الطريق
لا يحمل جسر "جناق قلعة 1915" بين تفاصيله الهندسية وأجندته عديداً من الرموز المرتبطة بتاريخ تركيا ومستقبلها فحسب، بل يسخّر أيضاً أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا بناء الجسور في مواجهة العوامل الطبيعية، ما يجعل منه بلا منازع درة تاج البُنى التحتية التركية.
"جناق قلعة 1915".. الجسر الأطول والأذكى عالمياً في مواجهة عوامل الطبيعة (AA)
بالتزامن مع الذكرى الـ107 لمعركة "جناق قلعة"، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جسر "جناق قلعة 1915" الذي يربط قارتي آسيا وأوروبا فوق مضيق الدردنيل في ولاية جناق قلعة.
وبفضل الـ2023 متراً الممتدة بين عارضتيه، والتي تشير إلى مئوية الجمهورية التركية الحديثة، التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923، حاز الجسر على لقب أطول جسر معلق متوسط الامتداد في العالم، وذلك بعد تخطي جسر "أكاشي كايكو" في اليابان بطول 1991متراً.
ولم يقتصر نجاح المهندسين على تطويع الهندسة لتلائم تاريخ المعركة الحاسمة وتخليد ذكراها على شكل صرح هندسي عظيم يستذكر بطولات الأتراك في معركة "جناق قلعة"، بل سخروا آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا وتقنيات بناء الجسور للتغلب على العوامل الطبيعية مثل الرياح والزلازل.
جسر مزود بأحدث التقنيات
أشار وزير النقل والبنية التحتية عادل قره إسماعيل أوغلو إلى أن أمن جسر "جناق قلعة 1915" سيؤمّن بدعم من الذكاء الصناعي، وأضاف قائلاً: "سيجرى عرض رسائل التحذير تلقائياً على طول الطريق باستخدام نظام إدارة حركة المرور المدعوم بالذكاء الصناعي".
ولفت قره إسماعيل أوغلو إلى أن جميع الأنظمة الفرعية على طريق "مالكارا-جناق قلعة" السريع، وبالأخص جسر "جناق قلعة 1915" قد دُمجت في جميع الأنظمة الفرعية مع شبكة بيانات كابلات الألياف البصرية المدرعة المستخدمة في المشروع لأول مرة.
وأوضح الوزير أن التصميمات المعمارية للجسر والطريق السريع الواصل إليه نُفذت باستخدام "تحليل مخاطر المرور والأرصاد الجوية" المطبق في المشروع لأول مرة، ما ساهم في تعزيز السلامة المرورية.
ويوجد على الجسر 98 كاميرا للكشف عن الأحداث الحرارية على الجسر، بالإضافة إلى 39 كاميرا عالية الدقة، 8 منها مثبته على أبراج الجسر، وحوالي 62 أخرى مهمتها الكشف عن الأحداث الموجودة في مناطق تقاطع الطرق السريعة، ما يتيح إدارة مسار المرور. 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع.
جسر قوي في وجه الرياح
إلى جانب الزلازل، فإن أكبر مشكلة تواجهها الجسور هي الرياح. لهذا السبب، ولأول مرة في تركيا تُركت مسافة متوسطة تبلغ 9 أمتار بين سطحي الجسر لمواجهة الرياح وتخفيف أثرها على الجسر وحركة المرور عليه.
من جانبه صرح رئيس التصميم فيروه أيتكين أن سطح جسر "جناق قلعة 1915" استثنائي تماماً، وقال: "تركنا فجوة في منتصف السطح يسمح بإخلاء بعض الرياح الواردة من الوسط. التقنية التي تجعل السطح والجسر أكثر استقراراً في بيئات الرياح الشديدة".
لم تقتصر التدابير المتخذة ضد الرياح على التصميم وحسب، بل أضيفت حواجز الرياح بطول 8750 متراً وارتفاع 4 أمتار إلى جوانب سطح الجسر لضمان السلامة المرورية.
درة تاج البُنى التحتية التركية
حصل مضيق الدردنيل أخيراً على جسره باللونين الأحمر والأبيض الذي يتشكل منهما العلم التركي. وفيما زُيِّن المشروع بعديد من الرموز المستوحاة من تاريخ معركة "جناق قلعة"، احتل الجسر المرتبة الأولى في العديد من المجالات على مستوى العالم بطوله ومميزاته.
يبلغ الطول الإجمالي لجسر الرموز التاريخية 4680 متراً، كما تصادف المسافة بين البرجين الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا. يصل الامتداد الأوسط إلى ألفين و 23 متراً، وبالتالي فإن جسر "جناق قلعة 1915" يحمل لقب "أطول جسر متوسط الامتداد في العالم".
ويختصر الجسر، الذي يعد أول الجسور التي تربط قارَّتَي آسيا وأوروبا خارج إسطنبول، المسافة بين طرفَي مضيق جناق قلعة (شمال غرب) إلى 6 دقائق فقط، بعد أن كان عبور المضيق باستخدام العبَّارة يستغرق في الأحوال العادية 60 دقيقة.
المصدر: TRT عربي