الطريق
يغادر الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الأحد، قصر بعبدا الجمهوري، بعد ست سنوات في حكم لبنان، عرفت تحركات شعبية واسعة عام 2019 وعزلة خارجية، وصراعاً داخلياً، وانهياراً نقدياً وتدهوراً اقتصادياً، وانفجار مرفأ بيروت.
وعطل عون البلد سنتين مع حليفه "حزب الله" لتحقيق حلمه الرئاسي بين عامي 2014 و2016، الذي تعزّز مع عودته من منفاه الفرنسي إلى لبنان عام 2005، فكان أن ارتدّ كابوساً على اللبنانيين، على الرغم من إتمام ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية الخميس الماضي، الذي سعى عون لإنهائه بأي ثمنٍ قبل نهاية ولايته، من أجل الخروج بـ"إنجاز" يدوَّن باسمه، وفق صحيفة "العربي الجديد".
في 31 تشرين الأول 2016، أقسم عون عند انتخابه رئيساً، بتسليم الرئيس المقبل وطناً أفضل من الذي تسلّمه، وبأن يكون "العهد قوياً"، مؤكداً رغبته في تحقيق "نقلة نوعية، في إرساء الشراكة الوطنية الفعلية في مختلف مواقع الدولة والسلطات الدستورية، وفي إطلاق نهضة اقتصادية تغيّر اتجاه المسار الانحداري، وفي السهر على سلامة القضاء والعدالة".
وشدد عون على أنه سيكون "بيّ الكل"، أي أباً لكل اللبنانيين، لا رئيس تكتل حزبي، في وعدٍ سرعان ما أسقطته الممارسات، ودعّم سقوطه صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي يوصَف لدى المعارضين بأنه "رئيس الظل الفعلي للبلاد".
قسَم الرئيس اللبناني تُرجِمَ عكسياً على لبنان، فكان انهيار العملة الوطنية، والانحدار الاقتصادي، مع توقّف لبنان عن سداد ديونه الخارجية، وتدهور القدرة الشرائية، وغلاء الأسعار غير المسبوق، واحتجاز المصارف ودائع الناس وتحريرها للنافذين ولجوئها كل فترة إلى الإقفال والإضراب.
ويُضاف كل ذلك إلى تعطيل مواقع الدولة والسلطات الدستورية وشل الإدارات العامة وضرب العدالة والقضاء والحريات، والصراعات الداخلية والأزمات الدبلوماسية، والعتمة الشاملة (انقطاع الكهرباء) وتوسع نفوذ السوق السوداء، والمهربين والمحتكرين، والطوابير على محطات الوقود والأفران والصيدليات، والإشكالات في السوبرماركت، واقتحامات المصارف، ورفع مستوى الخطاب التحريضي على اللاجئين السوريين.
وبالإضافة إلى غرق الطرقات بالنفايات، وتفرج الدولة على أكبر الحرائق التي عرفها لبنان في تاريخه عام 2019، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة والهجرة الشرعية وجرائم القتل والسرقة، وتراجع مستوى الخدمات الصحية، والاتصالات والانترنت، وغيرها.
وكان الحدث الأخطر انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الذي أدى إلى سقوط أكثر من 220 قتيلاً و7 آلاف جريح، علماً أن عون وغيره من المسؤولين كانوا يعلمون بوجود "نترات أمونيوم"، وهي بمثابة قنبلة نووية في أحد عنابر المرفأ ولم يتحركوا لإزالتها.
وسجل العهد أيضاً ارتفاع وتيرة "مراكب الموت" أي الهجرة غير النظامية بحراً، خصوصاً من الشمال، وضحايا انفجار بلدة التليل في محافظة عكار، شماليّ البلاد الذي وقع في 15 أغسطس 2021، المتصل بالأزمة الاقتصادية وتخزين المحروقات، وغيرها من الأحداث المأساوية التي لم تغب عنها ممارسات قمع التظاهرات ومحاولات كمّ الأفواه، وقتل الصحافي، الناشط السياسي لقمان سليم في 4 فبراير/شباط 2021.
وعلى الرغم من كل الأزمات والغضب الشعبي، وانتفاضة 17 أكتوبر 2019، تمكّن عون من إكمال عهده، الذي تعاقبت عليه 4 حكومات، والذي عانى من شبه قطيعة دولية وخليجية، وعزلة داخلية، حالت دون تمكنه من جمع كل الأفرقاء السياسيين على طاولة حوار. ولم يبقَ معه سوى "حزب الله" حليفه الاستراتيجي، علماً أن التوترات طاولت علاقتهما في كثير من المحطات.
في المقابل، دخل عون بخلاف حاد مع أبرز أركان التسوية الرئاسية، سعد الحريري، الذي يتهم عون وباسيل بإخراجه من الحياة السياسية واعتزاله في مطلع العام الحالي، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.