مع ازدياد احتمال شنّ تركيا عملية عسكرية ضد تنظيم "واي بي جي- بي كي كي" الإرهابي في مدينة منبج السورية (شمال)، تجدّدت الآمال بأن تستعيد المدينة الأمن الذي فقدته خلال 6 سنوات من سيطرة التنظيم عليها.
أبناء منبج المهجّرون يعوّلون على تحريرها، ليضعوا يدهم بيد نظرائهم الذين صمدوا فيها تحت أسر التنظيم الإرهابي، ويعملوا سويةً على توفير الرفاه والأمان وتأهيل البنى التحتية والخدمات، لتلتحق مدينتهم بركب المدن المحرّرة الأخرى، وتنال نصيبها من الازدهار.
وفي الآونة الأخيرة، أكدت تركيا أنها بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة بشأن إنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا شمالي سوريا، وتطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين.
** آمال التحرير بدعم تركي
المهندس المعتصم عباس رئيس الأركان في "هيئة ثائرون" التابعة للجيش الوطني، قال لمراسل الأناضول: "نحن في الجيش الوطني السوري وإلى جانب إخواننا وحلفائنا الأتراك، سنعمل على تحرير المدينة وأهلها من تنظيم (واي بي جي) الإرهابي في إطار عملياتنا العسكرية المستمرة منذ سنوات ضد الإرهاب".
وأشار عباس إلى أنهم على تواصل مستمر مع أهالي منبج، و"سيلبّون قريباً دعواتهم ومناشداتهم لتحريرها"، لافتاً إلى أن حربهم تستهدف "العناصر الإرهابية والقوى الغريبة عن المجتمع السوريّ".
وأكد أنهم "سيعملون على تقديم نموذج يحتذى به في التحرير والإدارة والحوكمة وتمكين سكان المدينة الأصليين من إدارة شؤونهم وتسييرها عبر انتخابات محلية حرة ونزيهة"، مضيفاً أن "الإدارة المدنية والأمنية والعسكرية بيد أبناء مدينة منبج".
وأضاف عباس: "ندرك أن هناك من أجبرتهم (واي بي جي) على الخدمة في صفوفها من خلال فرض التجنيد الإجباري، ونقول لهؤلاء إن من ترك منهم السلاح فهو في مأمن وسننهي معاناتهم مع التجنيد الإجباري ونفتح صفحة جديدة".
وشدّد أنهم "يحاربون الإرهاب، وأن سكان المدينة هم ضحايا الإرهاب، وتحريرهم واجبٌ وأمانة في أعناقنا".
** سننهض بمدينتنا
الدكتور وجيه جمعة الوزير السابق في الحكومة المؤقتة وأحد أبناء منبج قال للأناضول: "نتطلع إلى العودة لمدينتنا بعد تحريرها، وسنبذل كل ما بوسعنا من أجل أهلها والنهوض بها وتطوير القطاع الصحي".
وأضاف جمعة: "سأعود وفاءً لمنبج التي تشكل الأساس في كل جوانب حياتي، منبج وأهلها لهم فضلٌ كبيرٌ عليّ، وسأعمل لكي أكون ابناً بارّاً بمدينتي، وسأعمل في المجال الطبي بشكلٍ مباشر وسأقدم خبرتي في إدارة النظم الطبية للقائمين على هذا الشأن".
وأعرب عن قناعته بأن منبج "ستدار بالخبرات والكفاءات، ونحن نعمل مع أبنائها من أجل ذلك"، مؤكداً أن الإدارة والتنظيم "تحتاج للعلم والمعرفة والخبرة والإخلاص".
وتابع جمعة: "الخطوات الأولى ستكون مهمة جداً في تحديد الوجهة والمسار، وأتمنى العودة إلى الهيكلية التنظيمية والإدارية والمسمّيات التي اعتُمدت في الثورة بما في ذلك التشريعات الصحية".
وشدّد على "ضرورة تأمين الطبابة الإسعاف بالاختصاصات كافة، والعمل على تفعيل الخدمات الطبية بأسرع وقت ممكن، وأن الانطلاقة ستكون من خلال طواقم طبية تطوعية قادرة على أن تؤمّن مستلزمات العمل من أدوية ومواد استهلاكية".
** العشائر عامل استقرار
من جانبه قال العميد المنشق عن جهاز الأمن في النظام وأحد أبناء المدينة تركي الجاسم للأناضول: "ثمّن الجهود التركية التي تبذل لتحرير منبج"، لافتا إلى أنه "سيعود لبيته في منبج الذي يحتله تنظيم (واي بي جي) ويستخدمه مقرّاً عسكرياً".
وأشار الجاسم، إلى أن منبج المدينة والريف "يغلب عليها الطابع العشائري، وهذا عامل مساعد للأمن والشرطة في ضبط الأمن من خلال مخاتير الأحياء والقرى وشيوخ العشائر كمساعدين للضابطة العدلية (الشرطة والقضاء)".
وأضاف أن جهاز الشرطة "الذي سيجري إنشاءه في المدينة سيقوم بدوره الأمني على أكمل وجه من خلال إحداث الأقسام في المدينة والمراكز في الريف، ووفقاً لذلك، سترسم الخرائط الأمنية وتوكل المهمّات".
وأردف الجاسم: "كما سيتم تسيير الدوريات ليلاً نهاراً لإفساد خطط المجرمين ومراقبة أرباب السوابق والمشبوهين، ونصب الحواجز والكمائن عند المداخل والمخارج وعلى الطرق".
وتابع: "سيتم إلقاء القبض على المجرمين وتنظيم محاضر الضبط اللازمة بحقّهم وإحالتهم إلى القضاء، وتنفيذ الأحكام والمذكرات القضائية، وكذلك الإشراف على السجن المركزي وإدارته بما يتوافق مع القوانين الدولية".
بدوره أكد الشيخ عبد الكريم الفحل أحد وجهاء عشائر منبج للأناضول، أن عشائر المدينة "تدعم العملية العسكرية المرتقبة التي يتمّ التحضير لها من قبل تركيا والجيش الوطني لتحرير منبج وتطهيرها من إرهاب تنظيم (واي بي جي ، بي كي كي)".
وشدّد الفحل، على أن العشائر "عامل استقرار لما بعد تحرير المدينة وريفها، كونها تلتزم بالأعراف والتقاليد الحميدة التي ستسهم بالتماسك الاجتماعي ومنع الفوضى والاضطرابات".
وأكد أن أبناء العشائر "سيعملون بعد تحرير منبج على إعمار المدينة وقراهم، وإعادة الحياة إليها، وإخراجها من واقع انعدام الأمان وسبل العيش وتفشّي البطالة الذي تعيشه في الوقت الراهن تحت احتلال تنظيم (واي بي جي)".
وأضاف الفحل أن أبناء منبج "قادرون على إدارة مدينتهم وتطويرها نحو الأفضل"، مؤكداً أن عشائرها "ستستقبل الجيش الوطني والجيش التركي باحتفاء شعبي لم يسبق له مثيل لخلاصها من المعاناة الكبيرة التي يعيشها أبناؤها بسبب سياسات وممارسات (واي بي جي)".
أبو خالد (اكتفى بالكنية)، وهو من أبناء منبج المنخرطين في صفوف الجيش الوطني قال للأناضول: "نحن نتوق إلى لحظة القيام بواجبنا تجاه أهلنا ومدينتنا من أجل تحريرها من الإرهاب".
وأضاف: "سنعمل على وضع آليةٍ للعمل على المحافظة على منبج بعد تحريرها وإرساء الأمن والأمان فيها، وذلك من خلال دعم المؤسسات ومنع الانتهاكات بحقّ المدنيين والمحافظة على النسيج الاجتماعي للمدينة".
وأوضح أبو خالد، أن ذلك سيتحقق من خلال "استيعاب جميع مكوّنات منبج من عرب وتركمان وكرد وشركس، ومشاركتها في المؤسسات التي سيجري تشكيلها لتعمل معاً على تحقيق ازدهار المدينة وتوطيد الأمن فيها والحفاظ على السلم الاجتماعيّ".
ولفت إلى أن تنظيم "واي بي جي، بي كي كي" الإرهابي حاول "شرخ النسيج الاجتماعي في منبج وتمزيقه، وفشل في ذلك نتيجة تماسك مجتمعها".
المصدر: وكالة الأناضول