الطريق
مع إجراء قرعة كأس العالم قبل أسبوعين، بدأ العد التنازلي لمونديال قطر الذي سيُقام في الحادي والعشرين من تشرين الثاني المقبل، ومعه زاد الترقب لعشاق كرة القدم، الذين تساءلوا هل سينجح هذا المونديال، الذي ينتظرونه بشغف كل أربع سنوات.
انتقادات كثيرة طالت "الفيفا" بعد فوز قطر بشرف استضافة كأس العالم، ولعل أبرز سهام الانتقاد كانت بسبب الإعلان عن إقامة هذه البطولة في الشتاء أي في منتصف الموسم الكروي، لأول مرة في التاريخ.
ويعتقد المنتقدون أن تنظيم بطولة في منتصف الموسم، سيُسبّب إرباكاً في جدول الدوريات المحلية والبطولات القارية حول العالم.
أضف إلى ذلك اعترض المنتقدين على فكرة إقامة المونديال في بلدٍ عربي، وحجتهم في ذلك أن العرب ليس لديهم القدرة على تنظيم بطولة كبيرة مثل كأس العالم، وأن المساحة الصغيرة لقطر قد يجعلها عاجزة عن استيعاب التوافد الكبير للجماهير والإعلاميين وطواقم المنتخبات.
كأس العالم في الشتاء أمر سلبي أم إيجابي؟
رغم الانتقادات الكثيرة التي اعترضت على فكرة تنظيم المونديال في قطر، لكن على العكس هناك أسباب كثيرة ستجعل كأس العالم 2022 مميزاً، وسيكون واحداً من أفضل النسخ على مر عقودٍ من الزمن.
إقامة كأس العالم القادم في الشتاء، كان الانتقاد الأكبر الذي طال قطر والفيفا، إلا أن تنظيم البطولة في هذا التوقيت، على العكس تماماً سيكون عاملاً إيجابياً وليس سلبياً.
كما نعلم فإن جميع بطولات العالم السابقة أقيمت في الصيف، أي بعد انتهاء كل الدوريات المحلية والبطولات القارية، وهذا كان له أثر سلبي جداً، لأنَّ اللاعبين حينها يصلون إلى كأس العالم وهم مرهقون ولياقتهم البدنية منخفضة، كون كل واحد منهم لعب نحو 50 مباراة طوال الموسم.
لكن الجميل في مونديال قطر أنه سيُقام في تشرين الثاني، أي بعد شهرين ونصف فقط على انطلاق الموسم، وبالتالي فإن اللاعبين سيدخلون كأس العالم وهم في أفضل مستوياتهم من الناحيتين البدنية والفنية، كونهم لم يلعبوا سوى 10-15 مباراة فقط، وهذا يجعلنا على موعد مع مباريات ممتعة.
المونديال الأخير
من الأمور المثيرة في كأس العالم في قطر، أنه قد يكون آخر مونديال يخوضه أفضل نجوم العالم، والذين كان لهم تاريخ طويل في كأس العالم والبطولات الأوروبية.
سيكون مونديال قطر المشاركة الخامسة في كأس العالم، لكلٍ من ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو وسيرجيو راموس، وهو رقم قياسي يحققه هؤلاء النجوم الكبار، والذين قد يلعبون آخر كأس عالم لهم، بحكم تقدمهم في السن.
من النجوم الذين قد يشاركون أيضاً لآخر مرة في كأس العالم هم: كريم بنزيما، لوكا مودريتش، لويس سواريز، روبرت ليفاندوفيسكي، وتوني كروس.
وبحكم أن مونديال قطر سيكون البطولة العالمية الأخيرة لهؤلاء النجوم السابقين، فإنهم سيعملون على تقديم أفضل مستوياتهم لحصد كأس العالم مع منتخبات بلادهم، ليكتبوا نهايةً مشرفةً في تاريخهم الكروي، ما يزيد التنافس والإثارة على أرض الميدان.
مساحة صغيرة وتفاصيلها مثيرة
هناك أمور أخرى لا يمكن أن نغفلها، ستجعل من كأس العالم في قطر بطولة مميزة مليئة بالحماس والإثارة، وتحظى بإعجاب المتابعين.
المساحة الجغرافية الصغيرة لدولة قطر (11,571 كم²)، سيكون عاملاً ينعكس بشكلٍ إيجابي وليس سلبياً على تنظيم كأس العالم.
الجماهير والمنتخبات ستكون قادرة على التنقل بسهولة وخلال وقتٍ قصير بين الملاعب، بسبب تقارب المسافات بينها، وبالتالي سيكون اللاعبون والمشجعون في قلب الحدث طوال منافسات البطولة.
وستقام مباريات كأس العالم 2022 في ثمانية ملاعب، ولا تتجاوز أقصى مدة للتنقل بين استادات المونديال ساعة واحدة في الحافلة.
تقارب المسافات بين ملاعب قطر، سيتيح للمشجعين حضور أكثر من مباراة في يومٍ واحد، وبالوقت نفسه يُعزز أداء اللاعبين مع غياب التعب والمشقة، ويُتاح المجال لهم لأخذ قسط وافر من الراحة.
كما أن اللاعبين سيكونون أيضاً بالقرب من عائلاتهم، ما يعني أن مونديال قطر سيُمثل نسخة فريدة للاعبين.
وعلى خلاف ذلك، فإن كؤوس العالم التي كانت تُنظم في دولٍ كبرى أو في أكثر من دولة، فكانت الجماهير والمنتخبات تعاني من مشقة السفر والكلفة المادية.
بعض الجماهير كانت تضطر في المونديالات السابقة، للعزوف عن حضور بعض المباريات، بسبب بُعد المسافات وارتفاع كلفة التنقل.
تكييف الملاعب.. تقنيات مبهرة
نظام التكييف في الملاعب القطرية من التقنيات الحديثة التي سنشهدها لأول مرة في كأس العالم، حيث صُمّمت تقنية التبريد لضمان تخفيض درجات الحرارة في الملعب ومنطقة المتفرّجين.
عملية التبريد في ملاعب قطر، تشمل العشب واللاعبين والجمهور، ويساعد تكييف الملعب على منح العشب في الاستاد درجة حرارة ورطوبة معينين، ليبقى بأفضل حالاته أثناء المباراة.
تقنية التبريد ستعمل على الطاقة الشمسية الصديقة للبيئة، والتي تتيح التحكّم بدرجة الحرارة بحسب عدد الأشخاص الموجودين في الملعب، كما تساعد على تنظيف وتنقية الهواء في الملاعب أثناء التكييف، ما يمنح أجواءً مثالية للجماهير واللاعبين، وهذا ينعكس إيجابياً على أدائهم في المباريات.
قطر ستكون أول دولة في الوطن العربي والشرق الأوسط تستضيف كأس العالم، وبالتالي هي فرصة لإثبات قدرة العرب على تنظيم بطولات عالمية، وبالوقت نفسه الترويج للثقافة العربية.
المميز في مونديال قطر أنه يشهد مشاركة أربعة منتخبات عربية (قطر، السعودية، المغرب، تونس)، ولا شك أن إقامة البطولة في قطر، يعني أن المنتخبات العربية ستحظى بدعمٍ جماهيريٍ كبير، ما يخلق الحافز لدى تلك المنتخبات لتقديم مستويات كبيرة، والوصول إلى أدوارٍ متقدمة.
الكرة التي ستلعب بها المنتخبات في كأس العالم، أيضاً تعد من الأمور التي تمنح مونديال قطر تميّزاً فريداً، حيث تتسم الكرة التي أطلق عليها اسم "الرحلة"، بقدرتها على التنقل في الهواء أسرع من أي كرة أخرى في تاريخ البطولة.
تُعد "الرحلة" أول كرة في كأس العالم تُصنّع حصرياً من الأحبار والمواد اللاصقة القائمة على الماء، وتتميز بأعلى مستويات الدقة والموثوقية بفضل تصميمها الجديد وقوام سطحها، ووصفتها الشركة المصنّعة "أديداس"، بأنها أسرع وأدق كرة كأس عالم حتى الآن.
وقبل أن نختم لابد أن نعلم، أن قطر لها رصيد كبير من النجاح في مجال تنظيم البطولات، وسبق أن استضافت الألعاب الآسيوية، وكأس أمم آسيا مرتين، وبطولة العالم لألعاب القوى، وبطولة العالم للسباحة، وآخرها كأس العرب، وحققت الدوحة في كل تلك البطولات نجاحات عديدة، ما يُبشر بأن يكون المونديال المقبل فريداً من نوعه.
المصدر: "تلفزيون سوريا"