يا أهلنا في القدس وغزة والضفة وعكا وحيفا ويافا واللد والرملة والناصرة وأم الفحم، وفي كل قرية ومدينة في فلسطين الحبيبة من بحرها إلى نهرها ومن أقصى شمالها إلى جنوبها.
يا أهلنا الصامدون والمنتفضون فوق أرض الآباء والأجداد، أيها القابضون على جمر القضية والهوية والانتماء.
وأنتم تسطرون اليوم ملحمةً فلسطينيةً أذهلت العالم، بوحدتكم وعنفوانكم وتضحياتكم، في وجه عصابات الاحتلال والاغتصاب والإجرام الصهيوني، نتوجه إليكم بأسمى آيات الإجلال والإكبار والوفاء، لأن نفوسكم الأبية لم يهن عليها استفراد المستوطنين الصهاينة، بإخوتكم المرابطين في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وأبيتم بحسكم الوطني الأصيل، أن يتمادى العدو الجاثم على أرضنا الطاهرة، في سرقة بيوت أهالي الشيخ جراح وتهجيرهم منها.
كنتم خير من لبّى نداء الواجب، بشبابكم وشيبكم، بنسائكم ورجالكم، وقد أحييتم الأمل والثقة بقدرة الشعب على صنع المستحيل، وأعدتم للقضية الأم ألقها وأحقيّتها وعدالتها، في زمن أصبحت فيه الخيانة وجهة نظر، والتطبيع مع العدو ميداناً لتسابق الحكام والمتآمرين. وبمقاومتكم الجسورة بكافة أشكالها المكفولة في الشرائع الأرضية والسماوية، كحق تدافعون فيه عن أرضنا ومقدساتنا وحقوقنا الراسخة، أثبتم بعد ثلاثة وسبعين عاماً من النكبة، وبعد خذلان الأنظمة العربية وتواطؤ المجتمع الدولي، وبعد فشل كل مسارات التفاوض والحلول العبثية، مع عدو لم يتوقف لحظةً واحدةً عن التنكيل بشعبنا بكل صنوف العدوان والتهجير والاستيطان والتهويد. إن فلسطين التي لم تتوقف هبّاتها وانتفاضاتها وثوراتها منذ قرن وأكثر، هي الكف الذي يقاوم المخرز، وهي قبلة أحرار العرب والعالم، وأن الطريق إلى القدس، لا يمر من القصير ودمشق وحلب وحمص ودير الزور، وإنما يمر بتمريغ أنف الاحتلال الغاصب، وبتحرير الشعوب العربية من أنظمة الإجرام والعمالة.
يا شعبنا العظيم في الداخل الفلسطيني
لقد قلبتم كل المعادلات التي عمل عليها أعداء فلسطين والشعوب العربية، بفصل وتجزئة قضايانا ومصائرنا المشتركة عن بعضها البعض، واليوم تستعيدون الحقائق التي سعوا إلى طمسها وتغييبها، فكانت انتفاضة وحدة الانتماء الفلسطيني التي تفجرونها اليوم، الرد البليغ على مشاريع تقسيم شعبنا في الداخل إلى ضفة وغزة وأراضي 1948، وها أنتم أهل الأرض الأصليين في الجليل والمثلث والنقب، تنتفضون مع أهلكم في القدس وغزة والضفة، وتؤكدون أن سياسات الأسرلة وتغيير هوية الأمكنة وتاريخها، فشلت في تذويب روايتكم، وفي طمس هويتكم الوطنية.
كما أظهرتم يا أهلنا الأوفياء في غزة هاشم، وأنتم في مواجهة جحيم الإجرام الصهيوني، وفي قلب لهيب طائراته وصواريخه وأسلحته التدميرية، أنكم تملكون إرادة صلبةً كالصخر في مقاومة هذا العدوان البربري، وقدرةً تفوق كل التوقعات على تحدي آلته الوحشية، وجعلتموه يتألم في قلب كيانه الغاصب كما تتألمون. ولذلك صبَّ جام غضبه على المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ، وما قصف الأحياء والمنازل والأبراج فوق رؤوس أهلها، ومئات الشهداء والجرحى من المدنيين الأبرياء، إلا دليلاً دامغاً على جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي يرتكبها على مرأى ومسمع العالم أجمع، والتي تُضاف إلى سجله الإجرامي الأسود. ورغم كل هذا الموت والدمار والترهيب الوحشي، بقيت غزة بشعبها ومقاومتها عصيةً على الركوع كتاريخها في هزيمة الغزاة.
وها هو نبض الضفة يشتعل في جنين والبيرة ونابلس وبيت لحم وقلقيلية، ويعانق نداء القدس وغزة، كشعب واحد وموحد على مواجهة الاحتلال، بعد أن أصبح التنسيق الأمني والانقسام الداخلي وراء ظهر شعبنا البطل، وما عاد ليقبل بلغة التوسل واستجداء الحقوق، التي شجعت قادة الكيان الصهيوني، على التوغل في الاستيطان والاعتداء على حقوق وكرامات الفلسطينيين. فقد ولّى على دويِّ هبة الأقصى، وعلى جسارة وشجاعة شعبنا الثائر في الداخل الفلسطيني، زمن استضعاف شعبنا، وتحويله إلى جماعات منسيّة ومشتتة، وفرض حلول لا تلبي ولا ترتقي إلى تطلعاته الوطنية العادلة والمشروعة.
يا شعبنا الفلسطيني الحر
لستم وحدكم في هذه المعركة المصيرية، التي تدافعون فيها عن كرامة الأمة جمعاء، ومعكم يقف كل أخوتكم اللاجئون الفلسطينيون في سورية، وفي كل دول اللجوء والمنافي، فكل انتصار تصنعونه اليوم على أرضنا الفلسطينية الحبيبة، هو انتصار لنا ويجعلنا أقرب إلى طريق العودة لديارنا التي طُرد منها آباؤنا وأجدادنا عام 1948، وبينما تتزامن انتفاضاتكم المجيدة مع مرور الذكرى (73) للنكبة، نستلهم من جيل الشباب الذين يتصدرون صفوف المنتفضين في وجه الاحتلال، مقولتهم المفعمة بالتحدي ” آن أوان النكبة أن لا تستمر” .
ومعكم يقف أهلنا السوريين والعرب الأحرار وأبناء الضمائر الحيّة في العالم، وواهم كل نظام استبدادي وفي مقدمتهم النظامين الأسدي والإيراني، أن بمقدورهم استثمار انتفاضتكم الأبية وتضحياتكم العظيمة، فقد أسقطت شعوبنا الثائرة على أنظمة الكذب والنفاق ورقة المتاجرة بفلسطين، وأصبحت تعرف من ينصر قضاياها بحق، ومن يتاجر ويتلاعب بقضيتنا بالشعارات الفارغة.
نعاهدكم يا أهلنا الأحرار الشرفاء، أن نبقى كفلسطينيين وسوريين أحرار في تجمع مصير، صوت الحق الذي تنافحون عنه بأرواحكم الغالية، وأن نبقى أوفياء لوصايا شهداء انتفاضة أقصانا المبارك في فلسطين، ولكل شهداء ثورتنا السورية المجيدة، وشهداء ثورات وانتفاضات شعوبنا العربية، وأن نبقى موحدين معاً على قضية الحرية التي لا تتجزأ، فانتصار شعبنا في فلسطين، ودحر الاحتلال الصهيوني البغيض، هو انتصار للأحرار في كل مكان.
المصدر: تجمع مصير الفلسطيني السوري