غزوان قرنفل
ربما لا نضيف جديدا إذا قلنا إن حاصل الصفرين في أية عملية حسابية هي دائما الصفر وحدها عملية تقسيم الصفر على الصفر لا تعطيك أية نتيجة .. ولا حتى صفرا !!! .
واقع ما آل به الحال السوري أن النظام لم يعد رقما ذا قيمة بأية معادلة، وسيبقى صفرا طالما لم يتم وضعه على يمين رقم آخر يحاول عبثا البحث عنه عبر حليف روسي أو إيراني لا فرق ، المهم أن يجعل لنفسه قيمة ما في معادلة الحل.
ولا تختلف المعارضة البائسة عن حال النظام الذي يفترض أنها على الضد منه، فهي أيضا في معادلة هذا الصراع ليست أكثر من صفر يلتمس عبثا مكانا ضمن المعادلة، علّه يجعل لوجوده قيمة ولكن يبقى الصفر صفرا ما لم يجد رقما آخر يقبل أن يضعه على يمينه ليكسبه قيمة ويكتسب به معادلا أعلى ضمن معادلة الحل الدولي لهذا الصراع.
نقول هذا الكلام بمناسبة الجهد المحموم لبعض شخوص وأطياف المعارضة التي بعد سنوات عشر عجاف فكرت بترتيب أوراقها مجددا بعد أن أدركت متأخرة أنها وصلت إلى القاع ليس فقط بسبب تفريطها المبكر بالكثير من أوراق قوتها ولكن أيضا لتفريطها بكل ثوابت الحل السياسي المتوافق عليه دوليا والمعبر عنه بوثيقة جنيف واحد، وبالقرارات الدولية المتعلقة بالملف السوري وفي مقدمتها القرار 2254.
لكن هذا الجهد الذي سيعبر عنه بمؤتمر الدوحة المقرر عقده أوائل شباط المقبل، ومن خلال ما يتم تداوله من قوائم أسماء المدعوين إليه والمشاركين به وعدم وضوح الأجندة التي سيشتغل عليها المؤتمرون والمخرجات المتوقعة له، لا أعتقد أنه سيمثل أية إضافة من شأنها فرملة المسار الانحداري لمجمل عمل المعارضة، فالإصرار على إعادة اكتشاف النار وإنتاج أجندة عمل سياسية يتوهم أن تكون مختلفة، وتخيل إمكانية ذلك باستعمال نفس الأدوات ووسائل العمل ومن ثم توقع نتائج مختلفة هو ضرب من الجنون والبله السياسي، وهو ما يؤكد ويعزز لدى السوريين صفرية القيمة والقدرة على الفعل وبالتالي صفرية النتائج على ضفة عمل المعارضة.
يحاول النظام الذي فرّط بكل أوجه ومظاهر السيادة الوطنية للدولة السورية وباع ورهن مقدراتها وثرواتها ثمنا لدعم بقائه في السلطة، أن يكسر طوق العزلة الدولية
على الضفة الأخرى أيضا يحاول النظام الذي فرّط بكل أوجه ومظاهر السيادة الوطنية للدولة السورية وباع ورهن مقدراتها وثرواتها ثمنا لدعم بقائه في السلطة، أن يكسر طوق العزلة الدولية وتخفيف وطأة العقوبات الاقتصادية عليه خصوصا أنه يستند إلى دعم قوي من روسيا التي تسعى بدأب لإعادة إدماجه ضمن المنظومة الدولية عبر غرفة إنعاش جامعة الدول العربية.. ومع ذلك تبقى قدرته على صناعة السياسات وإنتاج الحلول صفرا وهو ما يزال يمارس هوايته في المراهنة على الوقت الذي يراه دائما كفيلا وسبيلا لتطبع المجتمع الدولي مع حقيقة وجوده وبقائه.
وما بين الضفتين يطحن السوريون الذين بلغوا مبلغا من الجوع والفقر لم يبلغوه ولم يألفوه قبلا، فالدولة استقالت من مهامها ووظيفتها الخدمية وما بقي منها مجرد سلطة لفرض القهر والإخضاع بانتظار لحظة إعادة إنتاجها وبنائها مجددا إذا ما وجدت لذلك سبيلا، في حين ترتع الميليشيات المعارضة في مناطق أخرى لتبدع أشكالا وأنماطا أخرى للإذلال والقهر والتشرد والفاقة.
جميع الأطراف السورية تعبث اليوم في الوقت الإقليمي المستقطع، بينما التوقيت الدولي للحلول لم يحن بعد.. وكل هذا الحراك من الأطراف المحلية للصراع يبقى مجرد حراك مثير للغبار أكثر مما هو منتج للحلول.. فإمكانية صناعة الحلول بأيد سورية فقدها السوريون جميعا – سلطة ومعارضة - بعد أن ارتهنوا ورهنوا قرارهم ومصيرهم لصانعي الأزمات الدولية ومهندسي حلول تلك الأزمات.
المصدر: تلفزيون سوريا