محمود سمير الرنتيسي
حتى أيام قليلة كانت الدعاية الانتخابية في تركيا تقوم على التنافس حول الوعود الانتخابية أو الانتقادات حول أداء الحكومة السياسي والاقتصادي وكذلك من أحزاب الحكومة التي تشكك بقدرة المعارضة على قيادة البلد، ولكن خلال اليومين الماضيين بدأت تطفو على السطح نقاشات حول سياسات الهوية سواء القومية أو المذهبية.
وفي هذا السياق رأينا أن مرشح تحالف الأمة للرئاسة كمال كليتشدار أوغلو قد أثار الحديث عن هذا المحور عبر موضوعين الأول تصريحه أنه علويّ، والثاني تصريحه أن الأكراد في تركيا تتم معاملتهم كإرهابيين.
وفي حين يرى البعض أن فتح ملف سياسات الهوية سيكون مضرا على كليتشدار أوغلو لما يحمله هذا الملف من استقطاب وتلويح بالخلاف، خاصة أن تحالف الشعب يركز على الوحدة والمواطنة والاستقرار كما يحدث من مرشحي تحالف الشعب في حواراتهم مع المعارضين في إزمير على سبيل المثال، يرى آخرون أن المعارضة معنية بفتح هذا الملف لتحقيق مكاسب خاصة بها في اللعبة الانتخابية.
وهذا يفتح سؤالا حول سبب القيام بذلك من قبل المعارضة، أولا يمكن للمتابع حتى عن بعد أن يرى حجم وعدد المشاريع التي يفتتحها أردوغان في مجال البنية التحتية والمواصلات والإسكان والتصنيع العسكري والمدني، والذي لا تستطيع المعارضة مجاراته حتى على مستوى الوعود، ولهذا قد يكون اللجوء لسياسات الهوية لتذكير الناخب الموالي للمعارضة بالفروق، ولكن هذا قد لا يعمل بشكل جيد مع المعارضة كما ذكرنا لأن الخطاب المعارض موجه للأقليات، على الأقل إذا أردنا أن نقيم من ناحية رياضية لحساب الأصوات.
من زاوية ثانية هناك موقف دفاعي من كليتشدار أوغلو خاصة بعد أن نشرت رسائل داعمة له من قيادات لحزب العمال الكردستاني من جبال قنديل، وقد شكلت هذه الرسائل أثراً سلبياً لدى الناخب المحافظ والقومي.
من وجهة نظري أخطأ من أشار على كليتشدار أوغلو بالحديث عن هذين الموضوعين لأن فكرة أنه علوي والتأكيد عليها الآن منه هو، ليست فكرة جيدة بغض النظر عن الجو التعايشي الموجود في تركيا، وثانياً يعد حزب العدالة والتنمية هو من أطلق حملة الحريات للأقليات في تركيا ويشمل ذلك الأكراد والعلويين وبالتالي لا يمكن لكليتشدار أوغلو أن يستفيد كثيرا من هذا الأمر.
وكما ذكرنا فإنّ أول من يتطرق للفروق الهوياتية كأنه يقول أنا أتبنى خطاب التفريق والاستقطاب وليس التجميع والاستقرار، وبهذا كأنه يقول للناخب اختر ما الذي تريده؟
إن استحضار ملف الفروق الهوياتية طبيعي في كل انتخابات في أي بلد، وهناك تموضع هوياتي شبه ثابت لكن التقييم الحالي لما قام به كليتشدار أوغلو من هذا الاستدعاء يشير إلى ضعف في مواجهة إنجازات ومشاريع أردوغان الحالية والمتوقعة خلال 18 يوماً قادمة. خاصة أن حزب كليتشدار أوغلو لم يتجاوز 25% من أصوات الناخبين وبالتالي فإنه عندما يستخدم الفرق الهوياتي يعمل على تحجيم نفسه وليس توسيع مجال تأييده لشرائح أوسع.
المصدر: تلفزيون سوريا