الطريق- خاص
فاز الصحفي السوري، سلطان جلبي، بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة، دورة 2021، عن فئة التحقيق الاستقصائي، في تحقيق عنوانه: "تجارة الاعتقال في سجون ومعتقلات النظام السوري"
وجهد جلبي المقيم في تركيا، في شرح كيفية تمويل المؤسسات الأمنية نفسَها عن طريق ابتزاز أهالي المعتقلين أنفسِهم عبر شبكة من الوسطاء والسماسرة الذين يطلق عليهم اسم " المفاتيح"، "الاعتقال باهظ التكلفة، أن يكون لديك معتقل يعني أن تنكب اقتصادياً أيضاً ويتنعَّم مَن ظلمك بمالك..هذا ما يقوله والد أحد المعتقلين".
وبنى سلطان تحقيقه على عيِّنة إحصائية، متقصياً أحوال 100 حالة اعتقال للمواطنين السوريين على يد قوات النظام السوري، ومسلطاً الضوء على أسواق الابتزاز المالي المرافق لعمليات الاعتقال، حيث الزبائن عائلات يائسة مقهورة تبحث عن أبنائها المغيبين و "واجهتها وسطاء ومحامون، أمَّا باعتها الرابحون فهم عاملون في المؤسسات الأمنية والقضائية التابعة للنظام"
ويذكر التحقيق أنه من بين 100 حالة اعتقال أكدت 85 عائلة أنهم "تعرضوا للابتزاز المالي أو طُلِب منهم دفع أموال لفعل شيء لمحتجزيهم" وقد اضطرت 75 حالة أن تدفع حيث "قدمت عائلاتهم مئة وستين دفعة مالية، عبر وسطاء أو بشكل مباشر، إلى عاملين في سلكي القضاء والأمن، بعضهم دفع لمرة واحدة وبعضهم مرتين أو ثلاث، أمَّا أكثر عائلة فدفعت سبع مرات"
وعن مقدار الدفعات المالية المقدَّمة لفروع الأمن السوري، يوضح التحقيق أنَّ " الدفعات المذكورة حوالي 5 آلاف دولار أمريكي، وقيمتها الكلية قرابة ثماني مئة ألف دولار، وإذا ما تذكَّرنا أنَّ هذا المبلغ يمثل ما دفعه 75 فقط من الحالات المئة، يصبح وسطي تكلفة المعتقل أو المختفي أكثر من 10 آلاف دولار "
ومع ذلك، " ليس بالضرورة أن تجدي الأموال نفعاً في النهاية...فمن بين الحالات الـ100 أفرج النظام عن 41 منهم، سواء كإفراج بكفالة أو بعد انقضاء فترة العقوبة، بينما لم يخرج أحد بحكم براءة وإسقاط للتهم...فيما بقيت هناك 50 حالة أخرى لا تعرف عائلاتهم أي معلومات مؤكدة عنهم حتى الآن "
أمَّا بالنسبة للنظام المستفيد اقتصادياً من هذه التجارة الدنيئة بالمواطنين، فلا توجد لديه مشكلة في الإفراج عن العشرات أو المئات " فهو إن أفرج عن مئة اليوم يمكنه في اليوم التالي اعتقال مئتين لتبدأ الدورة من جديد...فمن يغلقها؟"
العائدات المالية لتجارة الاعتقال
ويشير جلبي في تحقيقه الاستقصائي إلى أنَّ التقدير الأدنى للعائدات المالية في تجارة الاعتقال تصل إلى " حوالي مليار دولار، وذلك على أساس قوائم الأسماء التي وثقتها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" لمواطنين مازالوا قيد الاعتقال والاختفاء القسري، ما بين آذار 2011 حتى آب 2019، لكن تلك القوائم لا تضم الأشخاص الذين نجوا أو قُتِلوا تحت التعذيب خلال تلك السنوات، كما لا تضم من لم تُوثَّق أسماؤهم.
أمَّا التقدير الذي يمكن بناؤه على أساس العدد الكلي للمحتجزين الحاليين والسابقين والمقدَّر بربع مليون شخص، فيطاول عتبة ملياري دولار.
يذكر أنَّ الصحفي السوري سلطان جلبي من مواليد مدينة القامشلي، وهو ثاني شخص من محافظة الحسكة يحصل على المركز الأول، بعد أن نالها الصحفي السوري أيمن الأحمد بجدارة عام 2015 عن فئة مقال الرأي، بالإضافة إلى فوز العديد من الصحفيين السوريين في أغلب الدورات السابقة.
وجائزة سمير قصير لحرية الصحافة هي جائزة يمنحها الاتحاد الأوربي سنوياً في ذكرى اغتيال الصحفي اللبناني سمير قصير في 2 حزيران/يونيو2005.
وتحظى هذه الجائزة التي أسسها ومازال يمولها الاتحاد الأوربي بتقدير واسع النطاق عالمياً، كونها من أعرق الجوائز الموزعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج.