صحافة

لماذا فشلت الأحزاب التركية الثلاثة في تشكيل كتلة جديدة؟

الجمعة, 7 يوليو - 2023
austin_tice

تواصل معنا

+961 3 733 933

friendsofaustintice@gmail.com

إسماعيل ياشا 


أجرت ثلاثة أحزاب من تحالف الطاولة السداسية المعارض في تركيا، وهي حزب السعادة برئاسة تمل كاراموللا أوغلو وحزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان، مباحثات من أجل التوصل إلى اتفاق لتشكيل كتلة برلمانية مشتركة كي تستفيد من المزايا التي تُمنح فقط للكتل البرلمانية، وفقا للنظام الداخلي للبرلمان التركي.

الأحزاب الممثَلة في البرلمان التركي يحتاج كل واحد منها إلى 20 مقعدا على الأقل ليتمكن من تشكيل كتلته البرلمانية. ويُمنح الحزب الذي يملك كتلة برلمانية قاعة خاصة به في مبنى البرلمان ليعقد فيها اجتماعاته الأسبوعية، كما يتم تمثيله في ديوان رئاسة البرلمان واللجان البرلمانية التي تناقش مشاريع القوانين، ويمنح حق الحديث بالمدة المحددة في الجمعية العامة، بالإضافة إلى تمثيله في المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع عدد أعضاء كتلته البرلمانية.

حزب الديمقراطية والتقدم يملك في البرلمان التركي 15 مقعدا، كما يملك كل من حزب السعادة وحزب المستقبل 10 مقاعد فيه. وبالتالي، لا يحق لأي من هذه الأحزاب الثلاثة تشكيل كتلة برلمانية، وهو ما دفع رؤساءها إلى البحث عن حلول لتشكيل كتلة برلمانية والاستفادة من المزايا التي تمنح للكتل البرلمانية. وكان الحديث يدور قبل أيام في الأوساط السياسية والإعلامية حول اقتراب الأحزاب الثلاثة من الاتفاق على صيغة لتشكيل كتلة برلمانية جديدة، إلا أنه أُعلن فيما بعد عن فشل تلك المباحثات.

حزب السعادة يدّعي بأنه يمثل تيار "الرأي الوطني" (مللي غوروش) الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق الراحل نجم الدين أربكان. ومن المعلوم أن رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ورفاقه انشقوا عن هذا التيار ليؤسسوا حزب العدالة والتنمية. كما أن حزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم أسسهما داود أوغلو وباباجان بعد انشقاقهما عن حزب العدالة والتنمية، ولذلك يرى كثير من المراقبين أن الأحزاب الثلاثة تأتي من ذات الجذور، وبالتالي يطرح هذا السؤال نفسه: "لماذا فشلت هذه الأحزاب في التوحد والاتفاق على تشكيل كتلة برلمانية؟".

الجواب، باختصار، هو أن الأسباب التي حالت دون اتفاق الأحزاب الثلاثة على تشكيل تحالف انتخابي داخل تحالف الطاولة السداسية وتشكيل قوائم مشتركة قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، هي ذاتها أدت إلى فشل المباحثات التي أجرتها هذه الأحزاب من أجل تشكيل كتلة برلمانية. وأهم تلك الأسباب أن كل حزب من الأحزاب الثلاثة يخشى على كينونته الحزبية وهويته السياسية من الذوبان، ويحرص على حمايتها.

حزب السعادة كان يصر على أن يكون تحالف الأحزاب الثلاثة تحت مظلته باعتباره أقدم من الاثنين الآخرين. واشترط على حزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم أن يتم ترشيح أعضائهما ضمن قوائم حزب السعادة، إلا أن الحزبين رفضا آنذاك هذا الشرط، وفضلت الأحزاب الثلاثة ترشيح أعضائها ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري. كما لم يقبل حزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم فكرة تشكيل كتلة برلمانية من خلال انضمام نوابهما إلى حزب السعادة.

داود أوغلو اقترح على كاراموللا أوغلو وباباجان حلا لم يسبق له مثيل في تاريخ السياسة التركية ورأى أنه يمكن أن يرضي الجميع، وهو تأسيس حزب سياسي جديد، لينضم إليه من كل حزب من الأحزاب الثلاثة 7 نواب، ليكون عدد نواب الحزب الجديد 21 نائبا، وتتولى رئاسته أسماء من الأحزاب الثلاثة بالتناوب على أن يشرف الرؤساء الثلاثة على أداء ذاك الحزب ورئيسه، مع احتفاظ كل حزب من الأحزاب الثلاثة بكينونته الحزبية وهويته السياسية. إلا أن رئيس حزب السعادة ورئيس حزب الديمقراطية والتقدم رفضا اقتراح رئيس حزب المستقبل، لأنهما رأيا أن الحزب الجديد الذي سيتم تأسيسه فقط من أجل تشكيل كتلة برلمانية، سيؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف الأحزاب الثلاثة.

حزب السعادة وحزب الديمقراطية والتقدم فضّلا أن يواصلا طريقيهما نحو رفع شعبيتيهما من أجل تعزيز حظوظهما في الانتخابات القادمة، إلا أن هناك سببا آخر يعرقل توصل الأحزاب الثلاثة إلى اتفاق لتشكيل تحالف انتخابي أو كتلة برلمانية، وهو أن هذه الأحزاب تتنافس على كسب أصوات ذات الشريحة من الناخبين، وبالتالي، يؤدي ارتفاع شعبية أحد هذه الأحزاب إلى تراجع شعبية الاثنين الآخرين أو أحدهما.

هناك فرصة أخرى أمام الأحزاب الثلاثة للتنسيق والتعاون في الانتخابات المحلية التي يتوقع إجراؤها بعد حوالي ثمانية أشهر، إلا أن الأسباب التي عرقلت تحالفها في الانتخابات البرلمانية وتشكيلها كتلة برلمانية مشتركة ما زالت قائمة. وهل ستتمكن من تجاوز كافة الصعوبات لتخوض الانتخابات المحلية ضمن تحالف انتخابي تشكله الأحزاب الثلاثة أم ستفضل التحالف مع حزب الشعب الجمهوري، كما فعلت في الانتخابات البرلمانية؟ هذا ما ستكشف عن جوابه الأيام القادمة.


المصدر: عربي21

الوسوم :