عربي

انخراط مليشيا "حزب الله" في الاقتتال السّوري أفرز ظاهرة زواج المتعة في لبنان

الثلاثاء, 28 مارس - 2023

الطريق 


على الرغم من الرفض والاستهجان الاجتماعي لعقد الزواج المؤقت واعتباره دعارة شرعيّة، إلا أنه بات من الظواهر المُسلّم بها في لبنان، لخصوصيته الشرعيّة المستمدة من الفتاوى والاجتهاد الشيعي، بالرغم من كونّه إشكالياً عند سائر الطوائف الإسلامية وعدد لا يُستهان به من الشيعة. 

وتتبع موقع "المدن" حالات عدة للنساء لبنانيات خضن تجربة زواج المتعة لمرات عديدة، حيث وجدت بعض النسوة اللواتي فقدن معيلهن الشرعي بغتةً في حاجة ملّحة لمصدر دخل، لينضممن مباشرةً لمجموعة "عرائس حزب الله المؤقتات"، للاستفادة من المقابل المالي من جهة ولثوابها في الآخرة من جهة أخرى. 

ويأتي انتشار هذه الظاهرة لانخراط عناصر مليشيا "حزب الله" في الاقتتال السّوري بداية 2013، ومقتل ما يزيد عن 1500 مقاتل، وفق ما أشارت التقارير الدوليّة؛ الأمر الذي نجم عنه ارتفاع أعداد الأرامل، وتقليص مليشيا "حزب الله" حينها لميزانية الخدمات الاجتماعية التّي يقدمها في لبنان للمنظمين فيه.

والزواج المؤقت أو زواج المتعة، هو في الأساس عقدٌ سريّ بين رجل وامرأة، لا حاجة فيه لشهود، قائمٌ على مهر ماديّ ولا ميراث فيه، وشروطه، أن تكون المرأة أرملة أو مطلقة أو حتّى "عذراء" في سنّ متقدم حيث تكون تعدت السّن المتعارف عليه اجتماعيًا للزواج. 

وفيما اختلفت المرجعيات الشيعية فيما بينها في هذه الشروط، من جهة قبول وليّ الأمر من جهة ومدّة العدة (الفاصل بين الزواج والآخر عند المرأة)، فإنها اتفقت على جواز وشرعيّة هذا النوع من الزيجات، بل وأشادت على اختلافها بقدسيته الدينية. 

ومن التسهيلات الدينية التّي انتهجها "حزب الله" للتشجيع على زواج المتعة، هو تخفيض مدّة العدّة (كانت شهرين)، حيث أعرب الكثيرون حينها عن قلقهم وتوجسهم من هذه الظاهرة بوصفها لا تتوافق والمعايير والمفاهيم الاجتماعية المفروضة، فإن بُعدًا حقوقيًا آخر يكتنفه، وهو استحداث عنف اقتصادي (وجنسي أحياناً) على تحت غطاء ديني ومباركة شرعيّة. 

وكشفت موقع "المدن" عن عدد من التفاصيل المرتبطة بعملية تزويج بعض النّسوة بصورة مؤقتة بعد مقتل أزواجهن في سوريا وخلال الأزمة الاقتصادية الحاليّة. 

ونقل الموقع عن سيدة كانت في طور التنظيم في أحد الشُعب النسائية في منطقة برج البراجنة، (وتراجعت لاحقًا عن الانتساب) قولها: "بعض هؤلاء النّسوة هن أخوات وأمهات وزوجات مقاتلين، وبعد مقتلهم، يعمد مسؤولو الحزب للاطمئنان عليهن كل فترة، عارضين عليهن فكرة الزواج المؤقت، لما له من أجر في الدنيا والآخرة، وبالمقلب الآخر تنظم كل فترة  مسؤولات الهيئات النسائية ندوات وجلسات لتثقيف هؤلاء النّسوة وإعدادهن وحثهن على مثل هذه الزيجات، بعدما بتن أرامل. البعض يقبل، وعددٌ لا يستهان به يرفض". 

ولفتت السيدة لتجربة إحدى صديقاتها الأرامل التّي تواصلت معها "المدن"، فأشارت السّيدة أنها انخرطت بما يفوق السبع عقود متعة مع عدد من المنظمين في الحزب والمناصرين له، في غضون آخر ثلاث سنوات، ذلك بعدما حُرمت من النفقات والتعويضات التّي يقدمها الحزب بعد زواجها الثاني السّابق عقب مقتل زوجها الأول، واجدةً نفسها في مأزقٍ ماليّ ونفسيّ صعب، وبحاجة لتأمين معيشة أولادها الميتمين.

وأشارت الموقع إلى أن انتشار هذه الظاهرة في لبنان، يجعل البلد أمام مأزق حقوقي واجتماعي مستحدث وجديّ، حيث تقاسي المرأة اللبنانية اليوم شتّى أنواع العنف المجتمعي والأبويّ، وتجدّ نفسها مضطرة للانخراط في عقود زواج مؤقت لتأمين مصدر رزقها، من دون أن يترتب عن هذا الانخراط أي حمايّة اجتماعية وقانونية.