الطريق _أحمد عبد الرحمن
تفاجأت حنين السيد، وهي طالبة في جامعة إدلب، بالأجرة التي طلبها منها سائق التكسي بعد أن أوصلها من حي الضبيط إلى كراجات النقل التي تبعد عن الحي قرابة 1.5 كم مقابل مبلغ 30 ليرة تركية "ما كنت بعرف أنو مشوار ما تجاوز الخمس دقائق ضمن المدينة رح يكلفني هالمبلغ هاد، ولو كنت بعرف ما بطلع بحياتي".
تقول الطالبة لـ"الطريق" إنها اضطرت لطلب سيارة أجرة لتنقلها إلى كراجات المدينة؛ بسبب الضغط الكبير الذي تشهده باصات النقل الداخلي عند خروج الطلاب والموظفين من جامعاتهم وأعمالهم، حيث سيستغرق انتظارها للحصول على مقعد في باص النقل وقتاً طويلاً يمنعها من الوصول إلى منزل عائلتها الكائن في دركوش، قبل حلول موعد الإفطار، وذلك بعد تأخرها في تلقي محاضراتها الجامعية.
الموقف الذي تعرضت له السيد، جعلها تشعر بحالة من الغبن والاستغلال من قبل السائق، وقد أخذت درساً لن تنساه لمعرفة أجرة التكسي قبل صعودها في المرات القادمة، أو السير على الأقدام ضمن المدينة في حال عدم توفر مقاعد فارغة في النقل الداخلي.
أجور تعادل دخل المواطن
ترتفع تعرفة السيارات الخاصة "التكاسي" ضمن أحياء مدينة إدلب وخارجها بين اليوم والآخر، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات بشكل مستمر من جهة، وتغير قيمة صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي من جهة أخرى، لا سيما أن أصناف المحروقات تباع بمحطات الوقود العاملة في محافظة إدلب بقيمة الدولار.
يقول أمين أبو النور، 31 عاماً، وهو صاحب سيارة أجرة لـ "الطريق": إنّ أجرة الطلب ضمن أحياء المدينة تتراوح من 15 إلى 25 ليرة تركية على حسب السائق وما يرضى به، أمّا في حال كان الطلب خارج المدينة فتصبح الأجرة على المسافة "كل واحد كيلومتر يُضرب بأربع ليرات تركية".
وأوضح أبو النور في حديثه بأن سيارات الأجرة خصوصاً البنزين منها، تعمل اليوم بخسارة؛ بسبب غلاء قطع الصيانة والزيوت التي يتم استبدالها كل مدة، والسبب الآخر هو ارتفاع ثمن ليتر البنزين الأوروبي إلى معدلات خيالية، بعكس المازوت الذي يتوفر في الأسواق بعدة أصناف وأسعار مختلفة.
مبررات غير مقبولة من السائقين
يرى بشار خلوف، 41 عاماً، وهو نازح وموظف في مدينة إدلب، بأن المبررات التي يتقدم بها أصحاب السيارات الخاصة للزبائن عند خلافهم على دفع ثمن الطلب غير مقبولة، لافتاً إلى أن السيارة لا تحتاج للإصلاح بشكل يومي كما يقولون، وأن أي مشوار ضمن المدينة لا يحتاج لأكثر من ثلث ليتر من المحروقات مهما كانت مسافته، متسائلاً "لماذا يأخذ أغلب السائقين هامش ربح مضاعف؟.
ويضيف خلوف، أن الموظف في المؤسسات أو عامل المياومة يحتاج نصف راتبه لدفع تكاليف تنقله من منزله إلى مكان عمله وبالعكس، في حال كان لا يملك آلية ويعتمد على سيارات خاصة في التنقل، وهذا أمر مرفوض وغير مقبول بنظره ويجب على السائقين مراعاة ظروف السكان المنهارة مادياً في ظل موجات الغلاء المتتالية التي تشهدها المنطقة.
الطلاب والموظفون ضحية قرارات الإنقاذ
عمر الإسماعيل، طالب جامعة يقيم في سلقين، يقول إنه كان يركب السرفيس يومياً من مدينته إلى الجامعة ويصل بالوقت المحدد دون النزول في أي محطة للتنقل بوسيلة أخرى ودفع تكاليف إضافية، قبل القرار الذي اتخذته مديرية النقل والمواصلات القاضي بإيقاف عقود السرافيس التي تؤمن وسيلة نقل سريعة ومريحة للطلاب والموظفين وقسم من الأهالي.
وأشار الإسماعيل إلى أن تكاليف النقل التي كان يدفعها زادت إلى الضعف؛ بسبب اعتماده أحياناً على تكاسي الأجرة لنقله من كراجات إدلب إلى جامعته في حال لم يكن أمامه وقت للحاق دوامه
"ورغم استخدام التكاسي أو باصات النقل للوصول للجامعة صرت أدخل متأخر عالمحاضرة علماً بطلع من البيت قبل ساعة ونصف على أقل تقدير".
وكانت مديرية النقل والمواصلات في حكومة الإنقاذ قد أصدرتا قراراً منتصف العام الفائت يقضي بمنع السرافيس القادمة من الأرياف الدخول ضمن أحياء المدينة، والاعتماد على المتحلق للوصول إلى الكراجات الرئاسية التي قامت بتجهيزها بالقرب من المدخل الجنوبي لتفريغ الركاب فيها، بهدف تنظيم حركة السير وتنشيط خطوط النقل الداخلي المعروفة بشركة زاجل التابعة لها.
وبحسب شهادات أشخاص عدة، فإن قرار مديرية النقل أفسحَ المجال أمام سائقي التكاسي لاستغلال المواطنين؛ نتيجة الضغط الكبير الذي يحدث فترة العصر والصباح، إذ يضطر قسم كبير من الأهالي الاعتماد على السيارات الخاصة "التكاسي" لنقلهم إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها قبل بدء الدوام أو في نهايته، لكن الأجور المرتفعة التي يطلبها السائقون أجبرت أغلب الأهالي على التنقل سيراً على الأقدام في حال لم تتواجد باصات النقل، والتي بطبيعة الحال تستغرق وقتاً طويلاً للوصول إلى الأماكن المحددة.