حاوره: عبد الحافظ كلش
صدرت عن مؤسسة الملتقى للنشر في تركيا، مجموعة قصصية بعنوان "أحلام وآلام" للصحفي والناشط السوري ماجد عبدالنور، وثق فيها ما عايشه من آمال وآلام خلال السنوات العشر من الثورة السورية.
المجموعة القصصية تكوَّنت من عشر قصص، مماثلة في عددها لسنوات الثورة.
وبدءاً من القصة الأولى التي حملت عنوان "الحلم" لم يكتفِ ماجد بتصوير الواقع السوري تصويراً فوتوغرافياً وحسب، بل ساهم في تغييره نحو الأفضل عبر المشاركة في ذلك "الحلم" النبيل في الأيام الأولى للثورة السورية.
تأتي بقية القصص بعد ذلك شارحةً مراحل الانتقال لحمل السلاح، وردَّ الفعل الذي أُجبِر عليه الثوار للدفاع عن أهلهم وأنفسهم، بعد أن قام نظام الأسد باستجلاب عشرات المليشيات الإيرانية التي تحالفت معه لقتل السوريين وتهجير من بقي منهم على قيد الحياة.
تناولت المجموعة القصصية محطات كثيرة ومتنوعة من عمر الثورة السورية؛ انطلاقاً من مرحلة تحوُّل الحراك السلمي إلى الثورة المسلحة، ثمَّ التدخل الإيراني والروسي، مروراً بمرحلة العمل في الإعلام الثوري، وصولاً إلى مرحلة التهجير.
الرمز القصصي المحوري
لم يضطر الكاتب أن يستخدم رمزاً فنياً غامضاً، طالما أنَّ الرمز الحقيقي موجود وبقوَّة في ذاكرة أبناء الثورة السورية بشكل عام، وفي ذاكرة أبناء حلب بشكل خاص، وقد تجسَّد ذلك الرمز في شخصية عبد القادر الصالح المعروف بـ"حجي مارع" بوصفه ابن المكان السوري المحرَّر، وهو الرمزُ المتوافَق عليه الذي أثبت قدرة الثورة السورية على إنجاب أيقوناتها المُلهِمة عندما امتلكت الإرادة الوطنية الخالصة في التحرُّر.
موقع (الطريق) تواصل مع الصحفي السوري ماجد عبد النور، فكان الحوار الآتي:
-"نحن محكومون بالأمل" كما يقول الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس، فهل يستطيع المنجز الإبداعي المنحاز للثورة السُّوريَّة أن يمدَّنا بالأمل المطلوب؟.
إنَّ صناعة الأمل هي أمر ضروري في القضايا الكبرى والصغرى، ولاشك أنَّ الإحباط واليأس هما عاملان مدمِّران على الصعيد النفسي وعلى صعيد القضية التي يتبناها ويدافع عنها الإنسان، والثورة السورية بعمومها والإنسان السوري الثائر مطالب بضخ جرعات أمل مستمرة تقيه شرّ اليأس وبالتالي العواقب النفسية المدمرة كالانتحار أو الدخول في دوامة الأمراض النفسية، وعلى صعيد القضية تبقيه تلك الجرعات ثابتاً صابراً مقاوماً وتقيه أيضاً شرّ التفكير بالهزيمة، وزراعة الأمل أمر ضروري للبقاء قيد الاستمرار، والكتابة هي إحدى الوسائل في صناعة الأمل، إلى جانب الصورة والفيديو وغيرها من الوسائل الأخرى، وهي تلعب دوراً كبيراً في بث روح العزيمة والمقاومة والثبات في وجه الحالة الصعبة التي وصلت إليها الثورة السورية.
- ألا تعتقد بوجود صعوبة فنية مضاعفة في الاتكاء على السرد القصصي الذي يؤرِّخ لمحطات الثورة السورية بأحداثها وتشعباتها الكثيرة ورموزها، خصوصاً أنَّ كلَّ شخصٍ سوري أصبح رواية بحد ذاتها تتقاطع مع روايات الآخرين بآمالهم وآلامهم؟
بالتأكيد لكلِّ إنسان زاوية رؤيا مختلفة عن الآخر، فأنا الآن ضمن كتابي (أحلام وآلام) كتبتُ ما شاهدتُه وعايشتُه من زاويتي الخاصة، ولو جئت برواية أشخاص آخرين كانوا معي في ذات الحدث لكتبوا الكثير من الأمور التي تختلف عمَّا كتبت، وهذا لا يعتبر نوعاً من الخلط أو اللغط؛ لأنه حالة طبيعة لاختلاف زاوية الرؤيا عند كل شخص، ولكن تبقى هناك أحداث رئيسية لكل قصة بالتأكيد سنشترك فيها جميعنا، مثل:(المعاناة- القهر- النصر – الهزيمة... الخ )
- بشكلٍ خاص، هل تستطيع القصة القصيرة - بوصفها جنساً أدبيَّاً مقيَّداً بعددٍ محدود من الكلمات والشخصيات- أن تؤثر بشكلٍ فعلي خارج إطار النخبة، أو أن تتجاوز السوشل ميديا؟ وبشكلٍ عام، فيما يخص المعاناة السورية، هل تستطيع الكلمة أن تعبِّر أكثر من الصورة؟.
أعتقد أنَّ القصة القصيرة لها تأثير أكبر من القصص الطويلة أو الروايات؛ وذلك ناتج عن اتجاه عام عند الشعوب للهرب من القراءة والملل من السرد الكثير والتوجه نحو أقصر طريقة للمعلومة أو الاطلاع. وأبني اعتقادي هذا على ما ألاحظه من تأثير كبير لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها في تعزيز وجهة النظر القائمة على أنَّ الجماهير تتجه للقراءة المختصرة، والقصة القصيرة جزء منها.
أمَّا فيما يتعلق بتأثير الكلمة على الصورة أو العكس، فأعتقد أنَّ هذا الأمر نسبي يخضع لعوامل الجودة والمهارة وقوة التأثير ونوع الحدث، ولكلِّ منهما ـ الصورة والكلمة ـ دوره الذي يستطيع التأثير فيه بشكلٍ كبير.
- من خلال مجموعتك القصصية (أحلام وآلام) كنتَ كاتباً واقعياً أقرب ما تكون إلى أدباء الواقعية الجديدة، تلك التي يحاول الكاتب فيها دائماً أن يجدَ المخرج أو الحل أو الخلاص الجماعي، كيف نصل إلى ذلك الخلاص الجماعي، ضمن هذا الواقع المحبط؟
لستُ أديباً ولا أدَّعي ذلك، ولستُ كاتباً أيضاً؛ إنَّما أحبُّ الكتابة وأحبُّ تفريغ الذاكرة على الورق، لا أدَّعي الواقعية بالتأكيد فأنا متحيِّزٌ للثورة السورية التي هي قضيتي التي لا تنفصل عن كياني، وحاولتُ قدر المستطاع أن أكتب كلَّ قصة بأسلوب الحكاية التي تنتهي بإيصال أفكار يستلهم منها القارئ المخرج والحلول، ولكن بشكل غير مباشر ودون أن أكلّف نفسي مهمة التنظير.
والوصول للخلاص الجماعي أمرٌ يحتاج إلى تفكير جماعي، وبالتأكيد في قضية كالقضية السورية التي أعيت العالم يستحيل الإجابة عن هكذا سؤال من شخص منفرد، لكنَّ الواجب علينا هو: المضي قدماً في الثبات على الخطوط العريضة لمبادئ الثورة السورية التي خرجنا من أجلها، والزمن كفيل بإيجاد ضمير جمعي وأفكار مخلصة يلتقي عليها الجميع.
------------
سيرة مختصرة للكاتب
ماجد عبد النور: ناشط سوري من بلدة رتيان بريف حلب الغربي، عمل مراسلاً لـ"شبكة شام" وللعديد من المواقع والشبكات الإعلامية، وشارك في الكثير من الفعاليات المدنية وبالتغطية الإعلامية للحراك الشعبي السوري.