الطريق
وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى دمشق في 23 آذار/ مارس 2022، في زيارة هي الثالثة له منذ توليه منصبه قبل سبعة أشهر.
الزيارة الأولى كانت نهاية آب/ أغسطس 2021، في أعقاب مؤتمر بغداد مباشرة. والزيارة الثانية في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر. ويُلاحَظ من جميع الزيارات حرص وتركيز إيران على أولوية القضايا الدبلوماسية والاقتصادية.
دبلوماسياً، عملت إيران على تأمين مشاركة النظام في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في 28 آب/ أغسطس، وجدّدت دعمها خلال زيارة عبد اللهيان الأخيرة إلى دمشق لجهود إعادة تطبيع العلاقات العربية مع النظام بعد زيارة بشار الأسد للإمارات كأول بلد عربي يفكّ القيود الدبلوماسية عنه منذ عام 2011.
اقتصادياً، حرصت إيران منذ النصف الثاني من عام 2021 على إرسال الوفود التجارية والاقتصادية بشكل كثيف وغير مسبوق إلى دمشق، عدا التأكيد المستمر خلال الزيارات الدبلوماسية والأمنية على أولوية قضايا الاقتصاد بالنسبة لإيران.
يُمكن القول: إنّ إيران تحاول ضمان تعويض النفقات التي تكفلت بها في سورية وتصل قيمتها لأكثر من 30 مليار دولار، وذلك عَبْر ضمان الانخراط الفعّال في عمليات إعادة الإعمار أو التعافي المبكر. وبالتالي توسيع الاستحواذ على الاقتصاد السوري الذي لا يتجاوز 3% حسب تصريح لنائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية محمد أمير زاده في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
لكنّ تعويض إيران لنفقاتها وضمان تعزيز حضورها في الاقتصاد السوري يحتاج أولاً إلى فكّ العزلة الدبلوماسية عن النظام أو على الأقل إعادة تطبيع العلاقات العربية معه؛ لأنّ ذلك يعني تقليصاً نسبياً لحجم العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة عليه.
من الواضح، حرص إيران على تحقيق تقدُّم ملموس في التعاون الاقتصادي مع النظام والتطبيع العربي معه قُبيل توقيع الاتفاق النووي الذي يضمن لها الإفراج عن جزء من أموالها المجمَّدة والاستفادة منها في الإنفاق على ميليشياتها في سورية وبقية الدول.
عموماً، تحمل زيارة وزير خارجية إيران الأخيرة لدمشق دلالات أخرى من حيث التوقيت، كالرغبة في توسيع دورها في سورية على حساب روسيا؛ التي في حال طال صراعها مع أوكرانيا قد تكون غير قادرة على توفير دعم مستمر للنظام، وهو ما يعني فرصةً لإيران لتقديم البدائل.
أيضاً لا بُدّ أن إيران أرادت من إيفاد عبد اللهيان إلى دمشق الاطلاع على تفاصيل زيارة بشار الأسد إلى الإمارات، ومناقشة الخطوات التالية الأمنية والدبلوماسية.
المصدر: مركز جسور للدراسات