رضوان زيادة
ليس مستغرباً أبداً أن تحاول الأنظمة التسلطية العربية إعادة تأهيل بشار الأسد عربياً، فكل هذه الأنظمة التي تحاول التطبيع معه "معجونة بالعجينة نفسها" كما يُقال، إذ لا يحكمها نظام ديمقراطي يتم تداول القرار فيه بالبرلمان، ولا قيمة للرأي العام فيها، فضلا عن أن الأنظمة التسلطية هي من أكثر الأنظمة محافظة وممانعة على التغيير وتخشى أن يأتيها التغيير بأي شكل.
ربما تقود الإمارات قطار التطبيع مع الأسد، وتلحقها عدد من الدول العربية، لكن من يمنع هذا التطبيع؟
للأسف تقف إدارة بايدن موقف المتفرج وهي التي تدّعي أنها ترفض أي تطبيع مع "الأسد"، لكنها لا تعمل بجهد كاف لمنع ذلك من التحقق على مرأى من العالم ومسمع.
أمّا الخطوات الخجولة التي تقوم بها الإدارة، فهي فقط من أجل الرد على ضغوط الكونغرس، إذ تعمل لجنتا العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ بشكل كبير ومهم في الضغط على الإدارة من أجل وقف أية خطوات للتطبيع مع "الأسد" وعزل نظامه ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، وذلك من خلال ضمان تطبيق قراري الكونغرس الخاصّين بسوريا وهما: قانون قيصر وقانون الكبتاغون.
وجاء رد الإدارة الأميركية أخيراً بتطبيق بعض العقوبات بحق المقربين من "الأسد" بشأن تجارة المخدرات عطفاً على قانوني قيصر والكبتاغون، حيث جاء في قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة باتخاذ إجراء بالتنسيق مع نظرائه في المملكة المتحدة لإدراج أفراد رئيسيين على لائحة العقوبات لـ"دعمهم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وقيامهم بإنتاج وتصدير الكبتاغون".
تشير التقييمات إلى أن الإتجار بالكبتاغون قد تحوّل إلى مشروع غير شرعي يدر مليارات الدولارات. يتم تنفيذ بعض عمليات الإدراج هذه بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا الذي تم اعتماده في عام 2019 (قانون قيصر)، وهي تسلّط الضوء على الدور المهم الذي يلعبه تجار المخدرات اللبنانيون – الذين يحافظ بعضهم على صلات بحزب الله – لتسهيل تصدير الكبتاغون، ويبرز هذا الإجراء أيضاً هيمنة عائلة الأسد على الإتجار غير المشروع بالكبتاغون وتمويله للنظام السوري القمعي.
وأضافت وزارة الخزانة: "لقد أصبحت سوريا رائدة عالمية في مجال إنتاج الكبتاغون الذي يتسبّب في إدمان شديد، والذي يتم تهريب معظمه من خلال لبنان. سنحاسب مع شركائنا كل من يدعمون نظام بشار الأسد بموارد المخدرات غير المشروعة والوسائل المالية الأخرى التي تمكن قمع النظام المتواصل للشعب السوري".
أمّا الأشخاص الذين شملهم القرار، هم من حلفاء عائلة "الأسد" مثل خالد قدور رجل أعمال سوري وصفته وزارة الخزانة بأنه مقرّب من ماهر الأسد المدرج على لائحة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13572 للعام 2011، وذلك لدوره في انتهاكات حقوق الإنسان التي تواصل الحكومة السورية ارتكابها ضد الشعب السوري.
يرأس ماهر الأسد "الفرقة الرابعة" سيئة السمعة، والتي سبق أن أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة العقوبات، وهو أيضاً شقيق الرئيس السوري بشار الأسد المدرج على لائحة العقوبات، عام 2011، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13573 لدوره الرئيسي في تصعيد أعمال العنف التي تمارسها الحكومة السورية ضد شعبها.
يشتهر ماهر الأسد والفرقة الرابعة بإدارة العديد من مخططات توليد الدخل غير المشروع، والتي تتراوح من تهريب السجائر والهواتف المحمولة وصولاً إلى تسهيل إنتاج الكبتاغون والإتجار به. وتشير التقارير إلى مسؤولية قدور عن إدارة الموارد التي تدرها هذه الأنشطة. وقد اعتمد النظام السوري وحلفاؤه إنتاج الكبتاغون والإتجار به بشكل متزايد بغرض توليد العملة الصعبة والتي يقدرها البعض بمليارات الدولارات.
وأيضاً سامر كمال الأسد (هو أحد أقرباء بشار الأسد ويشرف على منشآت إنتاج الكبتاعون الرئيسية في مدينة اللاذقية، ووسيم بديع الأسد، قدّم الدعم لجيش النظام في أدوار مختلفة، بما في ذلك قيادة ميليشيا كتائب البعث، وهي وحدة شبه عسكرية خاضعة لقيادة الجيش، ودعا وسيم بشكل علني إلى تشكيل ميليشيات طائفية لدعم النظام، ولعب دوراً رئيسياً في الشبكة الإقليمية للإتجار بالمخدرات وأقام شراكات مع موردين مهمين لتهريب المواد المهربة والكبتاغون ومخدّرات أخرى في مختلف أنحاء المنطقة، وذلك بدعم ضمني من النظام السوري.
يمكن القول إذاً إنَّ الكونغرس يقوم بدوره بشكل فعال وعلى الجالية السورية في أميركا أن تواصل العمل معه كما فعلت في الماضي وتفعل اليوم من أجل الضغط على الإدارة الأميركية للقيام بخطوات فعالة، من أجل منع إعادة تأهيل "الأسد" عربياً أو دولياً وإظهاره بالصورة الحقيقية بأنه ليس سوى عصابة لتجارة المخدرات كما ذكر قرار وزارة الخزانة الأميركية.
المصدر: تلفزيون سوريا