عبد الرزاق دياب
توحدت المصائر في حلف المقاومة والممانعة حتى باتت الآه التي تصدر عن مواطن روسي تلقى صداها صرخة في دمشق وبيروت وصنعاء، بينما طهران تنتظر انتهاء الصراع في أوكرانيا وما قد يذهب إليه من حرب قد تتسع لتكون ثالثة الحروب الكبرى، وربما تتصيد بعض المنافع الناتجة عن العقوبات على النفط الروسي.
منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا ارتفع الصوت في دمشق تأييداً وفرحاً، وبعض الموتورين يرون فيها نهاية للسيطرة الأميركية، وصعود حلف جديد يقف في وجه الناتو وطموحاته تقوده روسيا عسكرياً والصين اقتصادياً، وأما واشنطن فسوف تخسر قيادة العالم وينهار الدولار الذي يحكم بنوك الأرض مقابل صعود عملات جديدة من بينها الليرة السورية والروبل الروسي كما تنبأت ليلى عبد اللطيف ومايك فغالي.
لكن واقع الحال بعد أقل من شهر يشي بكوارث تبدأ من موسكو وتصل بسرعة البرق إلى دمشق حيث لن تتمكن روسيا من إرسال الأقماح لمستوطنتها المتوسطية، وكذلك الزيت الذي وصل سعر اللتر إن وجد 15 ألف ليرة سورية بينما يحلم السوري ببعض الدفء وبماء ساخن لساعة في الأسبوع فالكهرباء ليست في خبر كان بل في أحلام السوريين الغارقين بجوعهم وبردهم.
الروبل اليوم وصل إلى 105 مقابل الدولار الواحد والليرة قاربت الـ 4000 ليرة، وكيلو البرغل بـ 6 آلاف ليرة، وسندويشة الفلافل بـ 2000 ليرة وأصغر لفائف الشاورما بـ 4500 ليرة، والسبب هو ارتفاع أسعار القمح والزيت والنفوس الأمارة بالغش والاحتكار، وهذا أول غيث التضامن مع حماقات بوتين بعد أن أفرغ قذائفه على كامل بيوت السوريين وها هو يرتهنهم لحماقاته القادمة.
لا يستطيع حاكمو دمشق أن يرفضوا أوامر القيصر حتى في نقلهم إلى ساحات المعركة، وهذا ما حصل بالفعل.. فالرجل لم يتوان عن إنقاذ القصر من قبضة السوريين الحالمين بالحرية، وبالتالي على من يملكونه أن يذهبوا إلى آخر الشوط مع منقذهم حتى وإن كانت (سفربرلك) روسية فالشهداء هم الشهداء لا فرق بين أن تموت في وطنك أو في وطن حليفك الطامح، وهنا لا تنفع خطابات التضامن أو المشاركة في رفض قرار أممي لأنك لا تملك سوى روحك تقدمها أنت الذي أضحيت بلا موارد وإمكانيات فالنفط في يد الأميركي والبحر روسي الماء والأرض، وأما الوسط حيث الفوسفات والغاز فالإيراني اشتراها كرمى لأحلامه السوداء.
أما عتاة المعارضة السورية فهم يبحثون حتى اللحظة عن مفردات تليق بحالهم وموقفهم المفترض سوى بعض الخطابات الواهنة التي تريد من العالم أن يستذكر مأساة السوريين في تيههم وترحالهم المأساوي، ويتمسكون بمقاربات الظلم التي تقارن بين موتين ولجوءين أيهما أقسى وأبشع، وينتزعون من نشرات الأخبار صور التشابه بين الموتين، وكذلك الصدى الذي كان من المفترض أن يتركه موت طفل في حضن أمه، أوتدمير مشفى ميداني ومدرسة تضم لاجئين هاربين من القصف.
ندرك مع كل بيان عسكري روسي مدى التشابه بين القاتل في حلب وكييف، ومع كل صورة تخرج من المدن الأوكرانية ستذهب روحك إلى دوما والمعضمية وريفي إدلب وحماة، ومع كل نهر يكسره جسر منهار ستستذكر قصف بسيمة وعين الخضرا وعين الفيجة في وادي بردى، ومع كل باكٍ على ضحية ستمر صور الشهداء الأبرياء في الطرقات والبحر والغابات، ولن يفارقك وجه إيلان وحمزة ومعاذ وحنجرة القاشوس وأصابع فرزات وحلم باسل شحادة إلى آخر القائمة التي قد تتوجها بعد حين _لا سمح الله_ في كييف مثلاً...صور قيصر...أليس من يقود حلف الممانعة الكبير الجديد يدعى القيصر؟.
المصدر: تلفزيون سوريا