صحافة

أنقرة وانعكاسات التقارب في الملف السوري

الاثنين, 12 سبتمبر - 2022
austin_tice

تواصل معنا

+961 3 733 933

friendsofaustintice@gmail.com

فراس رضوان أوغلو 


مع اقتراب الانتخابات التركية المزمع إجراؤها في يونيو/حزيران من العام المقبل، تبرز تحديات كبيرة أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يدرك صعوبة الانتخابات هذه المرة، في المقابل يسعى معارضوه للإطاحة به، في ظل وضع اقتصادي صعب تعاني منه تركيا التي كانت تطمح لتكون عاشر دولة اقتصادية في ٢٠٢٣. 

في ظل هذا الوضع، تحول الملف السوري إلى ورقة ساخنة ليست بعيدة عن القضايا الداخلية وتستثمر فيه عدة أطراف سياسية، ويرافق ذلك محاولات تركية لإعادة ترتيب عودة اللاجئين السوريين وسعي الحزب الحاكم للتهدئة مقابل تصعيد المعارضة ضده. 

في الوقت الذي تدعو فيه تركيا للتقارب مع النظام السوري، ترى المعارضة التركية أن تصريحات الخارجية التركية انتصار لمطالبها التي دعت إليها من قبل وتحاول استثمار هذه التصريحات لمصلحتها في حين ترى الحكومة في تركيا أن التقارب أصبح أمراً ضرورياً، بعيداً عن أي ضغط من المعارضة.

أول انعكاسات هذا التقارب سيتجلى أمام المعارضة السورية لأنها أصبحت أمام أمر واقع مغاير، فالنظام الذي ثارت عليه تتعزز قوته أكثر، والحليف تغيرت معادلته في الوقت الحالي وفقاً لمصالحه الجديدة، ويظهر أن أي تسوية قادمة ستؤدي إلى إعادة ترتيب السلطة وإشراك المعارضة، وهذا التوجه التركي يصطدم مع حسابات القوى الثورية. 

ومع هذا فمن مصلحة تركيا ألا تفرط بورقة المعارضة، لأنها من الأوراق الرابحة في عملية التفاوض والضغط إقليمياً ودولياً، ومن ثم فإن تركيا أمام اختبار صعب في حال تراجعت ثقة هذه الفصائل بتركيا، وقد يختار بعضها التنسيق مع أميركا ومغادرة تركيا، وهذا يعني فقدان تركيا التأثير في الملف السوري، في حال تراجع ثقة المعارضة السورية بتركيا. 

وثاني هذه الانعكاسات في حال  التقارب السوري التركي سيؤثر في المكونات "الكردية" إذا صح التعبير في الشمال و الشرق السوري كما أنه قد يعيد تنظيم الدولة للواجهة من جديد، خصوصاً إذا لم يحظ التقارب بمباركة أميركية، حيث يظهر أن ملف الإرهاب أصبح من الأوراق التي يسهل تفعيلها لمواجهة أي تسويات حقيقية في المنطقة، كما يظهر أن مناطق النفط التي تسيطر عليها “قسد” تتيح لها التحكم في هذه الورقة، وقد تستثمرها في حال كان هناك ضغط إقليمي ودولي تتعرض له، ولهذا يبدو أن الخيارات التركية في التعامل مع “قسد” محدودة في ظل هذا الوضع، وعليه فإن الإقدام على تفاهمات مع النظام السوري بعيداً عن الملف الكردي قد تكون لها انعكاسات سلبية. 

أما في ملف اللاجئين فلا يمكن الحديث عن ضمانات حقيقية للعودة وخصوصاً من تركيا، إذ من المؤكد أن النظام السوري وحلفاءه الدوليين يقفون ضد أي عملية عسكرية تركية جديدة في الأراضي السورية، ومن ثم فإن فرص تقديم حماية تركية للاجئين تبدو ضئيلة 

ثالث هذه الانعكاسات هو الدول الفاعلة في الملف السوري وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية والتي قد تعود للواجهة بقوة هذه المرة إذ من المتوقع أن يثير التقارب التركي مع النظام السوري برعاية روسية غضب الولايات المتحدة الأميركية الرافضة للتقارب، لأنها ترى فيه استهدافاً لها في المنطقة، ومن ثم قد تلجأ هي الأخرى إلى التنسيق مع المعارضة السورية خصوصاً أنها لا تزال محتفظة بعلاقات جيدة بهيئة التفاوض السورية ومنها سوف تقوم بإعادة إحياء الملف السياسي السوري في جنيف بعيداً عن أستانا علاوة على قدرتها على التأثير في الورقة الكردية. 

ويمكن اعتبار روسيا الانعكاس الرابع فهي تدرك أهمية تركيا كمتنفس لها في ظل الحصار الأميركي والأوروبي لها بعد إعلانها الحرب على أوكرانيا، وتركيا في ظل وضعها الاقتصادي المتأرجح استفادت من تدفق بعض الأموال الروسية في البنك التركي، ولهذا تراهن أنقرة كثيراً على موسكو فيما يتعلق بالملف السوري، فحتى الآن كل المعطيات تدل على رفض النظام في دمشق  تقديم تنازلات في هذا الموضوع في حين تضغط روسيا باتجاه المصالحة وتشجع حزب العدالة والتنمية على الانخراط فيها لأنها وفق رؤية موسكو ستكون مفيدة جداً في الانتخابات المقبلة وسحب الملف السوري من يد أوروبا وأميركا في استغلاله ضد أنقرة وتدرك هذه الأخيرة بأنه إذا أرادت فرض بعض الشروط سواء معاهدات أو اتفاقيات على دمشق فلن يتم دون ضغط من موسكو. 


المصدر: تلفزيون سوريا

الوسوم :