حسام كنفاني
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات التالية لافتتاح بطولة كأس العرب في الدوحة بجملةٍ من التعليقات الغاضبة، خصوصاً من السوريين المعارضين واللاجئين في دول كثيرة، احتجاجاً على غناء جزء من النشيد السوري ورفع علم النظام في حفل الافتتاح. أساس الاعتراض ليس على الفعل بحد ذاته، وهو أمرٌ يتكرّر في مسابقات دولية كثيرة تشارك فيها فرق سورية، تابعة بالأساس للنظام. بل على مكان حدوثه، وهو قطر التي كانت من الدول الأولى التي اعترفت بالائتلاف السوري المعارض، وفتحت سفارة له على أراضيها، باعتباره ممثلاً للسوريين. وهي لا تزال من أشد معارضي عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، على الرغم من الضغط الذي تمارسه أنظمة عربية عديدة باتجاه تمثيل النظام سورية في القمة العربية المرتقبة في الجزائر في مارس/ آذار المقبل.
قد يكون مفهوماً الغضب السوري من ظهور علم النظام ونشيده، لكن هناك مغالاة في التعبير عن الامتعاض، خصوصاً مع تجاهل أن الطرف المنظّم للبطولة ليس الدولة القطرية، والتي تقتصر وظيفتها على الاستضافة، فتنظيم "كأس العرب" هذا العام يقع على عاتق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). ومعروفٌ أن كل البطولات التي ينظمها هذا الاتحاد تتضمّن مشاركة المنتخب السوري الذي يمثّل النظام، على اعتبار أن الاتحاد السوري لكرة القدم هو العضو في "فيفا"، وليس أي طرف آخر. وبالتالي، فإن مشاركة المنتخب السوري في بطولة العرب طبيعية، وهو الذي يشارك أيضاً في تصفيات كأس العالم الخاصة بقارة آسيا، إضافة إلى البطولات التي ينظمها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. والأمر لا يقف عند حدود كرة القدم، بل في كل الألعاب الرياضية الأخرى، إذ شارك لاعبون سوريون في الأولمبياد في طوكيو يمثّلون النظام. والأمر نفسه في بطولات كرة السلة.
وفي الحديث عن كرة السلة، كان لافتاً قبل أيام قليلة غضب ناشطين سوريين كثيرين، ربما بعضهم شارك في الغضب أيضاً على رفع العلم وعزف النشيد في الدوحة، على اللغط الذي حصل في مباراة منتخبي سورية وكازاخستان في العاصمة نور سلطان ضمن تصفيات كأس العالم 2023 لكرة السلة. ففي المباراة عُزِف النشيد الإيراني بدل النشيد السوري في بداية اللقاء، ما أثار استغراب اللاعبين السوريين الذين ردّدوا نشيد بلادهم بأنفسهم. ولم يكشف المنظمون عن سبب الخطأ، وما إذا كان مقصوداً أم لا، وخصوصاً أن نور سلطان (أستانة سابقاً) استضافت مفاوضات كثيرة خاصة بالوضع السوري. وعلى الرغم من الاختلاف بين واقعتي الدوحة ونور سلطان، خصوصاً لجهة عزف النشيد الإيراني تحديداً، إلا أن سبب الغضب متعارضٌ بين عزف النشيد في قطر وعدم عزفه في كازاخستان، فلولا الخطأ الذي حصل في مباراة كرة السلة، لكان عزف النشيد السوري ورفع علم النظام بشكل مماثل لما حصل ويحصل في مئات المناسبات الرياضية التي شارك فيها ممثلون عن سورية، ومرّ مرور الكرام.
واضحٌ أن جوهر الاعتراض بخصوص ما يمكن تسميتها "واقعة النشيد والعلم" يكمن في حصولها في العاصمة القطرية، والتي لا يزال سوريين كثيرون يرونها من العواصم العربية القليلة التي لا تزال ملتزمةً بمقاطعة النظام السوري، وبالتالي إسقاط الأمر على تغيير في الموقف القطري من النظام، وهو ما نفاه وينفيه المسؤولون القطريون في أكثر من مناسبة. كان من المفترض أن يصب الغضب على الأطر السورية الكثيرة التي نشأت بعد الثورة السورية، وفشلت في تشكيل هيكل حقيقي يشغل مكان النظام في المحافل الدولية، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الرياضية.
المصدر: صحيفة "العربي الجديد"