الطريق
رسمياً، أعلنت الولايات المتحدة أنها تعتزم تصنيف دولة قطر “حليفاً رئيسياً” لها من خارج دول حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وهو وضع سيمنح الدولة الخليجية مكاسب عديدة إقليميا ودوليا.
وبينما كان جالسا بجوار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في البيت الأبيض الاثنين 1 فبراير/ شباط الجاري، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن “قطر صديق جيّد وشريك موثوق”.
وتابع: “سأبلغ الكونغرس بأنني سأصنف قطر حليفا رئيسيا من خارج الناتو لكي أعكس أهمية علاقتنا.. وأعتقد أنه أمر طال انتظاره”.
وهذا هو أول لقاء بين قائد خليجي وبايدن منذ أن تولى الأخير الرئاسة الأمريكية، في يناير/ كانون الثاني 2021، خلفا لدونالد ترامب (217 ـ 2021).
وحتى اليوم، لم تمنح واشنطن صفة “حليف رئيسي من خارج الناتو” سوى إلى 17 دولة بينها: إسرائيل ومصر والبحرين والكويت وتونس والمغرب والأردن وأستراليا واليابان والفلبين.
ووفق وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في تصريحات لقناة “الجزيرة” القطرية الاثنين، فإن تصنيف الدوحة حليفا رئيسيا لواشنطن من خارج الناتو “يعكس قوة العلاقة ويوفر فرص شراكة ويمثل اعترافا بمصلحتنا الوطنية في تعميق التعاون الدفاعي والأمني معها”.
فيما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” جون كيربي، خلال مؤتمر صحافي، إن “هذا التصنيف سيغير الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة وجيشها مع قطر، ويفتح نطاقا جديدا من الفرص والتدريبات والعمليات وربما أيضا الحصول على معدات عسكرية”.
منح أولوية لقطر
اعتبر علي الهيل، أستاذ العلوم السياسية والإعلام، في حديث للأناضول، أن قرار بايدن بشأن تصنيف قطر هو “قرار طبيعي، فقطر لها حراك ودور عالمي كبير، ما يجعلها جديرة بذلك”.
واستشهد بـ”احتضان قطر الملف الأفغاني، وإنجاح عمليات الإجلاء الضخمة من أفغانستان عبر الخطوط الجوية القطرية، وهذا جهد لا تستطيع أن تقوم به دول كبرى وحدها”.
وفي أغسطس/ آب الماضي، سيطرت حركة “طالبان” على أفغانستان، بالتزامن مع مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي اكتملت بنهاية ذلك الشهر.
وأقر بايدن، الاثنين، بأدوار الدوحة البارزة في ملفات عديدة بقوله إن “شراكتنا مع قطر أدّت دورا محوريا لمصالحنا الأكثر استراتيجية: نقل عشرات آلاف الأفغان، والحفاظ على الاستقرار في غزة وتقديم المساعدة المنقذة للحياة للفلسطينيين، ومواصلة الضغط على تنظيم داعش (الإرهابي)”.
ورأى الهيل أن “الهدف من القرار الأمريكي هو أن تكون لقطر الأولوية في شراء الأسلحة وإعطاؤها ضوءا أخضر لمزيد من الوساطات العربية والشرق أوسطية، وربما الدولية.. كما أنه يكرس مصداقية قطر لدى المجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي”.
تعزيز لمكانة الدوحة
وقال عبد العزيز آل إسحاق، محلل سياسي، إن “اعتبار الولايات المتحدة قطر حليفا استراتيجيا لها من خارج حلف الناتو يؤكد العلاقة القوية بين البلدين على مستوى قادة الدولتين ومؤسساتهما الرسمية”.
وأضاف “آل إسحاق” أن الخطوة الأمريكية “تأتي بعدما ما حققته قطر من أدوار دولية، لا سيما في التعاون مع الولايات المتحدة كما حدث في قضية أفغانستان، أو الوساطة نيابة عنها للإفراج عن رهائن أمريكيين في دول عديدة”.
وأردف أن “هذا التصنيف يمثل رمزية كبيرة وإضافة قوية لمكانة قطر ويعزز مكانتها في علاقتها مع الدول والتحالفات الدولية الكبرى”.
مبادرة إسطنبول
وقبل إعلان بايدن، إبلاغ الكونغرس بتصنيف قطر حليفا رئيسيا لبلاده من خارج “الناتو”، تشكلت العلاقات بين الدولة الخليجية والحلف في إطار “مبادرة إسطنبول للتعاون”، التي انضمت إليها الدوحة في 16 فبراير 2005.
و”الناتو” تحالف يتكون من 30 دولة، وأُنشئ عند التوقيع على معاهدة حلف شمال الأطلسي في 4 أبريل/ نيسان 1949، ويتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا له.
وقال “الهيل” إن “تركيا هي إحدى الدول الأعضاء في الناتو، وهو ما ساعد في أن تكون قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج الحلف، لأنها (قطر) حليف استراتيجي لتركيا، لا سيما في ظل انضمام قطر إلى مبادرة إسطنبول للتعاون”.
وفي 18 يناير/ كانون الثاني 2018، وقعت قطر اتفاقية أمنية مع “الناتو” توفر إطارا لحماية تبادل المعلومات بين الجانبين.
كما وقعت الدوحة، في مارس/ آذار من العام نفسه، اتفاقية تعاون مع الحلف في المسائل العسكرية والأمنية، أثناء زيارة الأمير تميم لبروكسل.
وتتمثل الاتفاقية في تمركز قوات وموظفين للحلف في قاعدة “العديد” الجوية جنوب غرب الدوحة، وهي تضم القوات الجوية الأميرية القطرية والقوات الجوية الأمريكية وسلاح الجو الملكي البريطاني.
وتستضيف القاعدة مقر القيادة المركزية الأمريكية، والسرب رقم “83” من القوات الجوية البريطانية، وجناح المشاة الجوية رقم 379، التابع للقوات الجوية الأمريكية.
واستضافت القاعدة أكثر من 11 ألف ضابط وجندي أمريكي وأزيد من مئة طائرة تشغيلية، وفق تقارير إعلامية.
ووضع “حليف رئيسي من خارج الناتو” يمنح الدولة المختارة ميزة تفضيلية للحصول على معدات وتكنولوجيا عسكرية أمريكية ومواد فائضة مجانية، بجانب إعطاء الأولوية للتعاون في التدريب.
وبالرغم من أن هذا الوضع لا يشمل تلقائيا اتفاقية دفاع مشترك، فإنه يوفر مزايا عسكرية ومالية لا تحصل عليها إلا الدول الأعضاء في “الناتو”.
المصدر: وكالة "الأناضول"