الطريق- أحمد عبد الرحمن
بعد الاطّلاع على لائحة أسعار المواد التي تصدر من الأسواق صباح كل يوم، قررت أم محمد النازحة في قرى إدلب الغربية أن تذهب برفقة أحفادها إلى الحقول الزراعية القريبة من منزلهم؛ للبحث عن أغصان نبتة الخبيزة ونباتات أخرى تسمى شعبياً "حويش" لإعدادها وتحضيرها كوجبة إفطار إلى جانب الطعام المتبقي من اليوم الفائت.
تقول لـ"الطريق" إنها استطاعت تأمين طبخة العائلة بشكل مجاني دون الرجوع إلى الأسواق الملتهبة بالأسعار، فبعد رحلة بحث دامت قرابة ساعتين في فترة الظهيرة، عادت أم محمد محملة بأغصان الخبيزة الخضراء، وبدأت تنتقي الجيدة منها قبل البدء بعملية تنظيفها من التراب والحشائش العالقة بالنبتة.
ما هي الخبيزة ؟
هي نبتة عشبية من الورقيات تنمو في دول بلاد الشام وتشتهر بها سوريا، تعتبر الخبيزة من الأكلات المغذية والشعبية الشهيرة في فصل الربيع، لا تزرع من قبل مزارعين وإنما تنمو نهاية فصل الشتاء في الأراضي والحقول الزراعية والأحراش الخضراء ليبدأ الأهالي بقطافها مطلع الربيع وإعدادها في وجبات الطعام بطرق متنوعة ومختلفة لما لها من فوائد جمة، ومنهم من يتوجه بها إلى سوق الخضار لبيعها والانتفاع من ثمنها.
طريقة الطهو
"الخبيزة ربيع المعدة وست الطناجر" بهذا المثل الشعبي بدأت أم محمد تحدثنا عن طريقة التحضير.
وتتابع: تبدأ عملية الغسيل بعد الانتهاء من التنظيف ووضعها في الأواني اللازمة لإتمام الطهو، ثم نخرج الأغصان ونصففها فوق بعضها وتقطع إلى أجزاء مختلفة الحجم "بحسب رغبة العائلة".
وتضيف: "نعيد الخبيزة إلى القدر الموضوع على النار ونغمرها بالماء، وتبقى حتى تقترب من درجة الغليان لنتأكد أنه لم يتبقَ فيها طعم مرار. في الجانب الآخر كنا قد جهزنا وعاء في داخله فحل من البصل المفروم والمغمور بزيت الزيتون البلدي لننقل عليه الخبيزة لإتمام الخطوات الأخيرة من عملية طبخها، بعد إخراجها من وعاء الغلي (السلق) في الماء وتصفيتها بشكل جيد".
توضح لنا أم محمد أن المكونات التي تضاف للأكلة أثناء الطبخ تختلف بين منطقة وأخرى، فمنهم من يضع لها حبات الأرز والثوم وأنواعاً مختلفة ومتعددة من البهارات، أمَّا هي فتضيف لها قليلاً من الصريصرة (البرغل الناعم) والفليفلة اليابسة إضافة لحبات من الفلفل الأحمر.
وتختم أم محمد حديثها مع "الطريق" بمثل شعبي آخر، يقول: "عض خبيزة وفرش دردار، مأكول السلاطين والأمار".
فوائد الخبيزة وأنواعها
تعتبر الخبيزة من أهم النباتات البرية التي عرفها الشعب السوري منذ عشرات السنين، يوجد عدة أنواع منها ولا تقتصر على الخبيزة فقط؛ ففي إدلب يتم البحث أيضاً عن "الدردار والحميضة ونوع محدد من أنواع الخرفيش"، تطبخ جميع هذه النباتات مع بعضها لمن أراد ذلك بعد إتمام الخطوات التي ذكرناها في الفقرات السابقة.
للخبيزة فوائد غذائية وصحية متعددة، فهي لعلاج الالتهابات المعوية والرئوية وتقليل ضغط الدم، إضافة إلى الحماية من الإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية، كما تشكل وقاية للجسم من الكثير من الأمراض على غرار التهاب المفاصل وأمراض الجهاز التنفسي.