الطريق - أحمد عبد الرحمن
تتجدد معاناة العوائل ذات الدخل المحدود في تأمين تكاليف مواد التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء من كل عام، خاصةً النازحين المقيمين في مخيمات محافظة إدلب شمالي سوريا، مما يدفع الكثير منهم للبحث عن حلول بديلة وبكلفة أقل.
منير العوض نازح من جبل الزاوية إلى المخيمات الحدودية مع تركيا يقول لـ"الطريق": إن المازوت، والحطب، وقشور اللوزيات لم تعد حلاً للتدفئة بسبب ارتفاع أسعارها، تزامناً مع اقتراب فصل الشتاء، موضحاً أنه سيعتمد هذا العام على مادة الفحم الحجري.
ويقول العوض :"طبعاً النوعيات الرديئة منه ذات السعر المقبول"، وذلك لعدم قدرته المادية على شراء ما هو أفضل صحياً وأكثر دفئاً.
وسجلت أسعار مواد التدفئة في مناطق الشمال السوري ارتفاعاً ملحوظاً قبل دخول فصل الشتاء، حيث يتراوح الطن الواحد من الحطب والفحم والقشور بين الـ 130 ، والـ 170 دولار أمريكي بحسب المادة وصنفها، بينما وصل سعر المازوت المستورد إلى 175 والمكرر البدائي المحلي إلى 125 دولار للبرميل الواحد، في ظل ارتفاع محتمل للأسعار خلال الأيام المقبلة، وزيادة الطلب عليها.
بينما توقعت هدى الأبرش وهي أرملة خمسينية مهجرة من ريف حماة الشرقي تقيم في مخيم حربنوش شمالي مدينة إدلب، أنها ستعيش شتاءً قاسياً مع أحفادها الأيتام الخمسة على غرار العام الفائت بسبب عدم تلقيهم أي دعم ومساعدة بمواد التدفئة من قبل المنظمات حسب ما قالته لـ"الطريق"، مما أجبرها على شراء الأحذية والألبسة التالفة والمهترئة (البالة) التي لم يتمكن البائع من تصريفها، بأسعار رمزية ومقبولة.
ونتيجة الظروف القاسية التي فرضتها وقائع الحرب على السوريين منذ سنوات عدة، أصبح من المستحيل الحصول على محروقات التدفئة الأساسية التي لا تتسبب بالحرائق والأمراض مقارنةً بالمواد والوسائل التي يعتمد عليها الكثير من الأهالي اليوم.
قلة الدخل وارتفاع الأسعار دفعت "إبراهيم الحسن" لشراء كل شىء يجد سعره مناسباً أثناء ذهابه وعودته من عمله، يقول الحسن إنه تمكن من شراء وتأمين العديد من الأكياس المعبأة بالبيرين (خشب الزيتون) والفحم والعيدان الرفيعة التي يجمعها الأطفال من الجبال والأراضي الزراعية، ليقوموا بعرضها للبيع على الطرقات بهدف إعالة عائلاتهم.
نزح إبراهيم من ريف حماة الشمالي منذ أربع سنوات مع أسرته وأخته وأمه المسنة إلى مدينة إدلب، إذ كان يعتمد قبل نزوحه على مادة الحطب في تدفئة منزله، لكنّ الغلاء الذي طرأ على تلك المادة وغيرها، جعله يعتمد مواد متعددة رغم الأضرار التي من المحتمل أن تلحق بأهل بيته، خاتماً حديثه ‘‘النار بتاكل كلشي والمهم ندفى’’.
وتزداد الحرائق في مخيمات النازحين بشكل كبير خلال فصل الشتاء، نتيجة استخدام مواد خطرة في التدفئة كالفيول والفحم والبلاستيك والنايلون ومخلفات قماشية وأحذية، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، في ظل ضعف الخدمات في المخيمات واكتظاظها، والتي يبلغ عدد النازحين فيها أكثر من مليون مدني.