نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا قالت فيه إن تقدم الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية دفع المعارضة للبحث عميقا في الذات، مشيرة إلى أن المرشح الرئاسي كمال كليتشدار يواجه عقبة كأداء في الجولة الثانية بعد أسبوعين.
وفي تقرير أعده آدم سامبسون وآيلا جين ياكلي، قالا إن كليتشدار الواثق بالنصر ضد منافسه الرئيس أردوغان، دعا الناخبين إلى إنهاء المهمة في الجولة الأولى. وبدلا من إنهاء حكم أردوغان الذي مضى عليه عقدان، فإن الأرقام التي ظهرت من فرز أصوات الناخبين يوم الأحد، 14 أيار/ مايو قد أدت إلى حالة من البحث عن الذات لدى المعارضة، حيث لا تبعد الجولة الثانية سوى أسبوعين.
وفي الوقت الذي بدت فيه المعارضة على حافة حرمان أردوغان في الجولة الأولى إلا أن النتيجة وضعت كليتشدار في أسوأ سيناريو في الانتخابات التي قدمها المرشحان بأنها معركة من أجل مستقبل تركيا.
وقال أردوغان في الساعات الأولى من صباح الاثنين ساخرا من كليتشدار الذي بدأ حملته الانتخابية بشريط فيديو من مطبخه وساعد في صعوده في استطلاعات الرأي: "البعض في المطبخ" و"نحن على الشرفة".
وتعلق الصحيفة بأن المعارضة المعارضة لديها تاريخ في المبالغة بالدعم الشعبي ضد أردوغان، ولكن تحالف كليتشدار المكون من ستة أحزاب دخل انتخابات الأحد والريح مواتية له بعدما أظهرت استطلاعات الرأي المحترمة تفوقه وأنه يستطيع الحصول على نصف الأصوات. ومع فرز غالبية الأصوات فإن أردوغان كان بعيدا بأقل من نقطة واحدة عن نسبة الـ50% التي يحتاجها للفوز ضد كليتشدار الذي حصل على 45%.
ويقول ولفانغو بيكولي، الرئيس المشارك لمؤسسة الاستشارات تينيو: "بالنسبة لكليتشدار، ستكون صعبة نوعا ما"، مضيفا أن السياسي البالغ من العمر 74 عاما "سيكون في وضع المدافع" وهو يحاول التحضير للجولة الثانية ضد أردوغان، 69 عاما، في 28 أيار/ مايو. ولم يظهر أردوغان فائزا في الانتخابات الرئاسية بل إنه سيسيطر على البرلمان بعد فوز تحالف بقيادة حزب العدالة والحركة القومية.
ويقول إمير أردوغان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلجي في إسطنبول، إن الجولة الثانية "ستعقد الأمور للمعارضة" و"كما أن غياب الغالبية في البرلمان سيكون ضد كليتشدار" حيث سيجادل أردوغان بأن التصويت له يعني الاستقرار للبلد الذي طالما تجنب الحكومات الائتلافية.
النتائج التي تحدت الاستطلاعات تؤكد على جاذبية دائمة لأردوغان وصدى جهوده السياسية لجذب قاعدته المحافظة بمذاق قومي. كما أن أردوغان استخدم أجهزة الدولة لضرب المعارضة وإخراجها عن المسار، حيث إنه قدم المساعدات مثل زيادة الأجور العامة وشهر مجاني من الغاز للبيوت، قبل أسابيع من الانتخابات التي عقدت يوم الأحد.
وكانت المعارضة تعيش حالة من النشاط والطاقة بعد إغلاق صناديق الاقتراع وسارعت لاتهام إعلام الدولة بأنه "يخدع" الأمة ونشرت النتائج من معاقل أردوغان أولا. لكن كليتشدار اعترف صباح الاثنين بأن البلاد تقف على حافة جولة ثانية. وستواجه المعارضة الآن معضلة تعب الناخبين.
ويقول إرشان أرغوزيل، المحلل في باركليز في لندن: "قد يفقد ناخبو المعارضة الدافعية بعد النتائج التي جاءت أسوأ من التوقعات، سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية". وأضاف أن النتائج الأولية تظهر أن الفضاء السياسي "سيظل كما هو بدون تغيير".
وكافح كليتشدار من أجل بناء تحالفه المكون من ستة أحزاب وبمواقف متغايرة، ما دفع واحدا من المنافسين الرسميين إلى التساؤل عن ما إذا كان كليتشدار هو المرشح المناسب ضد أردوغان، وبخاصة أنه قاد حزب الشعب الجمهوري خلال الـ13 عاما بدون أي نصر في الانتخابات.
ورفضت ميرال أكشنار، زعيمة حزب الجيد الذي يعتبر ثاني حزب في "الطاولة السداسية" ترشيح كليتشدار أوغلو في آذار/ مارس وتراجعت بعدما وافق على تعيين عمدة أنقرة وإسطنبول نائبين له.
والآن، هناك بعض داعمي المعارضة الذين يشعرون بالخوف من أن الرابطة بين الأحزاب ستتشهم. وفي الجولة الثانية ستكون حول كيفية تأمين كل مرشح نسبة الـ5% التي هي بيد سنان أوغان، زعيم تحالف الأجداد والذي ترشح بنفسه.
ورفض أوغان يوم الأحد القول أي تكتل سيدعم في الجولة الثانية، مخلفا فراغا سيحاول كل طرف ملأه. وقال أوغان: "القوميون الأتراك والكماليون هم من سيحددون مسار الجولة الثانية، ولن أقول مطلقا أي طرف سندعم في هذا الوقت"، ووضع أوغان شروطه التي ستكون صعبة لكل من أردوغان وكليتشدار للوفاء بها. وشروطه هي "حماية تركيا من التفاهات التي يتسبب بها معدل الفائدة المتدنية وزيادة التضخم"، وهذا أمر يعتبر مركزيا في سياسة أردوغان المالية.
وأخبر أوغان صحيفة "دير شبيغل" بأنه سيدعم كليتشدار لو نبذ الحزب المؤيد للأكراد، حزب الشعوب الديمقراطي. وقال أردوغان من جامعة بيلجي إن معارضة أوغان لحزب الشعوب الديمقراطي ستجعل من الصعوبة بمكان توصل الأخير إلى اتفاق مع المعارضة لأن "الأكراد هم عامل مهم في أداء كليتشدار وهو يحتاجهم في الجولة الثانية".
و"من المتوقع أن يتفاوض أردوغان مع أوغان أكثر من كليتشدار، فهو زعيم تحالف يميني ولديه تاريخ في البراغماتية وعقد الصفقات من أجل الفوز في الانتخابات".
المصدر: عربي21