أحمد عبد الرحمن - الطريق
تعاني سوق السيارات الأوروبية في محافظة إدلب، من حالة ركود منذ أكثر من ثلاثة أشهر، على الرغم من انخفاض أسعارها، مع ارتفاع أعداداها؛ ما أسهم في تقليص بعض التجار لعملهم، بعد الخسائر التي لحقت بهم في الفترة الأخيرة لأسباب عدة.
*ركود السوق:
يقول قيس أبو فراس (41 عاماً) تاجر وصاحب معرض للسيارات الأوروبية في مدينة سرمدا شمالي إدلب لـ "الطريق"، إن قطاع تجارة السيارات، خصوصاً في الأسواق والمكاتب الخاصة يمر بحالة جمود لم يسبق لها مثيل منذ إعادة استئناف الاستيراد كونه شهد انخفاضاً حاداً في الأسعار، بسبب كثرة العرض، وذلك بعد مخالفة الاتفاق بين المستودرين والتجار المرخصين العاملين في المنطقة من جهة، وإغلاق المعابر مع المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا "قسد" من جهة أخرى.
ويوضح أبو فراس أن مديرية النقل والاستيراد التابعة لحكومة الإنقاذ طلبت منهم ترخيص مكاتبهم لضبط ألية العمل وإدخال أليات بحسب حاجة المنطقة، ثم التقدم بطلب للحصول على بطاقة تاجر تخولهم بالدخول إلى السوق الحرة لشراء السيارات، ونقلها إلى المكاتب المرخصة ليتم عرضها أمام المواطنين الراغبين بالشراء.
ويضيف أن المستوردين خالفوا الاتفاق بعد بيع معظم الموديلات القديمة في الأسوق، وسمحت المديرية بعدها لعموم الأهالي بالدخول في المزادات التي تفتتح يومياً، "يعني اليوم صار أي شخص بدو يشتري سيارة بيدخل عالسوق الحرة، وبراقب التجار وبس عجبته سيارة بزيد فوق التاجر وياخدها، وهالشي مخالف للاتفاق لأنه؛ أدى لشلل الحركة في المكاتب المكتظة بألاف السيارات" يقول التاجر.
*علاقة المعابر بالأسعار:
أدى إغلاق المعابر الفاصلة بين إدلب ومناطق سيطرة النظام السوري والمليشيات الكردية منذ مطلع شهر شباط / فبراير الفائت، إلى تراكم أعداد السيارات في الأسواق الحدودية مع تركيا بعد أن كان يتم تصدير أكثر من نصفها إلى منبج والمناطق المحيطة فيها؛ ما تسبب بانخفاض أسعار السيارات القصة والتي يتم استيرادها قطع وتجميعها في إدلب، ناهيك عن السيارة النظامية التي خسرت ما يقارب ربع قيمتها أيضاً.
وفي هذا السياق، يوضح ربيع الدبس (32 عاماً)، ويعمل في تجارة السيارات، أن استمرار تدفق السيارات الأوروبية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في وقت إغلاق المعابر الفاصلة مع مدينة منبج، جعل إدلب تصبح مستنقعاً لأكوام من الحديد دُفع ثمنها ملايين الدولارات في وقت لا يستطيع معظم السكان شراء سيارة سياحية بقيمة 3 ألاف دولار أمريكي، بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يعيشونه منذ سنوات طوال.
وأشار الدبس خلال حديثه مع "الطريق"، إلى أن الإدارة الذاتية التابعة لمليشيا "قسد"، منعت التجار العاملين في مناطقها من إدخال أي سيارة تاريخ صنعها قبل 2012؛ ما زاد الأمر تعقيداً وألحق خسائر مادية كبيرة في أسواق إدلب لأن النسبة الأكبر من السيارات تاريخ صنعها دون ذلك.
وفي بداية عام 2013 حتى عام 2015، ازدهر سوق السيارات المستعملة في إدلب بعد أن بدأت عمليات الاستيراد من الدول الأوروبية عبر تركيا، علماً أن الأسعار كانت تتراوح حينها بين 7 و 10 ألاف دولار أمريكي، وفي العام ذاته أصدرت الحكومة التركية قراراً بمنع الاستيراد، لتعتمد المنطقة حينها على السيارات القصة ذات السعر المتوسط والتي دخل قسم كبير منها من مناطق سيطرة النظام قبل إغلاق المعابر معه، لتبدأ بعدها عمليات النقل والاستيراد من المصدر بشكل مباشر بصفة قطع غيار وتبديل لكن ذلك لن يدوم لفترة طويلة
وسمحت تركيا مطلع العام 2021 بإعادة استيراد السيارات الأوروبية المستعملة الحديثة إلى داخل الأراضي السورية عبر أراضيها بكميات مفتوحة؛ ما تسبب بخسائر فادحة لبعض النجار نتيجة الانخفاض الحاد الذي طرأ في الأسعار، علماً أن تكلفة الشحن والتخليص الجمركي وصل إلى 2000 دولاراً أمريكياً لكل سيارة دون ثمنها.
تجدر الإشارة إلى أن عدد كبير من التجار طالبوا مديرية النقل والمستوردين بتعليق عمليات الاستيراد أو تخفيض أعداد السيارات المستوردة ريثما يتم تصريف المتواجدة في السوق، إلا أنهم لم يلقوا أذان صاغية، وسمحت حينها الأخيرة لكل من يرغب بشراء سيارة بالدخول إلى السوق الحرة والشراء من المستورد بشكل مباشر.