رأي

العلاقات السعودية الإيرانية.. استراتيجية دائمة أم تكتيكية مرحلية؟

الجمعة, 15 أكتوبر - 2021

الطريق- عمار جلو


تبدي كل من السعودية وإيران رغبتهما المشتركة في حل المشاكل العالقة في المنطقة، إلا أنَّ أسس التنافس بين الدولتين والممتد لأربعة عقود جعل التوتر السمة الغالبة على علاقة الجانبين، التي كان آخرها قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في "كانون الثاني 2016" إثر حوادث الاعتداء التي تعرضت لها مقار البعثة الدبلوماسية السعودية في مشهد وطهران، الناجمة عن إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، ووقوف طهران موقف ولي الدم في قضية النمر.

مع دخول الرئيس الأمريكي جو بايدن للبيت الأبيض، وما حمله من سياسة مغايرة لسياسة سلفه في التعامل مع العربية السعودية، برزت الحاجة السعودية لإعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية لديها، فجاء الانفتاح الحذر على طهران الراغبة في التوصل إلى تفاهم مع الرياض لتخفيف الضغوط الواقعة عليها والمحتمل مضاعفتها خلال فترة الجلوس على طاولة التفاوض النووي، كذلك تسعى طهران لتطويق اتفاقيات "ابراهام" التي تم التوصل إليها بين إسرائيل، وبعض الدول العربية؛ حيث تعتبر طهران أنها المقصودة بالاتفاقيات ولا سبيل لإفشالها إلا بتوافقات مع دول الجوار، والباب السعودي أعلاها.

دخل العراق بدوافع براغماتية على الخط من خلال وساطة حملها رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" في زيارته الأخيرة للرياض، نجم عنها ثلاث جولات من المحادثات السرية التي احتضنتها بغداد من نيسان حتى أيلول الماضيين، فيما يُتوقع عقد جولة جديدة في الأيام القادمة، فقد ساهم الاِنسحاب الأمريكي من أفغانستان، ووصول القاضي، إبراهيم رئيسي، إلى رئاسة الجمهورية الإيرانية في تعزيز القناعة لدى الطرفين بضرورة التوصل إلى اتفاق ينهي حالة التوتر القائمة بينهما، ويرسم حدود العلاقة في قضايا التماس المباشر وغير المباشر بين الجانبين، من النزاع اليمني إلى التدخل الإيراني في شؤون دول عربية مثل: سوريا، والعراق، ولبنان، مع ضرورة تطمين الجانب السعودي المتوجس من البرنامج النووي والقدرات الصاروخية الإيرانية.

أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن سياسته الخارجية ستتجه لترميم العلاقة بين إيران ودول الجوار ولا سيما السعودية، قابله العاهل السعودي بأمل أن تؤدي المباحثات مع إيران إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة، خلال الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الاتصال المرئي، معتبراً أنّ " إيران دولة جارة" منوهاً بالكلمة ذاتها إلى تطلعات شعوب المنطقة إلى "إقامة علاقات تعاون مبنية على الالتزام بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

أعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الأسبوع الفائت "أن المحادثات الخارجية بين السعودية وإيران تتقدم في الاِتجاه الصحيح" فيما أضاف المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده بأن «المحادثات بين الدولتين تستمر بدون تشويش وهما تناقشان العلاقات فيما بينهما وعلاقاتهما مع دول المنطقة لاسيما مع دول الخليج والحرب في اليمن" مضيفاً: "أن الدولتين وقعتا على عدد من الاتفاقيات"، وربما يكون أحد هذه الاتفاقيات إعادة فتح القنصليات في كل من جدّة ومشهد؛ تمهيداً لإعادة فتح سفارتي البلدين. 

تميزت العلاقات السعودية الايرانية بالعديد من الأزمات، كان أشدها أزمة الحجاج الإيرانيين عام "1987" وما تبعها من الهجوم على السفارة السعودية في طهران، وقتل أحد الدبلوماسيين، مما أدى لقطع العلاقات السياسية بين البلدين خلال عامين 1988، 1989.

فيما حقق التعاون بين طهران والرياض العديد من الفوائد على الطرفين والمنطقة، ليس أقلها رفع سعر برميل النفط في العام 1999 من ستة دولارات إلى ثلاثين دولاراً. لكنّ السؤال المطروح حالياً: هل الخطوات السعودية الإيرانية تقع على خط استراتيجي للدولتين أم هي خطوات تكتيكية مرحلية؟