خاص – الطريق
يتفاقم واقع القطاع الصحي في مناطق سيطرة النظام بشكل متسارع في الآونة الأخيرة، وسط انعدام الرعاية والخدمات التي من المفترض أن تقدم للمرضى بشكل مجاني في المشافي العامة، الأمر الذي أجبر مئات الأهالي بمحافظة حماة على التوجه للعلاج ضمن القطاع الخاص، رغم التكاليف الباهظة التي قد تصل إلى ملايين الليرات في حال اضطر المريض لحجز غرفة.
اضطر علي أبو صفوان 36 عاماً، أحد أهالي حماة، أن يسعف زوجته إلى المشفى الوطني في المدينة جراء تعرضها لموجة ألم حادة في المعدة بعد منتصف إحدى ليالي رمضان الجاري، لكن سوء الرعاية الصحية بقسم الإسعاف وعدم تدخل طبيب للكشف على الحالة بالسرعة التي يجب أن تكون بمثل هذا الحدث، دفعه أن ينقل المريضة إلى مشفى خاص لمتابعة علاجها بعد أن تلقت حقنة مهدئة ساعدتهم في التنقل.
يقول علي لـ"الطريق" بصوت مرتجف، إن الحال يختلف بين المشافي العامة والخاصة؛ فالرعاية التي تتلقاها فور دخولك إلى منشأة طبية خاصة تشعرك بالاطمئنان نوعاً ما، لكن عندما تصل إلى تسيير أوراق الخروج ودفع التكاليف تصاب بالصدمة، وربما يغمى عليك بعد سماعك الرقم المالي المطلوب منك تسديده مقابل الساعات المعدودة التي قضيتها داخل المشفى، والذي يعادل راتب أربعة أو خمسة أشهر من عملك على أقل تقدير، موضحاً أنه دفع مبلغاً قدره مليون ليرة سورية قرابة 260 دولاراً حيال كشفية الطبيب وثمن أدوية وسيرومات وبعض التحاليل.
لا يعتبر العلاج ضمن القطاع الخاص خياراً مريحاً للكثير من الأهالي، فقد تصل تكلفة العلاج داخله إلى ملايين الليرات، إنما هو اضطراري في معظم الأوقات، وذلك نتيجة تعذر إيجاد أطباء وخدمات مناسبة في المستشفيات العامة.
من جانبها، قالت أم عبد الكريم 45 عاماً في تصريح لـ"الطريق"، إن المشافي العامة والخاصة العاملة في مدينة حماة لم تعد تؤدي مهامها الإنسانية المترتبة عليها كالسابق، لافتة إلى أنها أصبحت عبارة عن مسالخ بشرية هدفها زيادة أوجاع المرضى والمراجعين والمتاجرة بهم من خلال أموالهم.
وتضيف: "أسعفتُ ابنتي إلى مشفى الحكمة الخاص في المدينة، بعد أن أغمى عليها من شدة الألم الذي تحول إلى تشنج سيطر على كامل جسدها".
وتابعت: "فور وصولي المشفى ومشاهدتي الطبيب، بدى غير مبالٍ بالنداءات التي تم استدعاؤه خلالها عبر إذاعة الصوت بالتوجه إلى قسم الإسعاف بالسرعة القصوى، ما جعلني أصرخ بوجهه قائلة لن أسمح بأن تكون ابنتي ضحية تقصيرك في واجبك وإهمالك لعملك، أنت في مشفى خاص وليس عاماً، أسرِع إلى المريضة إنها تموت".
توضح أم عبد الكريم في حديثها، أنهم اضطروا لحجز غرفة في المشفى نتيجة سوء وضع ابنتها الصحي، وبعد مضي 24 ساعة قرر الطبيب تخريج المريضة إلى منزلها بعد أن تم إجراء صورة طبقي محوري وعدة تحاليل أخرى تجاوز ثمنها مع تكاليف الغرفة، مليون ومئة ألف ليرة سورية، وبعد أقل من ساعتين من الوصول إلى المنزل عادت حالة المريضة تسوء صحياً ليتم إعادتها إلى المشفى ويتبين فيما بعد أنّ ثمة خطأ فادحاً ارتكبه الطبيب السابق بالتشخيص وكاد أن يتسبب العلاج الذي تلقته حينها بقتلها.
وبحسب شهادات عدة جمعها "الطريق" من أهالي محافظة حماة، فإن المشافي العامة في المدينة كـ الوطني والطبي، تفتقر إلى مختلف المواد والتجهيزات الطبية والمستلزمات الخاصة في تشغيلها، إضافة لانعدام الأدوية والخدمات والمعاملة الحسنة من الكوادر العاملة فيها، الأمر الذي يجبر الكثير من المرضى على التوجه إلى المنشآت الخاصة لمتابعة علاجهم، رغمَ التكاليف الكبيرة التي ستترتب عليهم، فيما يفارق عدد آخر من المرضى الحياة وهم ينتظرون دورهم لإجراء عمليات مجانية في المشافي العامة.