بهية مارديني
مازلتُ أفكر بكل هذه الفوضى رغم كل السنوات التي مرت على الثورة السورية.. والمجتمع الدولي يوجهنا من تجارب إلى تجارب إلى أن قادتنا تجارب المجتمع الدولي إلى منهجية "خطوة بخطوة"..
عنوان غامض دون تفاصيل.. بينما الأمم المتحدة تهرب من الحل السياسي وتحاول أن تساوم على ما لا تملك.. ويتجاوز غير بيدرسن المبعوث الدولي إلى الملف السوري صلاحياته الممنوحة له في ابتداع منهجية جديدة تتجاوز القرارات الدولية الخاصة بسوريا.
في غضون ذلك يخلط الأوراق قبل أن ينهي تفاصيل كل منها.. ويوجه الدعوات للمشاركة في الجولة الجديدة من أعمال اللجنة الدستورية التي يُفترض عقدها في جنيف في النصف الثاني من آذار المقبل. بالتزامن مع زيارة إلى سويسرا قامت بها هيئة التفاوض وقيل إنه لم ترض عنها كتلة المستقلين لعدم مشاركتهم فيها علما أن مشكلة المستقلين هي مشكلة الهيئة التي لم تحل حتى الآن.
الجديد في هذا الأمر أن وفدا من الهيئة غادر إسطنبول إلى سويسرا والتقى ممثلي دول فاعلة يومَي الخميس والجمعة الماضييْنِ، لإيضاح موقف الهيئة الرافض لمنهجية خُطوة بخُطوة التي طرحها المبعوث الدولي، والأسباب المبررة لذلك وتعارُض تلك المنهجية مع القرارات الدولية ذات الصلة.
الزيارة كانت لتوضيح رؤية الهيئة عموما وخاصة أن بيدرسن أقنع الكثير من الدول بمشروع خطوة بخطوة على أنه طريق الخلاص ما يثير قلق الجميع مما يقوم بتحضيره لنا..
لقاء وفد الهيئة مع عدد كبير من الدول بجنيف كان مفيدا لأنه وضع النقاط على الحروف ماذا يريد بيدرسن وماذا يريد السوريون؟ حيث التقى وفد الهيئة ببعثات مصر وقطر والأردن وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وكندا إضافة إلى دبلوماسيين سويسريين..
أوضح الوفد أنه إلى الآن لم يقدم بيدرسن أي رؤية لخطوة مقابل خطوة ولا يمكن الموافقة على مجهول.
وكانت قد رفضت الهيئة ضبابية منهجية الخطوة بخطوة ما يعني أن الائتلاف رفضها ومنصة القاهرة رفضتها إضافة إلى رفض هيئة التنسيق كما أن الفصائل رفضوها والأكراد رفضوها والمستقلين رفضوها أيضا..
اللافت أن وفد الهيئة التقى مجموعة (IIIM) وهي آلية دولية مستقلة تقوم بجمع الوثائق والأدلة على الجرائم، وجمعت حتى اليوم أكثر من مليونَيْ وثيقة وتسجيل.
هذه الآلية شكلت في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2016، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 71/248، الذي نصَّ على إنشائها للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ آذار/ مارس 2011.
وتقوم ولاية الآلية، كما تنص الفقرة الرابعة من القرار 71/248، على جمع وتوثيق وحفظ وتحليل الأدلة المتعلقة بالانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات والتجاوزات في مجال حقوق الإنسان وإعداد الملفات من أجل تيسير الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة والتعجيل فيها، بما يتوافق مع معايير القانون الدولي، في المحاكم أو الهيئات القضائية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية التي لديها اختصاص في هذه الجرائم أو قد يكون لديها اختصاص في هذا المجال مستقبلاً، بما يتوافق مع القانون الدولي.
إذن كل هذه الدلائل والبراهين على جرائم نظام الأسد في جعبة آلية دولية مستندة إلى قرار أممي فعلى ماذا يراهن بيدرسن؟ وكيف ينتظر أن يخضع المجتمع الدولي لابتزاز المجرمين والذين صنفهم كذلك بعرفه ووفق تقديره..
موقف الهيئة الذي لم يسمعه المبعوث الدولي وعلى ما يبدو أنه حتى الآن لا يريد تفهمه أن أي آليات لا تؤدي بشكل عملي إلى تنفيذ القرار الأممي “2254”، تمهيدًا للوصول إلى الهدف الأساس له، الذي يتمثل بتحقيق الانتقال السياسي هي آلية مرفوضة بالمطلق ليس من قبل الهيئة فقط، بل من معظم الشعب السوري إضافة إلى الفئة الصامتة التي تعاني داخل سوريا.
لعل أفضل تشبيه ما قالته الهيئة إن بيدرسن يريد منهم توقيع شيك على بياض، وهذا غير ممكن في العملية السياسية ولا يمتلك أحد صلاحية للقيام بذلك، وينبغي توضيح هذه الآلية التي يتحدث عنها بيدرسن وتفسير الخطوات والإجراءات للوصول إلى نتيجة ولكي لا ينتج عن أية بدعة جديدة تمييع القرارات الدولية والخروج عن التفويض الممنوح له وتجاوُز الانتقال السياسي المنشود والغرق في التفاصيل على حساب الجوهر والنتائج.
المصدر: تلفزيون سوريا