لقد صادقت سوريا على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1993 ، كما صادقت على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل المتعلقين ببيع الأطفال وتوريطهم بأعمال الدعارة والإباحية وإشراكهم في النزاعات المسلحة في عام 2002 ، وصحيح أن جميع أطراف النزاع انتهكت حقوق الطفل في سوريا إلا أنَّ النظام السوري تفوق على جميع الأطراف، من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحوٍ نمطي ومنهجي، -وخاصة الحقوق الواردة في المواد 6 و37 و38 بالحق الأصيل في الحياة والبقاء وحظر التعرض للتعذيب والحرمان من الحرية وضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بالطفل -، والتي بلغت مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وتتحمل اللجنة المعنية بحقوق الطفل والمنبثقة عن اتفاقية حقوق الطفل المسؤوليات القانونية والأخلاقية في متابعة أوضاع حقوق الطفل في سوريا ووضع حدٍّ للانتهاكات التي مارسها النظام السوري.
منذ عام 2014، قامت آلية الرصد والإبلاغ في سوريا بتوثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل في سياق النزاع المسلح والتحري عنها بشكل منهجي، إن آلية الرصد والإبلاغ في سوريا هي مكلفة من قبل مجلس الأمن وفق القرار 1612 (2005) والقرارات اللاحقة وقد تم تفعيلها بعد أن تم إدراج أطراف النزاع التي ترتكب انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في التقرير السنوي للأمين العام بخصوص الأطفال والنزاع المسلح.
تتعاون الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع آلية الرصد والإبلاغ في سوريا عبر مشاركة شهرية مستمرة لبيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي تمكَّن فريقنا من توثيقها لأصناف متعددة من الانتهاكات بحق الأطفال، مثل قتل وتشويه الأطفال؛ التجنيد، الخطف، الاعتقال/ الاحتجاز، الاعتداء على المدارس والمشافي والكادر الصحي أو التعليمي، العنف الجنسي، منع وصول المساعدة الإنسانية للأطفال.
وفيما يلي حصيلة لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي مارسها النظام السوري بحق الطفل السوري منذ آذار/٢٠١١ وحتى آذار/٢٠٢٣
القتل خارج نطاق القانون:
– قوات النظام السوري (الجيش، الأمن، الميليشيات المحلية، الميليشيات الشيعية الأجنبية) : قتلت 22981 طفلا يتوزعون إلى 12923 طفلاً ذكراً، و10058 طفلة أنثى.
إنَّ النسبة العظمى من الأطفال قد قتلوا بسبب عمليات القصف الجوي العشوائي الذي مارسه النظام السوري طيلة أحد عشر عاماً على الأحياء السكنية، والأسواق، والمدارس، والحدائق، والمخيمات، ومراكز الرعاية الصحية، وجميعها مراكز تشهد بطبيعة نشاطها وجوداً مكثفاً للأطفال، مما أدى إلى مقتل أعداد هائلة من الأطفال داخل منازلهم إلى جانب أهلهم، لقد استخدم النظام السوري سلاح البراميل المتفجرة بشكل كثيف، إضافةً إلى أنواع أخرى من الأسلحة العديمة التمييز مثل الذخائر العنقودية، والألغام الأرضية، والأسلحة الكيميائية.
الاعتقال التعسفي/الاحتجاز والاختفاء القسري:
بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن ما لا يقل عن 3691 يتوزعون إلى 3216 طفلاً ذكراً، و468 طفلة أنثى لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري.
الضحايا بسبب التعذيب:
قتلت قوات النظام السوري ما لايقل عن 190 طفلاً قضوا بسبب التعذيب.
الاعتداءات على المراكز التعليمية:
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعرض ما لا يقل عن 1199 مدرسة في سوريا لاعتداءات من قبل قوات النظام السوري
التجنيد:
أسند النظام السوري مهمة تجنيد الأطفال إلى القوات غير الرسمية التي شكلها النظام السوري، كقوات الدفاع الوطني ومجموعات وألوية الميليشيات الأجنبية والمحلية، وذلك عبر مراكز الانتساب التابعة لها، حيث اعتمدت على تشجيع الأطفال وأهلهم، وقدمت لهم العديد من التسهيلات، وقد أخذت عمليات التجنيد طابعاً أكثر تنظيماً ومنهجية مع تشكيل قوات الدفاع الوطني ، وذلك لتعويض النزيف البشري الحاصل في صفوفها. وشارك الأطفال في العمليات العسكرية سواء كمقاتلين أو مشاركين في عمليات نقل الذخيرة وتدعيم الجبهات، وتنظيف الأسلحة، والحراسة، وغيرها.
إضافةً إلى ذلك، فقد سهَّل النظام السوري عمليات تجنيد الأطفال في صفوف الميليشيات الأجنبية العراقية والإيرانية واللبنانية والفلسطينية، فلم يقم بأية تحقيقات أو مساءلة عن أية عملية تجنيد للأطفال، بل غضَّ الطَّرف عما تقوم به هذه الميليشيات من نشر الإعلانات التي تشجع على القتال والتطوع في صفوفها.
تسبَّبت عمليات تجنيد الأطفال من قبل قوات النظام في مقتل ما لا يقل عن 67 طفلاً في ميادين القتال 2022. وتقدر الشبكة السورية لحقوق الأطفال أن هناك ما لا يقل عن 1425 طفلاً مجنداً حالياً ضمن قوات النظام السوري. كما سجلنا ما لا يقل عن 86 طفلاً تم تجنيدهم ضمن ميليشيات إيرانية أو مدعومة من قبل إيران، جُندوا بشكل رئيس من قبل لواء فاطميين ولواء القدس، قُتِل منهم 24 طفلاً في أثناء اشتراكهم في الأعمال القتالية وبشكل خاص في البادية السورية، وبشكل أساسي في أثناء الاشتباكات مع تنظيم داعش.
الأطفال يشكلون قرابة نصف سكان المخيمات:
تسببت الانتهاكات التي مارسها النظام السوري في تشريد واسع النطاق لملايين السوريين، وعلى الرغم من أنه استعاد السيطرة على مناطق عدة كانت قد خرجت عن سيطرته سابقاً، إلا أنَّ أعداداً محدودةً جداً عادت إلى منازلها، وتعتبر مناطق شمال غرب سوريا الخارجة عن سيطرة النظام السوري أكثف منطقة تحتوي مخيمات للنازحين، ويشكل الأطفال قرابة 46% من النازحين، من بينهم أعداد كبيرة ولدوا في المخيمات ونشؤوا فيها؛ ما يعني أنهم افتقدوا لأبسط مقومات الحياة من النظافة والخصوصية والحمامات والمسكن الآمن، وفي كل عام تتسبب موجات الحر والبرد وهطول الأمطار والرياح في إغراق الخيم وجرفها أو تضررها وسقوطها، وفي موت بعض الأطفال بسبب غياب تدابير السلامة والأمان والمواد العازلة للحرارة التي يجب أن تتوفر عند بناء المخيمات.
صحيح أن النظام السوري قد صادق على اتفاقية حقوق الطفل، لكنها ظلت مجرد حبر على ورق، ولم تردعه عن ارتكاب انتهاكات بحق الأطفال يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية عبر القتل خارج نطاق القانون، الإخفاء القسري، التعذيب، وجرائم حرب عبر عمليات التجنيد الإجباري.
تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأنه على النظام السوري الوفاء بتعهداته بناءً على مصادقته على معاهدة حقوق الطفل، والعهدين الدوليين الخاصَّين واتفاقيات جنيف، والتَّوقف عن تعمُّد قصف المدارس ورياض الأطفال، والمناطق السكنية المأهولة بالأطفال وذويهم، وقتل وتشويه الأطفال. والتوقف عن عمليات تعذيب الأطفال المحتجزين، وضرورة فصل الأطفال عن البالغين، وإيقاف عمليات التجنيد للأطفال بشكل نهائي، وتسريح كافة الأطفال الذين هم دون سنّ الـ 15 من جميع التشكيلات والمهام العسكرية.
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الإنسان