رأي

جولة مفاوضات نووية إيرانية سابعة في فيينا

الثلاثاء, 19 أكتوبر - 2021

الطريق- عمار جلو


صرَّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أمس الأحد، عن أنَّ "استئناف المفاوضات النووية في فيينا سيتم خلال أيام " ممَّا رسم التفاؤل على مُحَيَّا منسق الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، منوهاً في الوقت ذاته أن هذا لا يعني "أنَّ الاتفاق على مرمى حجر".

 تم تجميد المحادثات الجارية بين إيران ومجموعة (‫4‏+1)، نهاية الجولة السادسة في 21 يونيو الماضي، ريثما يتم الانتهاء من عملية نقل السلطة في طهران وتشكيل الحكومة الجديدة فيها، لذا توقع الكثير من المحللين ‏استئناف المحادثات منتصف أُغُسطُس الماضي، إلا أن المماطلة الإيرانية خيّبت تلك التوقعات، حيث تسعى الإدارة الإيرانية الجديدة إلى خلق وقائع جديدة في برنامجها النووي تمنحها موقفاً تفاوضياً أقوى، يمكن البناء عليه تحت مظلة المفاوضات للوصول إلى العتبة النووية، في ظل تعنّت إيران بعدم التراجع عن إنجازاتها النووية.

ولّدت المماطلة الإيرانية أثراً سلبياً لدى أشد المؤيدين للعودة للاتفاق النووي، إذ سعى المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، روبرت مالي، إلى تأسيس مجموعة سرية من الخبراء المعارضين بشدة لإيران ‏بما فيهم شخصيات خدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما قامت الإدارة الحالية بتعيين دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل ضمن فريق المفاوضات الخاص بالشأن الإقليمي والتواصل مع تل أبيب. كذلك عبّر الرئيس الأمريكي، جو بايدن ووزير خارجيته عن إمكانية اللجوء إلى خيارات غير دبلوماسية في مواجهة إيران، أكدها طرح الخطة "باء" ضمن محادثات منتدى الحوار الأمريكي الإسرائيلي.

رغم انعدام الثقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، يتفق الطرفان على ضرورة استئناف المفاوضات، فيما تبدي حكومة رئيسي مزيداً من التعقيد بشأن المفاوضات القادمة، مع توقع إضفاء صبغة متشددة على فريقها التفاوضي الذي قد يُولد من رحم مجلس الأمن القومي بدلاً من الخارجية الإيرانية، ويُزيد الأمور تعقيداً حديث المرشد الأعلى عن ضرورة عدم الثقة في الغرب، والتوجه إلى حل المشكلات داخلياً دون التعويل على تفاهمات مع الغرب، مما يصب في إظهار الصلابة فيما يتعلق بالمطالب الرئيسية لطهران مع متابعة سياسة تحييد أثر العقوبات والتحرك على محاور عدة لموازنة ‏الضغوط الأمريكية والغربية، مما يمنحها فرصة الانخراط في المفاوضات بأقل قدرٍ من الضغوط، ويُجنبها بالتالي تقديم تنازلات جوهرية لاسيما في ظل تصلّب الإدارة الأمريكية بشأن إدخال تعديلات جوهرية على نص الاتفاق، بما فيها: البند الخاص بالتفاوض المستقبلي حول البرنامج الصاروخي، والسلوك الإقليمي الإيراني، وربط رفع بعض العقوبات في الوصول إلى اتفاق في هذه القضايا.

 لا تمتلك طهران وفرة من الخيارات لمواجهة واشنطن في فيينا، فحتى الخيار الأقوى والمتمثل بتسريع ومضاعفة إنتاج الوقود النووي قد يُلحق ضرراً أكبر بطهران في حال عدم تقديم تنازلات جوهرية، حيث سيعكس سلوك إدارة بايدن بصورة أكثر قسوة من سلوك إدارة ترامب، لاسيما مع ترجيح الإدارة الحالية للدبلوماسية دون إهدارها لعامل القوة؛ وهو ما أكسبها التناغم الأوروبي والتنسيق الإسرائيلي بعد خروج نتنياهو من السلطة، وهو ما تحتاجه الإدارة الأمريكية لإنجاز اتفاق شامل يتضمن تسوية الخلافات الجوهرية التي لا تقل أهمية عن الاتفاق النووي ذاته، فهل تُقدم ‏حكومة رئيسي على هذه الخطوة في إطار البحث عن حلول للأزمة الداخلية المتفاقمة، وترميم شرعيتها المتآكلة من انتخابات مشكوك في نزاهتها، وإطفاء شرارة الاحتجاجات الشعبية المُهيَّأة للانتشار على نطاق واسع؟