الطريق
تستضيفُ الدوحة، الأحد، مفاوضات السلام التشاديَّة التي تجمع ممثلين عن المجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة في تشاد.
وعقدت وزارةُ الخارجية القطرية اجتماعاً تنسيقياً الأربعاء الماضي، مع عددٍ من السفراء المُعتمدين لدى الدولة، حول استضافة الدوحة لمفاوضات الأحد، التي لم يُعلَن عن مدة انعقادها أو أسماء الأشخاص المشاركين فيها.
وترأس هذا الاجتماع، وفق بيان للوزارة، المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات مطلق بن ماجد القحطاني، بحضور عدد من مديري الإدارات بوزارة الخارجية والمنظمات الدوليَّة.
القحطاني أكد، خلال الاجتماع، حرص الدوحة على تحقيق السلام والاستقرار في تشاد وبذل مساعيها الحميدة في هذا الصدد.
وعبّر عن تطلع قطر لاستضافة المفاوضات بين الأطراف التشادية، بمشاركة عددٍ من الدول والمنظمات التي أكدت خلال الاجتماع دعمها جهود الدوحة الهادفة لتحقيق السلام والاستقرار في تشاد.
وتعكسُ الاستضافة القطرية لهذه المباحثات حرصَ الدوحة على مواصلة دورها كلاعب نشط وفعال لإرساء الأمن والسلم الدوليين انطلاقاً من قيم ومبادئ عربية أصيلة ورؤية وطنية وسياسة خارجية ركيزتها التعاون والوساطة لحل النزاعات بالطرق السلمية عبر الحوار والتفاوض لخير الشعوب كافة.
في 20 أبريل/ نيسان الماضي، أعلن الجيش التشادي مقتل الرئيس إدريس ديبي (68 عاما)، متأثراً بجراح أصيب بها خلال تفقد قواته في الشمال، حيث يشن المتمردون هجوماً لإسقاط نظامه الحاكم منذ 1990.
وتوفي ديبي بعد ساعات من إعلان فوزه رسميا بولاية سادسة في انتخابات رئاسية أجريت في 11 أبريل الماضي.
وعقب وفاته، تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة نجله محمد (37 عاما) لقيادة البلاد مدة 18 شهراً يعقبها إجراء انتخابات.
وإلى جانب إنشائه وزارة للمصالحة الوطنية عين محمد ديبي مستشاراً للمصالحة والحوار برئاسة الجمهورية، وأطلق دعوة لجميع الأطراف السياسية بما فيها الحركات المسلحة والجماعات المتمردة للمشاركة في الحوار الوطني.
وفي يناير/ كانون الثاني 2022 أعلن ديبي في خطاب إلى شعبه، أن "الحوار الوطني الجامع" سينطلق في 15 فبراير/شباط الجاري بهدف تحقيق المصالحة في البلاد وتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والتشاديين بالخارج في جمهورية تشاد شريف محمد زين، زار الدوحة في يناير الماضي والتقى نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وبحسب بيان للخارجية القطرية حينها، ناقش الوزيران، جهود تنظيم الاجتماع بين ممثلي المجلس العسكري الانتقالي في تشاد والحركات المسلحة التشادية، إلى جانب مستجدات جهود الوساطة والمصالحة المتعلقة بالحوار الوطني الشامل وتحقيق المصالحة الوطنية.
وجاء الاجتماع بين الوزيرين بعد يوم من تصريحات أدلى بها رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي كشف فيها عن أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وافق على مساعدة الأطراف التشادية في الحوار والمصالحة.
وقال محمد إدريس ديبي في لقاء مع قناة الجزيرة القطرية في يناير الماضي: إنَّ "الحوار المرتقب في قطر مع الحركات المسلحة سيتيح التفاوض من أجل التوصل للسلام".
بينما أكَّدت اللجنة الحكومية المكلفة بالتحضير للحوار بين الحركات المسلحة والمجلس العسكري في تشاد آنذاك أن "الأطراف التشادية التي ستشارك في هذا الحوار ستقرر نبذ العنف وستعمل من أجل التمهيد للحوار الوطني الشامل".
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) في تقرير لها الجمعة، أنَّ أياً من قادة المتمردين الذين اتصلت بهم لم يقل إنه سيقاطع الدوحة، في إشارة إلى حرصهم على المشاركة في مفاوضات الدوحة للسلام.
ومن جانبه، أعرب السفير التشادي لدى قطر علي صوصل إبراهيم، في تصريحات سابقة، للصحافة المحلية القطرية، عن تطلعات كبيرة لتحقيق الوفاق والمصالحة الوطنية في تشاد خلال مباحثات الدوحة.
وثمّن الجهود القطرية الحثيثة من أجل الوصول إلى هذا الهدف الذي يصبُّ في صالح الشعب التشادي وشعوب المنطقة.
واعتبر إبراهيم أن قطر سباقة في رعاية المصالحات والمباحثات بين الفرقاء لإيجاد حلول سلمية للنزاعات قائمة على الحوار والتفاوض بين كافة الأطراف.
وقال إن قطر أثبتت كفاءة عالية في رعايتها ووساطتها لإرساء السلام في العديد من الملفات والقضايا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ملف دارفور في السودان وملف أفغانستان وغيرها.
ولفت السفير التشادي إلى أنَّ الوساطةَ القطريةَ تتمتعُ بخبرة طويلة في عقد المصالحات والوصول إلى الوفاق بين أبناء الشعب الواحد ويميز وساطتها وقوفها على مسافة واحدة من الجميع، فضلًا عن الجدية والمنهجية التي تتبعها للتوفيق بين مختلف الأطراف وصولًا إلى تحقيق المصالحة.
وأضاف إبراهيم أن "نجاح هذه المفاوضات تتوقفُ في النهاية على الإرادة والرغبة المشتركة لمختلف الأطراف من أجل الوصول إلى الاستقرار والسلام المنشود والتركيز على مسار البناء والتنمية لصالح الشعب التشادي الذي يترقبُ نتائج مثمرة للمباحثات المُقبلة في الدوحة".
وانقطعت العلاقة بين قطر وتشاد إثر الأزمة الخليجية في أغسطس/ آب 2017، بعدما دخلت تشاد مع عددٍ قليل من الدول الأفريقية ضمن الأزمة، وقطعت علاقاتها مع الدوحة، لكن سرعان ما عادت هذه العلاقة بموجب مذكرة تفاهم بين البلدين وقعت فبراير/ شباط 2018.
المصدر: وكالة الأناضول