الطريق- وكالات
دعا مدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أودي ديكل إلى عدم التفاؤل في كل ما يتعلق بإبعاد إيران وأذرعها عن سوريا، أو حتى محاولة دق أسافين بين نظام بشار الأسد وإيران.
واعتبر ديكل في دراسة نشرها على موقع المركز، أن التقديرات المتفائلة التي تصدر عن أذرع الاستخبارات الإسرائيلية بهذا الخصوص غير دقيقة؛ لأن "إسرائيل لا تزال بعيدة عن تحقيق هدفها الاستراتيجي المتعلّق بطرد إيران وتقليص نفوذها ونفوذ وكلائها في سوريا. كما أن التوقعات بأن يقوم بشار الأسد وروسيا بهذه المهمة بدلاً من إسرائيل هي خاطئة".
وأضاف أن الأسد "يفتقر إلى القوة اللازمة لإجبار إيران على الخروج من سوريا... وعليه فإن على إسرائيل مواصلة معركتها ضد التموضع العسكري الإيراني، وضد وكلاء إيران في سوريا، والاستعداد للتعاون مع جماعات ومجموعات محلية تعارض النفوذ الإيراني كما تعارض النظام".
وعارض ديكل تقديرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال تمير هايمان الذي أعلن مؤخراً أن "النشاط الإيراني مستمر ويغير شكله وأنماطه، لكن التموضع الإيراني في سوريا توقف، كما أن حزب الله ابتعد عن الجولان".
كما رفض ديكل تصريحات هايمان التي تحدثت عن أن الجيش الإسرائيلي "شوّش فعلياً المحاولات الإيرانية لبناء منظومة صاروخية في سوريا وإخفائها في مواقع مدنية، على غرار ما هو قائم في لبنان، وصولاً إلى القول: لقد تمكنّا من دق إسفين بين الأسد وبين إيران، وهو يدرك اليوم أنه يتلقى ضربات على استضافته للإيرانيين".
واعتبر ديكل أن صورة الوجود الإيراني في سوريا أكثر تعقيداً مما أشار إليه هايمان، وأن هذا الوجود العسكري والمدني الإيراني مستمر ومتواصل وتتم ملاءمته وفقاً للظروف المتغيرة.
ورغم إقراره بأن إسرائيل تمكّنت فعلياً من تشويش "ملف الجولان" وفق خطة "حزب الله" لتحويل الجولان السوري لميدان احتكاك متواصل ونشر خلايا للحزب في جنوبي سوريا؛ رأى ديكل أن خصائص الوجود الإيراني في سوريا ومظاهره لا تتأثر فقط بالعمليات الإسرائيلية، وإنما أيضاً بتغيير الظروف والشروط على الأرض بعد عقد من الثورة والحرب، ذلك أن إيران "معنية بتجنب أي مواجهة مع روسيا، وحريصة على معرفة مخاوف روسيا من التداعيات المحتملة والممكنة لاستمرار الغارات الإسرائيلية وضربها، وعلى مستقبل بقاء نظام الأسد".
وعلى الرغم من أن إيران أبدت تجاوباً مع مطالب روسية في ما يتعلق بسحب وكلائها من جنوبي سوريا؛ فإنها لم تتخذ الموقف نفسه بشأن انتشار "حزب الله" في الجنوب السوري، ولم تتخلَ عن أهدافها الاستراتيجية بعيدة المدى، مثل التأثير في الفضاء السوري، وبناء جسر بري من إيران وصولاً إلى سورية ولبنان، والضغط لإخراج القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، وبناء قواعد لإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، بحسب ديكل.
واعتبر أن التقديرات بشأن إحداث شرخ بين نظام الأسد وإيران، مبالغ فيها، وتنطوي على خطأين كبيرين؛ الأول أنه من الصعب الافتراض بأن الأسد مستعد للتنازل عن شراكة استراتيجية مع إيران عمرها 40 عاماً، مقابل بعض الامتيازات في تحسين علاقاته مع دول الخليج، التي أيدت الثورة والمتمردين الذين كادوا يسقطون نظامه.
والثاني لكون المستشارين العسكريين الإيرانيين كما المليشيات الشيعية يواصلون القيام بدور مهم في حماية النظام ومنع سقوطه، فيما لا تزال الحرب في سوريا بعيدة عن الحسم. كما أن لدى الأسد ما يكفي من الأسباب للاعتقاد بأن تحسين علاقاته الدبلوماسية سيستمر حتى مع محافظته على علاقات وطيدة مع إيران.
واعتبر ديكل أنه ينبغي الامتناع عن التقديرات المتفائلة بقرب وقف التموضع الإيراني في سوريا، إذ لا تزال إسرائيل بعيدة عن تحقيق هدفها الاستراتيجي في هذا الباب، مضيفاً أن النفوذ والتأثير الإيراني في سوريا ضروريان للمشروع الإيراني بفرض هيمنته على الهلال الخصيب العربي، وتحدي إسرائيل عند حدودها مع الجولان وفي لبنان.
وقد طوّرت إيران وفقاً للتغييرات بدائل سياسية وعسكرية واقتصادية ودينية في سوريا. فهي تعتمد في جنوب سوريا مثلاً على مليشيات محلية وعلى "حزب الله"، وفي دمشق "تستغل التغييرات الديمغرافية الناجمة عن هروب السكان من أهل السنة لبناء ريف شيعي خاضع للهيمنة الإيرانية وتطويره". كما تتمسك بسيطرتها على المطارات في حمص لتأمين السيطرة على الحدود السورية اللبنانية، وفي شرقي سوريا تقوم ببناء قوات للتدخل السريع استعداداً للانتشار في حال انسحاب القوات الأميركية من المنطقة.
وشدد ديكل على أنه لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على أن يقوم الأسد بإبعاد إيران، وعليها أن تثابر في حربها المتواصلة ضد التموضع العسكري الإيراني، وتموضع أذرع إيران، وأن تبني تعاوناً مع مجموعات محلية تناهض النفوذ الإيراني وتعارض نظام الأسد، وأن تعزز بموازاة ذلك أيضاً الحوار الثلاثي مع روسيا والولايات المتحدة الأميركية للتأثير في بلورة المستقبل السوري.