صحافة

الجدل حول العملية العسـكرية التركية

الثلاثاء, 9 أغسطس - 2022
austin_tice

تواصل معنا

+961 3 733 933

friendsofaustintice@gmail.com

رضوان زيادة 


أعلنت تركيا منذ شهرين تقريبا عن نيتها القيام بعملية عسكرية في الشمال السوري تستهدف مناطق تل رفعت ومنبج كجزء من مشروعها حول "المنطقة الآمنة" في سوريا التي تحدث عنها الرئيس التركي أردوغان أكثر من مرة، كمنطقة يتمكن فيها من إعادة اللاجئين السوريين وتخفيف الضغط السياسي عليه من قبل المعارضة التركية، لكن في الحقيقة لم توضح الخارجية التركية أبداً ما هو المقصود بالمنطقة الآمنة هذه، ليست المسألة فقط حدود أو عمق هذه المنطقة داخل الأراضي السورية إنما وضعها القاوني، فهل ستسمح الولايات المتحدة وروسيا بإقرار قرار من مجلس الأمن يشرعن هذه المنطقة؟ وهل تتمكن من حماية اللاجئين السوريين من القصف الجوي إذا ما لجؤوا إليها؟


فهل ستكون هذه المنطقة الآمنة خالية من قصف الأسد مما يشجع اللاجئين السوريين على الذهاب إليها، أم أن الأسد مع روسيا سيستمران في قصف هذه المناطق جواً وبراً؟ كل هذه الأسئلة لا تجد لها إجابة مما يجعل القبول بأن المنطقة الآمنة ستجد طريقها للتنفيذ مسألة بعيدة للغاية. 


تجد تركيا صعوبة في الحصول على الضوء الأخضر من أميركا أو روسيا اللتين لديهما قوات على الأرض في مناطق شمال وشمال شرقي سوريا ولذلك فتصريحات الرئيس أردوغان حول عملية عسكرية ومن ثم مطالبته بانسحاب القوات الأميركية شرق الفرات يجب حملها على أنها تكتيك تفاوضي من أجل رفع سقف المطالب التركية خلال المفاوضات العسكرية الأميركية – التركية في أنقرة، إذ تدرك تركيا أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة ولا تريد تصعيد التوتر بعد فرض عقوبات اقتصادية نتيجة شراء تركيا لصفقة منظومة الصواريخ S 400  الروسية، ولذلك فإن تركيا تريد من هذه المفاوضات تخفيف حدة التوتر في العلاقات الثنائية. 

من جهة أخرى لن تقبل تركيا بأقل من إنهاء وجود النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني أو ما يطلق عليها قوات الحماية الكردية PYD التي لا تحتفظ بأية علاقات جيدة مع المعارضة السورية السياسية منها والمسلحة واعتمدت تكتيكاً يقوم على اللعب على كل الحبال بهدف تثبيت وجودها في منطقة الشرق السوري، فهي تقوم على تحالفات مع نظام الأسد عندما تكون بحاجة إلى تخويف تركيا، وتربطها علاقة جيدة مع روسيا لأنها تعرف أن روسيا هي اللاعب العسكري الأكبر في سوريا، والأهم تحتفظ بعلاقتها الاستراتيجية مع أميركا وخاضت حربا لأجلها في القتال ضد داعش بهدف إقامة كيان لها في الشمال السوري بالرغم من معرفتها أن التركيبة الديمغرافية في تلك المنطقة لا تساعدها، إذ لا وجودَ لأكثرية كردية في تلك المناطق فضلا عن الخلاف الكردي – الكردي حول مستقبل الكرد داخل الكيان السوري خاصة مع المجلس الوطني الكردي. 

وعليه تجد تركيا دعما سوريا كبيرا من المعارضة السورية في معركتها ضد قوات الحماية الكردية على أمل أن يكون لها دور في إدارة هذه المناطق كما جرى في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وغيرها من المناطق التي توجد فيها القوات العسكرية التركية بوفرة. 

لكن بنفس الوقت كل عملية عسكرية تركية يرافقها تصاعد الاتهامات الكردية بأنها تستهدفها بشكل خاص وتعمل على محو الوجود الكردي من الشمال السوري، كما أن أطرافا في المعارضة السورية تعتبر أن الوجود العسكري التركي يشكل تهديداً لوحدة الأراضي السورية بغض النظر عن طريقة الحكم، ولذلك يمكن القول إن التداعيات السياسية والعسكرية على أية عملية عسكرية تركية في الشمال السوري ستكون باهظة الثمن على المستويين العسكري والسياسي بالنسبة لتركيا والمعارضة السورية، ولذلك من المهم إبقاء المفاوضات مع الطرف الأميركي بهدف الضغط على قوات الحماية الكردية للانسحاب أو التخلي عن المشاريع السياسية التي طرحتها في ما يتعلق بالكيان الذاتي أو اللامركزية الإدارية والسياسية وكلها مشاريع تهدد وحدة سوريا على المستوى البعيد، والأهم تخفف الضغط على النظام السوري الذي يطمح الآن لاستغلال الفرصة من أجل شن عملية عسكرية على إدلب يضمن فيها إعادة السيطرة الكاملة على المدينة مستغلا انشغال الجانب التركي بالعملية العسكرية. 


المصدر: تلفزيون سوريا

الوسوم :