الطريق- أحمد عبد الرحمن
يزود إبراهيم المحمد منذ منتصف الأسبوع الحالي دراجته النارية بالبنزين من الباعة الجوالين والبسطات المنتشرة في الطرقات بسعر 30 ليرة تركية لليتر الواحد، بغية الذهاب إلى عمله الذي لا تصل إليه وسائل النقل العامة بسبب تواجد المنشأة في منطقة مقطوعة على أطراف مدينة معرة مصرين شمالي إدلب.
يقول المحمد خلال حديثه مع "الطريق": إن محطات الوقود الرئيسية المنتشرة في أنحاء المحافظة تحصل على كميات قليلة من مادة البنزين عبر شركة "وتد للبترول" بشكل شبه يومي رغم انقطاع عمليات استيراده من المصدر، إلا أن أصحابها والعاملين فيها لا يقومون بتوزيع الكمية على المواطنين حتى نفادها. مشيراً إلى أنهم يقومون ببيعها وتهريبها في وقت لاحق إلى الباعة الجوالين والكازيات الفرعية (غير المرخصة) بمرابح مالية مضاعفة تصل إلى 4 ليرات تركية في الليتر الواحد.
وتشهد محافظة إدلب شمال غربي سوريا أزمة نقص كبيرة في مادتي البنزين والغاز المنزلي المستوردتين عبر تركيا منذ أكثر من أسبوع، وذلك نتيجة خلل وعطل مؤقت في حركة الشحن بحسب ما قال أكرم حمودة المسؤول عن مديرية المشتقات النفطية بحكومة الإنقاذ لـ "الطريق" في وقت سابق.
أمّا الثلاثيني براء اليوسف النازح في مدينة أرمناز والذي يعمل بمهنة السباكة في إحدى الورش الصناعية بإدلب، فقد قرر أن يوقف عمله خلال اليومين الأخيرين بسبب نفاد دراجته من البنزين تزامناً مع فقدانه من الكازيات وارتفاع سعره في السوق السوداء إلى معدلات خيالية.
ويضيف قائلاً: "يوميتي 100 ليرة تركي وإذا قررت داوم رح اضطر أدفع 80 منهم حق بنزين ويصفى من أجار يوميتي 20 ليرة بس بعد المشقة والتعب، لهيك قررت آخد إجازه ليومين" وهو يأمل أن تنحل الأزمة الحاصلة بالوقت القريب وتتوفر المحروقات كما كانت عليه في الأسابيع الماضية.
وترافقت أزمة البنزين والغاز في أنحاء المحافظة تزامناً مع فقدان مادة المازوت المحسن والمكرر المعروف "بالمحلي" الذي يتم استيراده من مناطق سيطرة مليشيا قسد بعد تكريره بحراقات بدائية في ريف حلب الشمالي من قبل التجار، وذلك إثر خلافات بين القوى المسيطرة على الأرض، ما أدى لخلق حالة من الركود والجمود في حركة النقل والتجارة، وإثارة غضب الأهالي وسط مطالب بفتح المعابر على مصراعيها والسماح لهم بنقل المحروقات من مدن عفرين وأعزاز.
لا يختلف حال السائق فراس الشايب عن إبراهيم وبراء، حيث تعرض في هذه الأزمة لخسائر مالية جراء استمراره بعمله على السرفيس المخصص لنقل الركاب من مدينة سلقين إلى إدلب وبالعكس، بعد أن أصبح مجبراً على تزويد سيارته بالمازوت الأوروبي؛ لأنه الصنف الوحيد المتوفر بالسوق، علماً أن سعر الليتر الواحد منه وصل إلى 20 ليرة تركية في حين أبقت مديرية النقل تعرفة الركوب على حالها دون تغيير، مبيناً أن سعر ذلك الصنف لا يتناسب مع الأجور التي يحصل عليها من الركاب مقابل نقلهم، وأنه يجب على المديرية رفعها وزيادتها أو تأمين أصناف المحروقات المحلية الأرخص ثمناً بشكل عاجل.
صاحب إحدى الكازيات الفرعية العاملة بريف إدلب، حمّل هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التابعة لها المسؤولية الكاملة حيال الأزمة المفتعلة في إدلب منذ عدة أيام، نتيجة سوء إدارتهم للمنطقة من جهة وتوزيع كميات البنزين والمازوت التي تم تخزينها في وقت مسبق على المحطات التابعة لهم والمقربة منهم من جهة ثانية، بهدف حسر المرابح فيما بينهم فقط، دون أخذ باقي المحطات النشطة والتي تخدم مئات الآلاف من السكان بعين الاعتبار.
وكانت حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام المسيطرة على إدلب، قد أصدرت قراراً في التاسع عشر من الشهر الجاري، ألغت فيه جميع العقود والتراخيص الممنوحة لشركات استيراد وتجارة المشتقات النفطية، وطالبت الراغبين باستجرار المحروقات إلى مناطق نفوذها بتقديم الطلبات الجديدة ضمن المديرية المخصصة للنفط التي أحدثتها أواخر شهر شباط الفائت.