محمود سمير الرنتيسي
يبدو أن الأمور تتجه في معسكر المعارضة بشكل أكبر لصالح ترشيح كمال كليتشدار أوغلو كمرشح للمعارضة للانتخابات الرئاسية ضد الرئيس أردوغان، ولكن لا يبدو أن عملية الترشيح هذه لكمال كليتشدار أوغلو تمت نتيجة توافق ومن الواضح أن كليتشدار أوغلو يحاول فرض نفسه لكونه رئيسا لأكبر حزب معارض (حزب الشعب الجمهوري) وهذا الأمر يبدو أنه لا يعجب الحزب الجيد (الحزب الثاني في المعارضة) الذي فضّل على كليتشدار أوغلو مرة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ثم رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش.
تحت الطاولة يبدو أن هناك توترا بين أكبر حزبين معارضين في تحالف الأحزاب الستة. كما أن هناك أربعة أحزاب معارضة صغيرة هي المستقبل والديمقراطية والتقدم وحزب السعادة والحزب الديمقراطي ولكن هذه الأحزاب ليس لديها دور كبير في اللعبة داخل تحديد مرشح المعارضة وهذا يثير استياءها.
ومع ذلك تلعب هذه الأحزاب دورا في المحافظة على صورة وحدة ستة أحزاب معارضة وهذه صورة مهمة للمعارضة من جهة لأن الصورة هنا تعني حشد أكبر عدد ممكن من الأصوات المتنوعة، كما أننا نتحدث عن تنافس متقارب بين المعارضة والأحزاب الحاكمة (العدالة والتنمية والحركة القومية) لذلك فإن كل 1% من الأصوات له أهمية كبرى.
والتطور الأخير هنا أن صورة تحالف المعارضة الموحد بدأت تتعرض للاهتزاز لأنه حتى الآن لم يتم الاتفاق على رؤية موحدة أو مرشح موحد كما أن نظام الانتخابات الجديد الذي تم تحديثه ساهم أيضا في تأزيم مواقف الأحزاب المعارضة ومطالبها بين بعضها بعضا. وطفت على السطح خلافات بين الأحزاب الصغيرة نفسها ومنها حزب المستقبل والحزب الديمقراطي على سبيل المثال، وفي هذا السياق قال تمل كارامولا أوغلو زعيم حزب السعادة أن تحالف الأحزاب المعارضة الستة بدأ يفقد معناه.
وقد رأينا أن حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو قد تقدم باقتراح لعلي باباجان رئيس حزب التقدم والديمقراطية لفكرة عمل تحالف ثلاثي معارض آخر مع حزب السعادة لكن حزب باباجان لم يتشجع للفكرة. ويقف باباجان ضد فكرة وجود مرشح مشترك للمعارضة. وعلى كل حال فقد بدأنا نسمع آراء قادة الأحزاب الصغيرة داخل تحالف الأحزاب الستة تخرج بتصريحات فردية في محاولة للإشارة لأهميتها وهي إشارة إلى أن هذه الأحزاب لا تعطى كامل الفرصة لتحقيق مطالبها في تحالف المعارضة ولا يتم التعامل معها بطريقة متناسبة مع نظرتها لنفسها.
ربما يعتقد حزب الشعب الجمهوري أن أحزاب مثل السعادة والمستقبل على وجه التحديد لم تحصل على زخم كبير ولم تجذب كتلا واسعة من التيار المحافظ ولذلك يرى أنها هي الأكثر احتياجا لتكون في معسكره، وعلى سبيل المثال يعتقد أن حزب الرفاه الجديد وهو حزب ليس من الأحزاب المعارضة بدأ يتقدم في استطلاعات الرأي ويحصل على دعم من المحافظين ويرى بعض المحللين أن السبب هو في عدم انضمامه لتحالف المعارضة ومحافظته على خطه.
يمكننا القول إن هناك حالة فتور بين الأحزاب الكبيرة والأحزاب الصغيرة في تحالف المعارضة وبدأت تزداد ومن البداية كان هناك اختلاف في الأيديولوجيات كما أن هناك اختلاف في التصورات عن الأهمية والقوة والدور، والمكاسب اللاحقة وبالتالي اختلاف على الرؤى والمرشحين. وفي حين أخذت هذه الحالة انشغالا من هذه الأحزاب أكثر من عام فإن تحولهم إلى حال آخر سوف يربكهم أكثر ويضعفهم أكثر وإن بقاءهم أيضا يبدو أنه سيظل محبطا لهم في حال استمرار هذا المشهد. وبالتأكيد تصب هذه الصورة في صالح الرئيس أردوغان وتحالف الشعب الذي يضم حزب العدالة والتنمية والحركة القومية الذي بات يستفيد من هذا المشهد الداخلي ومن المشهد الخارجي الذي جعل كلا من الغرب وروسيا يتنافسان على توفير موقف تركي أقرب إلى كل منهما في سياق الحرب في أوكرانيا.
المصدر: تلفزيون سوريا