الطريق- وكالات
نفذ مسلحون، أول أمس الجمعة، هجوما داميا على قاعة "كروكوس" للحفلات في ضاحية كراسنوغورسك شمال غربي العاصمة الروسية موسكو، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 143 شخصا وإصابة نحو 152، وفق لجنة التحقيقات الروسية.
وقد تبنى تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عن الهجوم، وذلك وفق حسابات على مواقع التواصل عادة ما يستخدمها التنظيم.
فيما يلي أبرز ملابسات الهجوم وتفاصيله..
مسرح الهجوم
وقع الهجوم في قاعة حفلات بمركز كروكوس للتسوق غرب العاصمة الروسية موسكو المترامية الأطراف والتي تضم حوالي 12 مليون شخص.
يقع المركز في كراسنوغورسك، على بعد حوالي 20 كيلومترا غرب مقر الرئاسة (كرملين) وبمحاذاة طريق موسكو الدائري.
تم افتتاح قاعة الحفلات الموسيقية بالمركز في 2009، وهي مكان ترفيهي شهير يتسع لـ6200 شخص.
أقام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ذات مرة مسابقة ملكة جمال الكون في القاعة.
تفاصيل الهجوم
بدأ الهجوم مساء الجمعة بينما كان الناس يأخذون مقاعدهم لحضور عرض نفدت تذاكره لفرقة "بيكنيك" وهي فرقة روك شهيرة من الحقبة السوفياتية.
دخل 5 رجال يرتدون زيا عسكريا قاعة الحفلات وفتحوا النار على مَن بداخلها.
قال شاهد عيان يدعى ديف بريموف لوكالة أسوشيتد برس إن حالة من الفوضى حدثت بمجرد إطلاق النار.
بريموف: كان هناك وابل من الرصاص. نهضنا جميعا وحاولنا التحرك نحو الممرات. بدأ الذعر وركض الجميع واصطدموا ببعضهم. وسقط البعض وداسهم آخرون.
قال محققون روس إن 143 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 152 آخرين في واحدة من أسوأ الهجمات التي تشهدها البلاد منذ عقود.
ألقى المهاجمون متفجرات أدت إلى إشعال حريق ضخم غطى في وقت ما مساحة تصل إلى 12900 متر مربع وفقا لوكالة أنباء إنترفاكس الروسية.
أظهرت مقاطع الفيديو المصورة المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي المسلحين وهم يطلقون النار بشكل متكرر عند دخولهم المبنى، ويطلقون النار على الناس من مسافة قريبة.
أظهر مقطع فيديو آخر رجلا في القاعة يقول إن المهاجمين أشعلوا النار فيها. وتدخلت المروحيات لإخماد النيران من الجو، بينما كان رجال الإطفاء يكافحون النيران من الأرض. وتمت السيطرة على الحريق في نهاية المطاف في وقت مبكر من يوم السبت.
قالت وزارة حالات الطوارئ إن رجال الإطفاء ساعدوا نحو 100 شخص على الهروب عبر قبو المبنى، في حين بدأت عمليات الإنقاذ أيضا للأشخاص المحاصرين على السطح.
مطاردة المهاجمين
فتحت لجنة التحقيق الروسية، وهي أعلى وكالة تحقيق جنائية حكومية، تحقيقا "إرهابيا" في الهجوم، وكان الحرس الوطني، من بين الوحدات المنتشرة للبحث عن المسلحين.
نيكولاي باتروشيف، أمين مجلس الأمن الروسي والحليف الرئيسي للرئيس فلاديمير بوتين: هجوم موسكو يظهر مدى خطورة التهديد الإرهابي على روسيا.
السياسي ألكسندر خنشتين نقلا عن "معلومات أولية": اثنان على الأقل من المشتبه بهم اعتقلا في منطقة بريانسك، على بعد نحو 340 كيلومترا جنوب غربي موسكو، بعد مطاردة بالسيارات. المشتبه بهم الآخرون فروا إلى غابة قريبة وتجري ملاحقتهم.
لم يتهم الكرملين أحدا على الفور في الهجوم، لكن بعض السياسيين الروس سارعوا إلى اتهام أوكرانيا.
نفى ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تورط أوكرانيا. وكتب على موقع إكس "أوكرانيا لم تلجأ أبدا إلى استخدام الأساليب الإرهابية. كل شيء في هذه الحرب سيتم تحديده فقط في ساحة المعركة".
تنظيم الدولة يتبنى
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان، وهو فرع أفغاني تابع للتنظيم، مسؤوليته عن الهجوم في بيان نشرته وكالة أعماق للأنباء التابعة له.
قالت أعماق إن مقاتليها فعلوا ذلك وهاجموا ضواحي موسكو وقتلوا وجرحوا المئات وأحدثوا دمارا كبيرا في المكان قبل أن ينسحبوا إلى قواعدهم سالمين.
أبلغت روسيا عن عدة حوادث تتعلق بتنظيم الدولة هذا الشهر، حيث قال جهاز المخابرات الروسي في 7 مارس/آذار إنه أحبط هجوما لتنظيم الدولة على معبد يهودي في موسكو.
قالت الولايات المتحدة إنها حذرت أيضا من التهديد المتزايد الذي يشكله "المتطرفون" الذين لديهم خطط وشيكة لشن هجوم على "التجمعات الكبيرة" في موسكو، وقد شاركت هذه النتيجة مع الروس. وقال مسؤول أميركي، مساء الجمعة، إن لدى واشنطن معلومات استخباراتية تؤكد إعلان تنظيم الدولة مسؤوليته عن الهجوم على قاعة مدينة كروكوس.
قال الخبراء إن التنظيم عارض بوتين في السنوات الأخيرة.
قال كولين كلارك من مركز صوفان، وهي مجموعة بحثية مقرها واشنطن "لقد كان تنظيم الدولة في ولاية خراسان يركز اهتمامه على روسيا على مدى العامين الماضيين، وكثيرا ما انتقد بوتين في دعايته".
قال مايكل كوجلمان من مركز ويلسون ومقره واشنطن العاصمة إن تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان "يرى أن روسيا متواطئة في الأنشطة التي تضطهد المسلمين بانتظام".
ماذا قال بوتين؟
سيتم تحديد هوية جميع المسؤولين عن هجوم موسكو ومعاقبتهم. وأضاف "إن جميع مرتكبي هذه الجريمة ومنظميها سيواجهون حتما العقاب العادل".
بغض النظر عمن هم أو من كان يوجههم، فسوف نحدد ونعاقب كل من كان وراء هذا الهجوم الإرهابي.
المهاجمون حاولوا الفرار باتجاه أوكرانيا.
المعلومات الأولية أظهرت أن بعض الأشخاص في أوكرانيا على استعداد للسماح لهم بعبور الحدود من روسيا.
تم إعلان يوم الأحد يوم حداد وطني.
الهجمات السابقة التي استهدفت روسيا؟
في أكتوبر/تشرين الأول 2015، انفجرت قنبلة زرعها تنظيم الدولة في طائرة ركاب روسية فوق صحراء سيناء، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 شخصا، معظمهم من الروس العائدين من عطلاتهم في مصر.
هزت البلاد أيضا سلسلة من الهجمات المميتة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21.
في سبتمبر/أيلول 2004، استولى حوالي 30 مقاتلا شيشانيا على مدرسة في بيسلان بجنوب روسيا واحتجزوا مئات الأشخاص كرهائن.
انتهى الحصار بعد يومين بحمام دم، وقُتل أكثر من 330 شخصا، نصفهم تقريبا من الأطفال.
في أكتوبر/تشرين الأول 2002، اقتحم المقاتلون الشيشان أحد المسارح في موسكو وأخذوا حوالي 800 شخص كرهائن في القاعة.
بدأت القوات الخاصة الروسية عملية لإنقاذ الأسرى بعد يومين، من خلال إخضاع المهاجمين أولا بالغاز المخدر.
قتل نحو 41 شيشانيا، فضلا عن 129 رهينة، معظمهم من آثار الغاز.
ردود الفعل الدولية
الرئيس الصيني شي جين بينغ أرسل "تعازيه" إلى بوتين. وشدد على أن الصين تعارض كل أشكال الإرهاب وتدين بشدة الهجوم الإرهابي وتدعم بقوة جهود الحكومة الروسية لحماية أمنها الوطني واستقرارها.
المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي قال إن "الصور مروعة ومن الصعب مشاهدتها، وإن مشاعرنا ستكون مع ضحايا هذا الهجوم المروع".
الاتحاد الأوروبي قال إنه شعر "بالصدمة والفزع" بسبب الهجوم. وقال متحدث باسم الاتحاد إن "الاتحاد الأوروبي يدين أي هجمات ضد المدنيين. مشاعرنا مع جميع المواطنين الروس المتضررين".
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قال على منصة إكس "إننا ندين بشدة الهجوم الإرهابي الشنيع في موسكو. مشاعرنا وصلواتنا مع عائلات الضحايا. الهند تقف متضامنة مع حكومة وشعب الاتحاد الروسي في ساعة الحزن هذه".
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال في بيان أصدره قصر الإليزيه، إنه "يدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية". وأضاف أن "فرنسا تعرب عن تضامنها مع الضحايا وأحبائهم والشعب الروسي برمته".
ومن بين الدول الأخرى التي أدانت الهجوم ألمانيا وأفغانستان والنرويج وكوبا وإيطاليا واليابان وفنزويلا وإسرائيل والسلطة الفلسطينية وماليزيا.
المصدر: الجزيرة