الطريق- فراس علاوي
في العاشر من الشهر الجاري، أسفرت الانتخابات التمهيدية الفرنسية عن وصول الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، وهو مصرفي وسياسي فرنسي، وقد كان أول شخص في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة يصل إلى منصب الرئيس من دون دعم من الاشتراكيين أو الديغوليين، ولم يكن قد تجاوز الـ 39 عاماً، ما جعله أيضاً أصغر رئيس جمهورية في فرنسا منذ نابليون بونابرت، وقد أنشأ حزب الجمهورية إلى الأمام الذي خاض الانتخابات باسمه.
المنافِسة الأقوى لماكرون هي مارين لوبان، سياسية فرنسية وبرلمانية أوروبية/ممثلة عن فرنسا، ورئيسة حزب الجبهة الوطنية (فرنسا) اليميني، وهي ابنةُ مؤسِّسه ورئيسه السابق جان ماري لوبان، الزعيم اليميني. وتمثل لوبان التيار اليميني المتطرف.
وذلك في سيناريو مكرر للانتخابات الرئاسية السابقة عام ٢٠١٧ والتي فاز فيها إيمانويل ماكرون بنسبة 66.06%
مقابل 33,94% على منافسته لوبان.
الانتخابات التمهيدية والتي تنافس فيها اثنا عشر مرشحاً من خلفيات مختلفة،
شهدت منافسة بين أربعة مرشحين رئيسيين؛ فبالإضافة للفائزين كان المرشح اليساري مرشح حركة فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون، وهو مرشح سابق للرئاسة لمرتين متتاليتين ولم يتجاوز الدور الأول فيها، إلا انه خاض سباقاً شرساً مع لوبان وخسر أمامها بفارق بسيط في الانتخابات الحالية.
الرابع كان اليميني المتطرف إريك زيمور، مرشح حزب الاستعادة، وهو يميني متطرف يحمل أفكاراً متطرفة معادية للأجانب والمهاجرين، ويتبنى سياسات يمينية مؤيدة للدكتاتوريات من أمثال بوتين وبشار الأسد.
لم تشهد الجولة الأولى حواراً وبرامج سياسية واضحة، وإنما ركزت على المشاكل الداخلية والاجتماعية وشهدت صراعات اجتماعية بين مؤيدي المرشحين، خاصة أنصار زيمور الذي تعرض لاحتجاجات كبيرة في كل تجمع انتخابي كان يقيمه. المستغرب كان ظهوراً واضحاً لليمين من خلال الأصوات التي حصل عليها كلٌّ من لوبان وزيمور وباقي المرشحين الأقل حضوراً، لكنهم محسوبون على اليمين أو يمين الوسط، فيما كان هناك صعود لميلانشون بصورة أكبر من الانتخابات السابقة.
بما يخص انعكاسات الانتخابات الفرنسية على الوضع السوري، لم يكن الملف السوري موجوداً في برامج المرشحين، فقد غابت السياسة لصالح الاقتصاد، وكان التركيز واضحاً على المسألة الأوكرانية وارتداداتها على أوربا وفرنسا بشكل خاص، لكن الملفت أنّ اثنين من المرشحين الأربعة، وهما مرشَّحا اليمين، لم يخفيا إعجابهما برأس النظام السوري بشار الأسد، وعن دعمه في حال فوزهما، فيما تراجع ميلانشون عن تصريحات سابقة بدعم الأسد، أما ماكرون فبقي على مواقفه التي تمثل الموقف الفرنسي خلال ولايته السابقة.
في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، سيُعلَن عن ساكن الإليزيه الجديد، وبالتالي سيتحدد الموقف الفرنسي من المسألة السورية بين الاستمرار بالموقف الحالي في حال نجاح ماكرون، أو الاستدارة الكبرى نحو دعم نظام الأسد وسياساته الإجرامية، والاقتراب من النظام الروسي الداعم لبشار الأسد.
بعيداً عن التغيرات الداخلية التي ستطرأ على المجتمع الفرنسي، في حال فوز لوبان، والتي اختصرها منافسها ماكرون خلال منظارتهما الأخيرة بأنها ستتسبب بحرب أهلية، وبعيداً عن التغيرات الكبرى التي ستطرأ على علاقات فرنسا الأوربية والدولية في حال فوز لوبان، فإن فوزها يعني جرعة أكسجين أخرى تنعش النظام السوري وجميع الأنظمة الديكتاتورية في العالم.