الطريق
أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن أوكرانيا اقترحت أن تكون تركيا أحد الضامنين في حل الأزمة القائمة بين كييف وموسكو، ما يثير التساؤلات حول أسباب هذا المقترح ومدى إمكانيته في إطاره العسكري والسياسي.
وقال تشاووش أوغلو، إنه من الطبيعي أن أوكرانيا تريد أن تكون تركيا من الدول الضامنة، مبينا أن تركيا واحدة من الدول المطلة على البحر الأسود التي تعمل على تحقيق الاستقرار والتوازن في المنطقة، لافتا في الوقت ذاته إلى عدم اعتراض موسكو على ذلك.
وكان وزير الخارجية التركي، قد توجه مؤخرا إلى روسيا وأوكرانيا، وعقد لقاءات مع نظرائه، معلنا عن شروط روسية من أجل وقف إطلاق النار.
وتتمثل إحدى الشروط الروسية في حياد أوكرانيا ونزع السلاح وتوفير ضمانات الأمن المتبادلة في سياق النموذج النمساوي.
الكاتبة التركية زينب غورجنلي، في تقرير على صحيفة "دنيا" التركية، ذكرت أن الشروط الروسية تعني القضاء على إمكانية دخول أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" أو الانضمام إلى أي تحالف دفاعي آخر.
وتابعت بأن ما تريده موسكو يتحقق مع ترك مسألة أمن أوكرانيا لدول ضامنة وهي الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن إلى جانب تركيا وألمانيا، وهذا الشرط تقبله أوكرانيا.
ورأت أن أي عدوان روسي في المستقبل ضد أوكرانيا، في حال التوافق بشأن الدول الضامنة، سيمهد الطريق أمام الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة، للتصرف وكأن الحرب قد شنت ضدها.
وحول إصرار أوكرانيا على مشاركة تركيا مع أعضاء مجلس الأمن لتكون دولة ضامنة، فأوضحت الكاتبة أن السبب يعود إلى تحكم تركيا بالمضائق بموجب اتفاقية مونترو.
وأوضحت أنه في بداية الحرب طلبت كييف من أنقرة تنفيذ "اتفاقية مونترو" لكن الأخيرة كانت مترددة في وصف ما يجري بـ"الحرب"، إلا أن الموقف قد تغير بعد ذلك وأغلقت المضائق على الأطراف المتحاربة.
وأضافت أن هناك بنودا أكثر تقييدا في معاهدة مونترو يتم تطبيقها في حال دخلت تركيا الحرب (في إشارة إلى اعتبارها دولة ضامنة بالمستقبل)، والمزاج السائد في أنقرة أن هذا هو السبب وراء الإصرار الأوكراني على طلب الضمانة الدفاعية التركية.
وتابعت بأنه إذا تعرضت أوكرانيا، التي تضمن تركيا دفاعها، للهجوم بأي شكل من الأشكال في المستقبل، فإن هذا الهجوم سيعتبر أيضا هجوما على تركيا التي ستعد "طرفا"، وعليه فإنه وفقا لاتفاقية مونترو فستطبق كافة شروط الاتفاقية وفقا للوضعية الجديدة وتشمل حظر عودة السفن الحربية إلى موانئها في البحر الأسود.
وقالت إن أوكرانيا لا تريد أن تترك تنفيذ قرار "ظروف الحرب" في مونترو وفقا لتفضيلات الحكومة التركية.
ونوهت الكاتبة إلى قضية أخرى، وهي أن نزع سلاح أوكرانيا، سيؤثر بشكل مباشر على التعاون في الصناعات الدفاعية بين أنقرة وكييف والذي تعمق في السنوات الأخيرة، ويشمل ذلك الإنتاج المشترك للطائرة المسيرة "بيرقدار".
وأوضحت أنه في بيئة يتم فيها نزع سلاح أوكرانيا، فإن من المحتمل جدا أن تصبح مثل هذه الاتفاقيات بين البلدين قد عفا عليها الزمن.
صحيفة "Türkiye Gazetesi" نقلت عن مصادر دبلوماسية بأنقرة، أن الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار أولا ضروري لتطبيق مسألة "الدول الضامنة".
وبحسب التقرير، فقد شدد رئيس دائرة المخابرات العسكرية الأسبق، إسماعيل حقي بكين، على ضرورة تقييم المقترح بشكل جيد قبل الموافقة عليه، مشيرا إلى أن هناك تساؤلا حول ما "إذا قامت روسيا بشن هجوم جديد على أوكرانيا فكيف سيبدو الموقف التركي؟".
ورأى أنه يجب على تركيا أن لا تكون دولة ضامنة، أو أن عليها التعامل بحذر حول تفاصيل الضمان المطلوب منها.
الأكاديمي في جامعة "يني يوز يل" ياشار حجي صالح أوغلو، رأى أن القوة الوحيدة التي تستحق لعب دور الدولة الضامنة والقيام بواجباتها بشكل صحيح هي تركيا، ولكن الوضع في أوكرانيا يختلف عن قبرص، والمطلوب أولا أن تتفق كييف وموسكو.
وتابع بأن هناك شروطا وأحكاما مختلفة في أوكرانيا، ومن الضروري تحديد حدود الضمان وتفاصيله والقضايا التي سيكون لتركيا موقف فيها.
المختص بقضايا الأمن يوسف الأباردة رأى أن التدخل العسكري كضمان في تحقيق السلام لن يكون مناسبا بالنسبة لتركيا.
وأضاف أن تركيا أثبتت أنها دولة محايدة في الأزمة الروسية-الأوكرانية، وبالتالي فإن هناك مفهوم ظهور شرورط الضمانة و"فرض السلام".. وتركيا لا تستطيع أن تضمن شرط فرض السلام.
ورأى أنه في حال انتهاك روسيا لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، فإن تركيا لن توافق على التحرك العسكري كدولة ضامنة كما فعلت في قبرص، وعليه فإنه يجب بحث مسألة "الدولة الضامنة" بشكل تفصيلي.
المصدر: عربي21