الطريق
أشعل قرار الأردن منح حزب “البعث العربي الاشتراكي” (النسخة العراقية)، ترخيصا للانخراط بشكل قانوني في الحياة السياسية في المملكة، جدلاً واسعاً، وسط رفض من المنظومة السياسية المتحكمة في المشهد العراقي، والتي عدتها خطوة "عدائية".
واعتبرت أوساط سياسية أن الموقف الصادر من بعض القوى في العراق، بشأن منح ترخيص لأردنيين لتشكيل حزب في المملكة، لا يبدو منطقيا، حتى وإن كان هذا الحزب يحمل ذات أفكار وتوجهات حزب البعث العراقي المنحل.
وتلفت الأوساط إلى أن ما يحرك هذه القوى هو الحساسية المفرطة حيال الأردن، حيث لم تنس هذه القوى للمملكة أنها كانت في معظم الفترات قريبة من نظام الرئيس الراحل صدام حسين، ومستفيدة منه، كما أنها تحتضن حاليا عددا من الشخصيات البعثية، ومنها رغد صدام حسين.
وتشير الأوساط نفسها إلى أن هذه القوى المسكونة بنظرية المؤامرة تعتبر أن إعادة إحياء حزب البعث في الأردن، لا تخلو من حسابات تستهدفها على المدى المتوسط.
لجنة نيابية تطالب بمسيرات استنكار واحتجاج وإرسال رسائل احتجاج إلى السفارة الأردنية على إجازة المملكة لحزب البعث
وكانت الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن أجازت في الرابع عشر من أيار 2023، عددا من الأحزاب السياسية الجديدة من بينها “حزب البعث العربي الاشتراكي”.
وأتت هذه الخطوة في سياق مسار إصلاح سياسي بدأته المملكة، وأحد تمظهراته مراجعة قانون الأحزاب، في ظل حالة التكلس السياسي التي تعاني منها.
وبحسب صحيفة "العرب" ترى الأوساط السياسية أن المواقف المتوالية الصادرة من بعض القوى المحسوبة على إيران في العراق، لا تخلو من حسابات في علاقة برغبة في توتير الأجواء بين بغداد وعمان، في ظل التحسن الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية.
وطالبت لجنة “الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين” في البرلمان العراقي، الخميس، وزارة الخارجية العراقية باستدعاء السفير الأردني لدى بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على خلفية إجازة المملكة لحزب البعث بممارسة نشاطه السياسي في الأردن.
وقال رئيس اللجنة حسن سالم في بيان “نحن لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين النيابية التي تمثل صوت الشارع والشعب، وبالخصوص الشرائح المضحية التي قدمت الدماء والتضحيات من أجل الحرية والخلاص من الظلم والدكتاتورية، تعلن احتجاجها واستنكارها إزاء إجازة المملكة لحزب البعث”.
وطالب رئيس اللجنة مجلس النواب بـ”إعادة النظر في الاتفاقية الأمنية وتضمينها تسليم المطلوبين من البعثيين والإرهابيين المتواجدين على أراضي المملكة الأردنية الهاشمية ومساعدة العراق حكومة وشعبا في تسليم هؤلاء المجرمين إلى القضاء العراقي لينالوا الجزاء العادل”.
ودعا رئيس اللجنة وزارة الخارجية إلى استدعاء السفير الأردني وتسليمه مذكرة احتجاج واستنكار. وأضاف “نطالب مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين بإصدار بيانات الاحتجاج على هذه الإجراءات من قبل الحكومة الأردنية”.
وطلب سالم من “ذوي الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين وجميع ضحايا جرائم البعث
والإرهاب الخروج بمسيرات رفض واستنكار واحتجاج، وإرسال رسائل احتجاج إلى السفارة الأردنية بالطرق السلمية التي كفلها الدستور والقانون لكونهم الشهداء على تلك الحقبة المظلمة”.
ويرى مراقبون أن ردود الفعل العراقية الصادرة عن القرار الأردني تعكس حقيقة أن حزب البعث لا يزال يخيف النظام السياسي الحاكم في العراق، على الرغم من مرور نحو عقدين من اجتثاث الحزب بقرار صادر حينها عن الحاكم بول بريمر، عقب الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، والذي لا يزال العراق يعاني تبعاته.
ويشير المراقبون إلى التصريحات المتشنجة التي صدرت الشهر الماضي ردا على إطلالة ابنة الرئيس الراحل صدام حسين، والتي قالت فيها إنها ستكون “جزءا من مرحلة وطنية قادمة”، وأن “جثة والدها ستعود باستقبال عسكري مهيب” إلى العراق.
واحتج حزب الدعوة الإسلامية الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، بشدة على إجازة عمل “حزب البعث الصدامي” في الأردن، فيما عد ذلك “عملا عدائيا واستفزازيا”.
وقال الحزب في بيان “فوجئ العراقيون وانتابتهم الصدمة والغضب العارم من خبر إجازة الحكومة الأردنية لحزب ‘البعث الصدامي’ ممارسة النشاط السياسي، وكان يكفي دليلا على منع هذا الحزب الفاشي من العمل تاريخه الأسود وما ترتب على وجوده في السلطة من مآس لشعوب المنطقة بسبب إذكائه للصراعات الداخلية والحروب العدوانية، ومنها غزو الكويت، وفتح أبواب العراق للاحتلال الأجنبي”.
وأضاف “ومع الحرص على العلاقة الأخوية المشتركة مع الدولة الجارة والشقيقة الأردن، غير أننا نجد أن هذا الفعل لا ينسجم مع مبادئ حسن الجوار، ولا يحترم مشاعر الغالبية العظمى للشعب العراقي، بل إنه ينطوي على نوايا غير سليمة إزاء العراق واستقراره، مما سيؤثر سلبا على الموقف الشعبي والسياسي الذي سيضغط باتجاه مراجعة العلاقة الحالية مع الجانب الأردني”.
وأشار إلى أن “هذا الحزب بماضيه الدموي لن يخدم مصالح الأردنيين بل سيؤثر سلبا على علاقتهم بعدد من الدول العربية والإسلامية التي تضررت بسبب سياساته العدوانية الهوجاء”.
ودعا حزب الدعوة الحكومة الأردنية إلى “إلغاء إجازة هذا الحزب ومنعه من ممارسة أي نشاط صيانة للمصالح المشتركة والتي بدأت عهدا جديدا متناميا، وحرصا على التعاون والعلاقات الأخوية بين الشعبين”، مطالبا وزارة الخارجية العراقية “باستدعاء سفير المملكة الأردنية الهاشمية في بغداد للاحتجاج على هذا الإجراء غير الودي إزاء العراق”.ودعا الحزب العراقيين والقوى الفاعلة إلى التعبير عن الاحتجاج بشتى الطرق السلمية على ما أسماه بـ”الخطوة العدائية المستفزة”.