الولايات المتحدة قيامها بالغارات، تقول إن عودة نتنياهو ستكون من خلال

استهداف المواقع والمصالح الإيرانية خاصة في سوريا، والعمل على منع حصول إيران على القنبلة النووية، وأيضاً هي موجّهة للجمهوريين حلفاء نتنياهو بأن إسرائيل لن تتوقف عن استراتيجيتها ضد إيران مهما كان شكل الإدارة الأمريكية التي تحكم البيت الأبيض. 

من ناحية المكان، فإنّ هذه ربّما المرة الأولى منذ قيام التحالف الدولي، التي تقوم بها إسرائيل باستهداف المواقع والقوافل الإيرانية على الحدود وفي الداخل العراقي، في منطقة يسيطر التحالف على منطقة الطيران فيها، وهذا ما أكده مسؤولون عراقيون وبالتالي يعتبر دخولاً مباشراً للطيران الإسرائيلي في منطقة يسيطر عليها طيران التحالف؛ ما يعني أنّ هناك تنسيقاً استخباراتياً وعسكرياً بين التحالف وإسرائيل، الأمر الذي يؤشر إلى ازدياد عمليات الاستهداف مستقبلاً. 

ثانياً استهداف القوافل على الحدود يعني تغييراً في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية التي كانت تنتظر دخولها العمق السوري ومن ثم استهدافها، ما يعني أنه أصبح من المحتمل استهداف القوافل الإيرانية في الأراضي العراقية وربما أبعد من ذلك. 

ما تشهده إيران من احتجاجات ومظاهرات تهدد القيادة، سينعكس سلباً على القيادة الإيرانية سواء كان بطريقة الرد على هذه الاستهدافات أو بتوقيته، وقد نشهد ربطاً ما من قبل الاستخبارات الإيرانية بين مايحدث في إيران من مظاهرات والقصف الإسرائيلي و"اعتبار ذلك مؤامرة على القيادة في إيران" واتخاذ ذلك ذريعة لضرب الاحتجاجات بقوة. 

من الناحية الاستراتيجية، فإن الاستراتيجية الإسرائيلية حتى الآن تقوم على عدم السماح لإيران بالاستقرار وإقامة قواعد عسكرية دائمة قد تهدد العمق الإسرائيلي خاصة بعد استخدام إيران المسيّرات في سوريا. 

كذلك فإن الانكفاء الروسي الذي شهدته الجغرافيا السورية سمح بتمدد إيراني مقلق لإسرائيل، وهو ماينطبق أيضاً على التردد الأمريكي في التعامل مع التمدد الإيراني وذلك بسبب محادثات الاتفاق النووي، والتي دعت الولايات المتحدة في السابق للحد من استهداف إسرائيل للمواقع والمقرات التي تشغلها المليشيات الإيرانية.