الطريق- وكالات
قالت مجلة "إيكونوميست" إن تركيا استطاعت من خلال الطائرات المسيرة "درون" الحصول على زبائن في أذربيجان وإثيوبيا وأوكرانيا، وتساءلت: لكن هل تستطيع الطائرات التركية المسيرة مواجهة القوة الروسية حال اندلاع حرب في أوكرانيا؟
وتضيف أن الطائرات التركية الجديدة تركت وراءها دبابات روسية محترقة وشاحنات ومصفحات مدمرة في إقليم ناغورو كارباخ وسوريا وليبيا.
وتتابع بأنه، قريباً سيكون لدى الطائرات التركية "تي بي2" فرصة لعمل الأمر ذاته في أوكرانيا، التي اشترت أعداداً منها خلال السنوات الماضية، وتحضر نفسها لغزو روسي محتمل.
وفي 3 شباط، وقع الرئيس الأوكراني فولدمور زيلنسكي مع الرئيس رجب طيب أردوغان عقدا لبناء المزيد منها بشكل مشترك. وشارك بعض الطائرات في معارك، ففي تشرين الأول/أكتوبر دمرت "تي بي2" هاوتزر استخدمته الجماعات الانفصالية التي تدعمها روسيا في منطقة دونباس، شرق أوكرانيا. ويقول المسؤولون الأمريكيون؛ إن الروس ربما قاموا بتنفيذ هجوم مزيف باستخدام طائرات "تي بي2" ضد المدنيين كمبرر للغزو.
ويرى الرئيس التركي في الطائرات بدون طيار التي تنتجها بلاده نذير ثورة عسكرية. ويريد التخلص من اعتماد تركيا على الموردين الأجانب وتحويلها إلى مصدر كبير للسلاح. وقد تكون بعض خططه خيالية لكنها تحقق تقدما في الحقيقة، فمن المتوقع أن تسلم تركيا في العام المقبل طرادين إلى أوكرانيا من النوع الذي تستخدمه البحرية التركية.
وتبدو الصناعة العسكرية كبيرة وأكثر اعتمادا على النفس من ذي قبل. وزادت الصادرات من مليار دولار في عام 2002 إلى 11 مليار دولار عام 2020. وظل جيشها، ثاني أكبر جيوش الناتو يعتمد على الموردين الأجانب بنسبة 70 بالمئة من احتياجاته. وانخفض هذا إلى نسبة 30 بالمئة في العام الماضي.
وفي العام الماضي وصلت الصادرات العسكرية والجوية التركية إلى 3.2 مليار دولار، وهو رقم قياسي. وتعود فكرة تطوير صناعة عسكرية محلية إلى 1974 عندما ردت الولايات المتحدة على الغزو التركي لقبرص بفرض حظر لتصدير السلاح. ولكن زاد زخمها في ظل أردوغان.
وكان الضغط الخارجي المحفز الأكبر، فبعد شراء أردوغان نظام دفاع صاروخي من روسيا في عام 2017، قررت الولايات المتحدة إخراج تركيا من برنامج تطوير مقاتلات أف-35، وفرضت عقوبات على وكالة المشتريات العسكرية التركية. وقررت دول أخرى في الناتو منع بيع بعض الأسلحة بعد هجوم تركيا على حلفاء الولايات المتحدة في سوريا ودعمها لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا.
ويبدو أردوغان الآن مصمما على المضي وحيدا، "سنواصل" قال العام الماضي "حتى نحرر بلدنا بالكامل من التبعية الأجنبية".
وترى تركيا برامج الطائرات المسيرة هو بطاقة التعريف للصناعة، وأصبحت صناعة عائلية، فسلجوق بيرقدار، مدير البرنامج متزوج من ابنة أردوغان. ولا تكلف سوى عدة ملايين، أصبحت "تي بي2" تطير بعيدا عن خطوط التجميع.
وفي العام الماضي، كانت بولندا أول دولة عضو في الناتو تشتري المسيرات التركية. وباعت تركيا الطائرات إلى 12 دولة منها قطر والمغرب وإثيوبيا التي استخدمتها ضد متمردي التيغراي. وفي حرب تركيا ضد الانفصاليين الأكراد في شمال العراق وسوريا. أصبحت "تي بي2" أداة حرب روتينية.
ويعتقد أردوغان أن النصر بات في متناول اليد واستبعد أي محادثات مع حزب العمال الكردستاني. ولكن طموحات تركيا في صناعة الأسلحة تذهب أبعد من المسيرات، فهي تخطط هذا العام لتقديم أول حاملة طائرات خفيفة، تي سي جي أناضولوا بزنة 25.000 طن.
وتم تصميم البارجة الحربية وفي الذهن مقاتلة أف-35، لكن تم تكييفها لتكون مناسبة لحمل الطائرات المسيرة أكينتشي، وهي النسخة الأكثر تطورا من "بي تي2". وتم تصميم هذه الطائرة بمحرك أوكراني، ويمكن أن تضرب أهدافها من الجو والأرض.
ومن المتوقع أن تبدأ تركيا بتزويد أول دبابة محلية "ألتاي" في عام 2023 مع أن المشروع الذي تملك قطر فيه نسبة 49.9 بالمئة يواجه مشاكل وتأخيرا. ووعدت قطر بشراء 100 منها. ولدى تركيا خطط لتطوير غواصاتها ومروحيات هجومية بدون طيار وطائرات حربية.
وتقول المجلة؛ إن الصناعة أمامها مستقبل باهر، لكن حلم أردوغان بالاعتماد على الذات غير واقعي. فتصميم وبناء مكونات الطائرات ومحركات السفن وأجهزة الاستشعار والرقائق الدقيقة مكلف جدا كما يقول المحلل الدفاعي أردا ميلود أوغلو. كما أن العقوبات الخارجية التي دفعت الصناعة أعاقت من نموها.
وأهم مثال هي خطط تركيا بيع 30 مروحية قتالية إلى باكستان، وهي صفقة بقيمة 1.5 مليار دولار وعلى حافة الإنهيار؛ لأن الولايات المتحدة رفضت منح رخص تصدير المحركات الأمريكية الصنع إلى تركيا. ويظل الثقب الأكبر في الصناعة العسكرية التركية 100 طائرة من طراز أف-35 التي طلبتها أنقرة ولن تتسلمها.
وسواء كانت محمولة على "تي سي جي أناضولو"، فالمسيرات التركية ليست بديلا عن المقاتلات الأمريكية المتقدمة. ولسوء الحظ بالنسبة لأوكرانيا فهي ليست قوية لتواجه الجيش الروسي.
ويمكن لمسيرات "تي بي2" توجيه ضربات قوية في المراحل الأولى من الحرب، كما يقول مايكل كوفمان من مركز التحليل البحري الأمريكي "سي أن إي" لكن من السهل ضربها في الجو أو على الأرض من خلال الدفاعات الروسية أو الطائرات، فالحرب مع الجماعات الوكيلة لروسيا سمحت لتركيا بأن تظهر قوة أسلحتها الجديدة، لكن حربا مباشرة مع روسيا ستكون أصعب.