الطريق- أحمد عبد الرحمن
تشهد أسواق محافظة إدلب ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الألبسة المستوردة والمحلية، مع اقتراب عيد الفطر، حيث يعد شهر رمضان من كل عام موسماً تجارياً تنشط فيه الحركة التجارية والشرائية بشكل مضاعف، مقارنة بالشهور الأخرى من العام ذاته.
تقول السيدة ريم حمو، مهجرة في الشمال السوري وأم لثلاثة أطفال أيتام لـ"الطريق" إنها خرجت عدة مرات إلى الأسواق؛ بحثاً عن ثياب لأطفالها تتناسب مع قدرتها الشرائية بعد أن خصصت مبلغاً محدداً من المال لشراء ما يلزمها، لكن غلاء الأسعار وتفاوتها بين محل وآخر كان يجبرها على العودة إلى منزلها دون إنجاز ما خرجت من أجله.
"الرخيص ما بيسوى والغالي مالنا قدرته"، تشير حمو في حديثها إلى أن الأسواق التجارية مكتظة بالبضائع وتجد على أرفف كل محل عشرات الأصناف من الألبسة المحلية والمستوردة، الأمر الذي يجعل الزائرين والمتسوقين يقولون في أذهانهم إنهم وجدوا ما يبحثون عنه وبأسعار مناسبة، حسب تعبيرها، "إلا أن تسعيرة القطعة التي تأتيك من حاسبة المتجر بعد سؤالك عمَّا أعجبك، تجعلك ترتبك من الجواب وتعود إلى الأقل ثمناً".
وبحسب شهادات عدة لسكان في الشمال السوري، تحتاج الأسرة المؤلفة من أربعة أفراد ما لا يقل عن 1000 ليرة تركية "قرابة 70 دولاراً أمريكياً" لتغطية احتياجات ألبسة العيد، لكن هذا المبلغ يعتبر رقماً كبيراً جداً للعائلات ذات الدخل المحدود.
وحول أسباب ارتفاع الأسعار، قال محمد باكير، أحد أصحاب متاجر بيع الألبسة بالجملة والمفرق: إن ذلك يعود لرفع جمرك البضائع التي تدخل إلى المنطقة عبر المعابر الحدودية مع تركيا ومناطق سيطرة النظام، إضافة لأجور المحلات الخيالية التي يطلبها صاحب العقار من المستأجر.
ويوضح باكير في حديثه لـ"الطريق" أنهم اضطروا هذا العام لإدخال نسبة كبيرة من الألبسة الشامية والحلبية إلى أسواق إدلب؛ بسبب زيادة الطلب عليها في المواسم الماضية، إلا أن أسعارها المرتفعة نتيجة ما ذكر سابقاً جعل إقبال السكان يعود إلى البضائع التركية "ومتل ما بتعرفوا بس صار طلب زائد على أي سلعة بالسوق بيرتفع سعرها بحسب نسبة الحركة".
ومع اقتراب أيام عيد الفطر وتوجه الناس إلى الأسواق، ارتفعت أسعار الملابس الرجالية والنسائية بنسبة 50 في المئة، أمّا ملابس الأطفال تجاوزت الـ100في المئة، إذ يتراوح ثمن القطعة السورية بين 250 ليرة تركية والـ400 ليرة.
وعزف عمر صباغ أحد السكان في إدلب، هذا العيد، عن شراء بعض متطلبات أفراد عائلته التي يحتاجونها، وقرر شراء الأهم وتأجيل كل ما يمكن تأجيله حتى انقضاء أيام العيد وعودة الأسعار إلى طبيعتها.
يقول صباغ لـ"الطريق" إنه لجأ إلى بيع بعض أغراض منزله التي لا يحتاجها كي يحقق رغبة أولاده الأربعة ويصطحبهم إلى السوق، لكن الغلاء سرق ما بحوزته من مال قبل أن يؤمّن جميع ما يريدونه؛ فما كان منه إلا أن يقدّم لهم وعوداً باستكمال ما يريدونه في الأيام القادمة.
بين الحين والآخر يعاني سكان المناطق المحررة، شمال وشمال غربي سوريا، من موجات غلاء لاهبة تشمل معظم السلع الغذائية وغير الغذائية، والتي كان آخرها ارتفاع أسعار الخضار مع بداية شهر رمضان إلى معدلات خيالية، في وقتٍ لا تتجاوز فيه أجور عمال المياومة 40 ليرة تركية في اليوم الواحد، الأمر الذي يتسبب بحركة ركود في الأسواق جراء الوضع المعيشي والاقتصادي السيء الذي يمر على نسبة كبيرة من السكان المقيمين في المنطقة.