رأي

إيران في عين العاصفة

الثلاثاء, 21 يونيو - 2022

الطريق- فراس علاوي 


تتصاعد التهديدات الإسرائيلية سياسياً وإعلامياً وعسكرياً تجاه الأهداف الإيرانية في المنطقة، فبعد استهداف مطار دمشق الدولي وإخراجه عن الخدمة بواسطة الطائرات الإسرائيلية بذريعة استقباله لشحنات أسلحة قادمة من إيران، إلى مليشياتها في سوريا وحزب الله اللبناني،

تزايدت التصريحات الإسرائيلية مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل، وسط حديث عن تنسيق أمريكي إسرائيلي لمنع إيران من تصنيع قنبلتها النووية، والتي حسب خبراء تحتاج لمدة ستة أشهر.

في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الطاقة الذرية أن إيران أبلغتها بأنها بدأت بالتحضيرات لعملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 5% إلى 20 %.

ملامح تحالف عربي إسرائيلي بدأت بالتشكل لمواجهة التمدد الإيراني، والتي بدأت بماسمي اجتماع النقب الأمني.

بالمقابل تعمل السعودية على قيادة محور مناهض للتمدد الإيراني بدأه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بجولة في المنطقة تشمل مصر والأردن وتركيا، وذلك لتنسيق المواقف بما يخص الموقف من إيران.

يأتي التحرك السعودي بعد فشل المفاوضات التي كانت تجري بين الطرفين في العاصمة العراقية بغداد والتي مرت بعدة جولات قبل إعلان عدم تحقيقها أي تقدم.

في الوقت ذاته، يبدي الأردن تخوفه من اقتراب إيران من حدوده عبر توسع مليشياتها جنوب سوريا.

يتمثل الخطر الإيراني في الوقت الحالي بثلاثة اتجاهات مختلفة

عسكرية، دينية وإثنية، اقتصادية واجتماعية.

عسكرياً؛ يشكل وجود مليشيات تابعة لإيران في اليمن وجنوب سوريا وجنوب لبنان وسيطرتها على العراق، خطراً على محيطها الإقليمي وخاصة السعودية ودول الخليج،. وهي سياسة إيران منذ نجاح ثورتها الإسلامية حيث تدعم أذرعها العسكرية في مناطق نفوذها من أجل تحقيق أجنداتها السياسية.

دينياً وإثنياً؛ تعمل السلطات الإيرانية على دعم الحواضن الاجتماعية للمذهب الشيعي في دول الجوار، والتي تدين بالولاء لولاية الفقيه أكثر من ولائها لبلدانها الأصلية، وبالتالي تشكل بؤر توتر في تلك البلدان في حال حدث صدام مع إيران، وتمتد هذه البؤر على طول الهلال الشيعي المزمع تنفيذه والذي تعمل إيران على دعم وجودها فيه والذي يبدأ من طهران مروراً ببغداد ثم دمشق وبيروت، وفي الجهة المقابلة مناطق نفوذها في صعدة اليمنية وشرق السعودية ومناطق عدة في البحرين.

اقتصادية؛ تحاول إيران تعويض خسائرها نتيجة العقوبات الغربية عليها وذلك من خلال أعمال القرصنة أو إغراق دول الجوار بالمخدرات والتي باتت سلاحاَ يستخدمه النظام السوري بدعم إيراني.

نتيجة لذلك تتزايد الدعوات لمواجهة هذا التمدد الإيراني، والذي بدا واضحاً في تصعيد عمليات الاغتيال داخل إيران، حيث تتهم إيران الموساد الإسرائيلي بالقيام بها والتي تستهدف علماء وضباطاً إيرانيين داخل الأراضي الإيرانية، كذلك اتهام تل أبيب لطهران بمحاولة استهداف إسرائيليين في تركيا، في تمهيد لأي رد فعل إسرائيلي تجاه إيران.

الأيام القادمة ستشكل اختباراً واضحاً لجدية هذه التهديدات والتحالفات وماينتج عن زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة وعمان وأنقرة، وكذلك زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتل أبيب ولعواصم خليجية.

مخرجات هذه الجولات تحدد مستقبل الموقف من إيران وحدود التصعيد معها، وسط إصرار إسرائيلي على التصعيد وتمهّل أمريكي لإعطاء محادثات الاتفاق النووي فرصة أكبر، إذ لا ترغب الولايات المتحدة بتصعيد ضد إيران في الوقت الذي تواجه فيه روسيا بأوكرانيا.

بالمقابل، تسابق طهران الوقت لتحقيق اختراقات على الساحة الدولية من أجل قطع الطريق على أي تصعيد، وهذا مايفسر النشاط الدبلوماسي الذي شهدته طهران، حيث زارها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من أجل توحيد الرؤية بمايخص موضوع الطاقة وحاجة الولايات المتحدة وأوربا للنفط والغاز البوليفي، بالإضافة لزيارة رئيس تركمانستان، وهناك أنباء عن زيارة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لطهران، في خطوة يمكن إطلاق عليها تسمية "تحالف المحاصرين"، كما أعلنت طهران عن تسيير خط حديدي لنقل النفط الروسي إلى الهند عبر كازاخستان مروراً بإيران في محاولة لكسر الحصار الغربي على البلدين.

عاملان مهمان يجعلان من التصعيد أمراً محتملاً خلال الفترة القادمة:

الأول هو فشل المباحثات حول الملف النووي، وبالتالي اللجوء لخيار القوة والضغط على إيران من أجل تحصيل تنازلات كبرى منها، في حال فشل سياسة العصا والجزرة التي تتعامل بها الولايات المتحدة.

الثاني مخرجات الحرب في أوكرانيا وتبدلات مصادر الطاقة وقدرة أوربا على إيجاد مصادر أخرى دون الحاجة لتقديم تنازلات لإيران، وهذا يعني دور متوقع لدول الخليج ومصر وإسرائيل في تعويض النقص الذي تعانيه أوربا في قطاع الطاقة.

كل هذه التطورات ومايتبعها تجعل إيران خلال الفترة القادمة في عين العاصفة وتحت المجهر الأمريكي، ما يعني إمكانية كبرى للتصعيد العسكري والسياسي ضدها.