صحافة

قمة تشريع "انتصار" الأسد

السبت, 20 مايو - 2023
austin_tice

تواصل معنا

+961 3 733 933

friendsofaustintice@gmail.com

بسام مقداد


بدا المشرعون الأميركيون في مشروع قانونهم "مكافحة التطبيع مع الأسد" في سباق مع موعد اجتماع القمة العربية في جدة. ومع ذلك بدا أن المشرعين "تأخروا" في طرح مشروعهم، وعقدت القمة واختتمت دون أن يلتفت إليه معظم حلفاء أميركا من العرب. بل اكتفوا في ختام القمة بالتأكيد على ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأنهم سوف يعالجون الانتقادات الأميركية بالتفاوض. وجاء الأسد إلى القمة دون أن يعلن عن تعهد واحد مما ذكّر المشروع بما عليه أن يلتزم به، وما أشيع عن شروط عربية لعودته إلى مكان سوريا في الجامعة العربية.

القول ب"انتصار" الأسد لا يقتصر على الكرملين وإعلامه فقط. فقد نقل موقع forpost في 11 الجاري من القرم عن البوليتولوغ الفرنسي سيباستيان بوسوا قوله على أثير إذاعة France 24 بأن عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية هي "انتصار واضح" للأسد. وفي ما يشي بهوية البوليتولوغ، نقل عنه أيضاً موقع قناة التلفزة ntv التابع ل"روسيا اليوم" إضافته بالقول أن الوضع في الشرق الوسط الذي كان غير مستقر، أخذ يستقر بسرعة، وهذا لا يناسب بعض الدول، خاصة أوروبا والولايات المتحدة. ورأى أن كثيرين من المراقبين تكون لديهم انطباع في العام 2011 أن سوريا التي اندلعت فيها حرب أهلية ينتظرها مصير العراق وليبيا.

وقال البوليتولع أنه، وكما العادة، استغلت الولايات المتحدة الوضع غير المستقر، وأعلنت العام 2012 عن فقدان الأسد للشرعية، وصرحت بدعمها للمعارضة السورية المسلحة. وفي السنة عينها أوقفت الجامعة العربية عضوية سوريا. لكنه رأى أن الاسد، وعلى الرغم من فقدانه السيطرة على قسم مهم من سوريا، أظهر شخصية وإرادة سياسية ملحوظة واستمر في الإمساك بالسلطة. 

وفي السياق نفسه للآراء حول "نصر الأسد وإرادته السياسية"، وبالعودة إلى مشروع القانون الأميركي وقمة تشريع "انتصار" الأسد في جدة، بادر موقع الوكالة الاتحادية للأنباء Fan، العمود الفقري لإمبراطورية "طباخ بوتين" الإعلامية، في 13 الجاري إلى نشر نص حول مشروع القانون الأميركي المذكور. عنون الموقع نصه بالقول "مشروع القانون الأميركي الجديد يعرقل استعادة سوريا موقعها في المنطقة". 

قال الموقع بأن الولايات المتحدة وضعت مشروع قانون يهدف إلى مواجهة تطبيع العلاقات بين سوريا ودول المنطقة. ويتضمن المشروع توسيع العقوبات وتهديد الحكومات التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الأسد. كما وينص على توسيع صلاحيات الولايات المتحدة لفرض حزم جديدة من العقوبات ضد الدول التي تسعى إلى تحسين العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.

يشير الموقع إلى أن مشروع القانون من وضع نواب أميركيين مشتركين من الحزبين، ويقول بأنه يستهدف الأفراد الذين يدعمون حكومة الأسد في السياسة والأعمال والمصارف. كما قد يخضع لمفاعيله المخالفون للعقوبات، مثل تجميد الأصول أو حتى الاعتقال.

ينقل الموقع عن رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأميركي قوله بأن الأسد يواصل مع أنصاره الروس والإيرانيون ارتكاب أعمال مروعة ضد الشعب السوري وتقويض الأمن الإقليمي. ويجب أن يحاسبوا على هذه الجرائم، وألا يرحب بهم المجتمع الدولي دون قيد أو شرط. كما يجب على الولايات المتحدة استخدام كل نفوذها لوقف تطبيع العلاقات مع سوريا. ومن دون أن يذكر أيضاً اسم الممثلة الرسمية للبيت الأبيض كارين جان بيير، ينقل عنها قولها بأن الولايات المتحدة تعارض التطبيع مع سوريا، وتحث جميع الدول على القيام بذلك. 

ويشير الموقع إلى أن مشروع القانون قد وضع رداً على استعادة سوريا عضويتها في جامعة الدول العربية. ويقول بأن هذا القرار أثار غضب المسؤولين الأميركيين الذين يريدون إبقاء سوريا معزولة. ويقول الساسة الأميركيون أن الأسد لا يستحق إعادة العلاقات معه، بعد أن زج البلاد في حرب أهلية. ويشير الموقع إلى أن الولايات المتحدة توسع أيضاً مفاعيل "قانون قيصر" الذي تستطيع واشنطن بموجبه فرض عقوبات على المنظمات والأشخاص الذين يقدمون المساعدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، للحكومة السورية. 

أقوال المسؤولين الأميركيين والقليل الذي شاع عن بنود مشروع القانون، جاء صادماً في توقيته قبل أيام من موعد اجتماع القمة العربية في جدة. وهم يدركون أن تطبيع بعض حلفائهم من العرب مع الأسد، ليس سوى تشريع ل"انتصار" الأسد الذي يقول به الروس ويفاخر به هو نفسه. كما أنه إطلاق يد إيران كلياً في المنطقة، وهو ما يعزز موقع التحالف الصيني الروسي الإيراني في مجابهته المحتدمة في أوكرانيا وتايوان مع الغرب وقيمه. ويقول الأميركيون أن مشروع القانون هو رسالة واضحة لإفهام الأصدقاء والأعداء أن المواجهة مع الأنظمة التسلطية واحدة لا تتجزأ، وأن الانسحاب الجزئي أو الكلي (أفغانستان، العراق وسوريا كما يشاع) هي مناورات تقتضيها هذه المواجهة المصيرية.

موقع iarex.ذهب بعيداً في تقييم المصالحة السعودية السورية، وافترض أنها تشكل ثنائية سعودية سورية في الشرق الأوسط. ورأى كاتب النص ستانيسلاف تاراسوف في 17 الجاري أن الشرق الأوسط على عتبة أحداث كبرى. 

رأى الكاتب أنه مع إعلان عودة سوريا إلى الجامعة العربية، أدركت الولايات المتحدة أن هزيمتها في الشرق الأوسط تتواصل. وتطورت الأحداث وفق سيناريو غير منتظر للولايات المتحدة. وأخذ الخبراء الأميركيون يدلون بتصريحات أن البلدان العربية، وبدلاً من أن تطالب الحكومة السورية بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بكل بنوده المعروفة، قاموا عملياً بانقلاب موال لسوريا. وتجد واشنطن نفسها مرغمة على معاينة كيف أن دمشق لم تعد معزولة كما في السابق، والتقارب الإقليمي معها يجري على قدم وساق. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس العالم العربي شرع أبوابه أمام الحكومة السورية، بل وتستعد " تركيا" للمصالحة مع سوريا. 

ينقل الموقع عن صحيفة لبنانية موالية لإيران والنظام السوري قولها بأن الأسد سوف يكون نجم القمة العربية، وهو ما يناسب ولي العهد السعودي الذي يريد أن يدخل التاريخ كزعيم وحد العرب رغماً عن إرادة الولايات المتحدة والغرب. وهو يحتاج الى شريك قوي في جامعة الدول العربية الذي يستطيع الأسد أن يكون هذا الشريك القوي، وليس كسواه من لا يتمتع بالكاريزما ومرتبط بالولايات المتحدة. ويرى أن السعودية يمكنها أن تعتمد على الأسد في المسائل المتعلقة بلبنان. فلبنان وسوريا على علاقة سياسية، اقتصادية، ثقافية ودينية مع بعضهما ومع السعودية وإيران. 

واعتبر الموقع أن الصين، بوساطتها بين السعودية وإيران، قد وجهت ضربة إلى الولايات المتحدة أيضاً. ورأى أن هذه الوساطة أخذت تغير الجيوسياسة الشرق أوسطية، وذلك حين أدركت بلدان المنطقة أنه يمكنها التعامل مع شركاء آخرين إلى جانب الولايات المتحدة والتحرك معهم نحو تحقيق أهدافهم السياسية والأمنية. والشركاء الآخرون المقصودون بكلام الموقع هما الصين وروسيا بالطبع، حيث أظهر هذان البلدان أن بوسعهما حل مشاكل المنطقة بوسائل ظهر أن الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بها. 

ورأى الموقع أن أهم ما يتميز به الوضع الآن هو تشكل الثنائية السعودية السورية في الشرق الأوسط، والذي سيغير بسرعة وجه العالم العربي. وفي إفراط بالمغالاة في تقييم المصالحة السعودية السورية، قال الموقع بأن هذه الثنائية تعلن أن نهاية الهيمنة النيوكولونيالية تقترب من النهاية.


المصدر: المدن