صحافة

بشار الأسد ملك الكبتاغون والإرهاب أيضاً

الثلاثاء, 1 فبراير - 2022
austin_tice

تواصل معنا

+961 3 733 933

friendsofaustintice@gmail.com

أحمد مظهر سعدو


يوماً إثر يوم يكتسب بشار الأسد سمات وصفات جديدة، وتتم عولمته على أساس تخطيه كل الآخرين الذين يشبهونه، فيحصل على ألقاب جديدة تضاف إلى سجله الحافل بمثل هذه الصفات والألقاب، فمن الكيماوي إلى قاتل شعبه إلى الإرهابي إلى ملك الكبتاغون، وهي آخر صفاته المعولمة التي وضعته في سياقات ملوك الحشيش والمخدرات الكولومبيين في العالم بل يتخطاهم قليلا في كثير من المناحي.

كانت سوريا أيام أبيه حافظ الأسد بلادًا لعبور المخدرات وتوزيعها على العالم، لكنها اليوم وبوجود بشار الأسد وحاشيته وميليشياته أصبحت وطنًا للعبور والإنتاج أيضًا، فقد وضع سوريا في مصافّ الدول المنتجة والمصنعة للكبتاغون، والمصدرة كذلك، وباتت الملايين من حبات الكبتاغون/ السم القاتل يتم توزيعها على العالم من الأراضي السورية التي يحكمها بشار الأسد، فمن بواخر تصدرها إلى أوروبا (اليونان وإيطاليا)، إلى حدود منتهكة ومفتوحة تشبيحيًا نحو الأردن تصديرًا بالقوة والعنوة باتجاه سوق دول الخليج العربي، عبر الحدود الأردنية التي يراها الأسد وشبيحته ضعيفة ورخوة ومستباحة كي يرسل عبرها مواده المخدرة المصنَّعة في معامل الكبتاغون السورية في مصانع الساحل السوري، ليساهم مرة أخرى في تصدير المقتلة الأسدية للشعوب العربية، وهذه المرة عبر المخدرات كسم قاتل، بعد أن اتسمت سنواته العشر المنصرمة بسمة المقتلة لشعبه في جل الجغرافيا السورية.

لكن يبقى السؤال قائمًا لماذا أصبحت سوريا على أيدي بشار الأسد بلدًا مشوه السمعة ويُنظر إليه عالميًا على أنه يشبه كولومبيا في تصديره وتصنيعه لمادة المخدرات القاتلة؟ ولماذا تزداد تجارته هذه اطّرادًا رغم كل العقوبات (القيصرية) وسواها وعلى مرأى من العالم برمّته، دون القدرة على ضبطه ومنع اشتغاله بهذه التجارة المحرمة دوليًا؟ ونعتقد أن ذلك يعود لأسباب كثيرة نذكر منها:

إن نظام الأسد استفاد من التجربة الأفغانية، يوم شعرت الولايات المتحدة الأميركية بثقل فاتورة الحرب الأفغانية ضد الوجود السوفييتي، فأخذت بنصيحة الرئيس المصري أنور السادات (بحسب وثائق حسنين هيكل) عندما اقترح على الأميركان تنمية وتشجيع زراعة وتجارة الحشيش وهي مادة متوفرة في الأراضي الأفغانية، حيث استطاعت هذه الزراعة والتجارة أن تكفي الحرب هناك تمويلًا ودعمًا دون الحاجة إلى الأموال الأميركية.

 عندما توقف الخط الائتماني الإيراني عن الاستمرار في دعم الخزينة السورية لتمويل الحرب الأسدية ضد السوريين، بعد صعود أصوات كثيرة في إيران تنادي بتحويل الأموال الإيرانية إلى الداخل الإيراني الذي يعاني كثيرًا نتيجة أوضاع اقتصادية بائسة، فالأَولى هو الداخل الإيراني، وليس ضخ الأموال نحو لبنان وسوريا واليمن. وهو ما دفع النظام السوري إلى البحث عن موارد مالية أخرى تدعم وتغطي حربه ضد شعبه.

امتناع وعدم قدرة الاتحاد الروسي عن الاستمرار في إرسال السلاح بلا مقابل أو على أساس الدفع دينًا وإلى أجل غير مسمى، وأيضًا نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها روسيا، وهي بالأساس لم تأت إلى سوريا إلا من أجل مصالح نفعية براغماتية وليس من أجل الصرف على حرب لا طائل منها.

وجود ميليشيات على الأراضي السورية لها خبرة طويلة في زراعة وتجارة المخدرات، وهي التي نصحت ميليشيات الأسد باتباع (خط ائتماني جديد) هو خط المخدرات الأكثر سهولة والأكثر مضاءً في إعادة قيام الأجهزة الأسدية المنهارة، ونعني هنا ميليشيات حزب الله اللبناني التي خبرت طويلًا (وعبر سنوات وجود قوات الأسد في لبنان) زراعة كل أراضي البقاع اللبناني بنبات الحشيش ذي الشهرة العالمية.

بالإضافة إلى ذلك فإن الحرب واستمرار استيلاد ميليشيات تابعة لآل الأسد في الساحل السوري وفي ريف السويداء وفي غير مكان من سوريا، وقدرتها على التخفي هي ومصانعها هناك، مكنها من التفكير جديًا في تصنيع الحبوب التي باتت التجارة العالمية الأغلى بعد الذهب والألماس، وهي الأسهل تصنيعًا لدى ميليشيات الأسد.

وجود الحدود المفتوحة القريبة من تمركز عناصر حزب الله في الجنوب السوري والمنفلتة من عقالها في غياب الدولة كليا، والاستعاضة عنها بميليشيات إيرانية وأفغانية ولبنانية وعراقية همها الأساس هو الربح، وليس همها الوطن السوري، بوجود السم القاتل، أو السمعة السيئة عالميًا والمكتسبة من جراء هذه التجارة.

كل ذلك وسواه ساهم بدفع النظام الأمني السوري وعصاباته وميليشياته، وعبر نهج متفق عليه من رأس النظام وأجهزته الأمنية، إلى الاستسهال والخوض في جريمة تصنيع وتصدير الكبتاغون، بالرغم من تأثيرها على سمعته وتشويه أي سمة للوطن السوري عالميًا وهي سمعة لن تزول بسرعة، أي بمجرد زوال النظام، بل ستبقى ملتصقة بالواقع السوري إلى عشرات السنين. كما هو حال أفغانستان وحال كولومبيا ودول أخرى شبيهة.

وإذا لم يعد يهمّ النظام السوري سمعته التي أضحت في الحضيض، يُفترض أن تهمّه مسارات التطبيع بينه وبين بعض الدول العربية وهي التي ارتضت لنفسها العودة إلى فتح سفاراتها في دمشق، ومد يد التواصل والتعاون مع هذا النظام القاتل لشعبه، حيث ليس معقولًا بعد اليوم القبول باستمرار سياسات التطبيع مع نظام يصدر المخدرات إليها وإلى شعبها، ونعني بذلك دول الأردن وبعض دول الخليج العربي التي بدأت التطبيع معه منذ فترة ليست بالبعيدة، وصمتت أميركا عن هذا المسار التطبيعي، لأن المسألة اليوم باتت تشمل كل دول الخليج أمام انكشاف وفضح العشرات (وبشكل يومي) من عمليات التهريب للمخدرات من قبل نظام الأسد إلى اتجاه واضح وموجّه وهو سوق الخليج العربي بكلّيّته.

ملك الكبتاغون كما يتضح لم يعد يهمّه أبدًا كل ذلك، إذ المهمّ لديه هو سدّ العجز والانهيار الاقتصادي الذي قد يودي به وبنظامه، إن لم يجد ما يدعم خزينته الفارغة، وإن عجز عن إيجاد موارد تمول سلاحه لقتل شعبه في إدلب وكل الشمال السوري، في ظل عدم موافقة الدول العربية على مسألة إعادة الإعمار التي تنتظرها روسيا بفارغ الصبر وصولًا إلى دعم اقتصاداتها المتصدعة، وكذلك الدولة الإيرانية التي تنتظر هي أيضًا اقتسام الكعكة السورية.

وكي يبقى ملك الكبتاغون متسيدًا متربعًا على تلته، وحاكمًا شكليًا للوطن السوري، سيبقى في أمسّ الحاجة إلى موارد مالية تدعم بقاءه ووجوده، ولا يبدو حتى الآن أن هناك موارد أخرى بديلة يمكن أن تعوّضه ما تدرّه عليه تجارة وتصنيع الكبتاغون وكل أنواع المخدرات والحشيش. وسوف يظل في عملية استمرار لسياساته الكبتاغونية التي أصبحت سمة وجوده وتجاراته الرابحة، (كعصابة وليس كدولة) لم يعد يهمّها أبدًا إلا الربح والكسب غير المشروع.


المصدر: تلفزيون سوريا

الوسوم :